مصر (الكنانة) تعامل السودانيين اللاجئين إليها كسياح وتمنحهم الإقامة بغاية من الصرامة محسوبة بالثانية والدقيقة

 


 

 

مصر (الكنانة) تعامل السودانيين اللاجئين إليها كسياح وتمنحهم الإقامة بغاية من الصرامة محسوبة بالثانية والدقيقة ، أما الشعب المصري ورغم شظف العيش فقد رأينا منهم قمة التعاطف والتآلف ويكفي تبسمهم في وجوهنا وادراكهم الكامل لهمومنا !!..

توجهت لقسم الجوازات اليوم الخميس الموافق السادس من يوليو لتضع السلطات علي جوازي مدة الإقامة التي يرونها تناسب قوانينهم في حق الأجنبي ولاغبار علي هذا الإجراء فالدول كلها فيه سواء !!..
كنت اعتقد حتي هذا اليوم الخميس السادس من يوليو إن هنالك ما يسمي بشمال الوادي وجنوب الوادي والشعبان فيهما يحلو للبعض تسميتهما بأبناء النيل ويجمع مابينهما كل ماهو نبيل والمصاهرة والعادات والتقاليد المشتركة والتاريخ الضاربة جذوره لآلاف السنين !!..
وصلت تحديداً لقاهرة المعز ووجدت علي جواز سفري إن تاريخ دخولي لبلدي الثاني الذي هرولنا إليه من حرب الجنرالين كان السادس عشر من مايو ، لكن اوراق الجواز لم تكن تحمل مدة الإقامة المسموح لي بها وأدركت أنه من الحكمة إن اراجع الجوازات وانال الإقامة حتي اعيش مرتاح البال بين أشقائي في مصر المحروسة وكنت علي ثقة تامة إن الجهات المسؤولة وهي وكل العالم يعرفون الظروف التي تركنا فيها بلدنا الحبيب كنت اعتقد انهم سيتكرمون علينا بالإقامة من غير تحديد حتي ينجلي هذا البلاء الذي عم جميع مدن وبوادي أرضنا الطيبة بما في ذلك العاصمة المثلثة التي احالها الجنرالان الي كتلة من رماد والعالم يتفرج وكلهم ( فالحين فقط في الشجب والاستنكار ) والمبادرات العبثية التي لا فرق بينها وبين الحرب اللعينة ذاتها والمنظمات الدولية والإقليمية التي تهتم بالحرب الأوكرانية ونحن بالنسبة لهم لسنا من الأهمية بمكان حتي صرنا في خبر كان !!..
حسبت المدة التي قضيتها بعد الوصول والتي كانت من غير إقامة مسجلة في الجواز وجدتها وكانت بالضبط شهر وثلاثة اسابيع يعني بالحساب الصحيح اني لم اكمل شهرين إقامة في الجارة العزيزة !!..
وناولت جوازي في الكاونتر والمعاملة تمت في اسرع من البرق واستلمته لاتصفحه في الخارج حيث الهواء الطلق وكانت المفاجأة التي لا تسر صديقا أو عدوا لقد وجدت في الجواز داخل الختم الرسمي مكتوباً إقامة مسموح بها حتي السادس من أغسطس !!..
طبعا هؤلاء القوم الذين هرولنا الي بلادهم في ظروف استثنائية غير خافية عليهم ورغم الظروف الضاغطة نزلنا أرضهم بحر مالنا ولم نطلب شفقة ولا إحسانا رغم الغلاء الطاحن الذي وجدنا فكه المفترس مكشرا أنيابه نحونا ولا تسل عن الشقق السكنية التي تضاعفت للعشرات ترحيبا بمقدمنا الميمون!!..
وللحقيفة والتاريخ فإن غلاء الشقق السكنية لهذا المستوي غير المنطقي أو المعقول والمبرر تسبب فيه بعض أبناء السودان من السماسرة الذين حضروا لمصر لاستعراض مواهبهم في الغش والكذب وأكل مال الناس بالباطل غير مبالين بما سببوه في بلدهم من جراح وجرائم من أجل المال الحرام وحتي بعد كل هذا الذي حصل لبلادنا الغالية من كوارث نجدهم في غيهم ماضون وقد ماتت عندهم الضمائر لأن كل همهم تشييد العمائر والتطاول في البنيان !!..
سلطات الجوازات حسبت لنا المدة التي اقمناها مابين الوصول لبلدهم وذهابنا إليهم لنعرف كيف يكون التعامل مع بشر خرجوا من ديارهم في أحلك الظروف ووجدنا إن الإقامة تنتهي في السادس من أغسطس القادم أي بعد شهر بالضبط وهذا يعني ان الإقامة التي سمحوا لنا بها هم ظنوها ثلاثة أشهر ولكن بحساب الثانية والدقيقة فإن اقامتنا في مصر العربية الشقيقة هي ثلاثة أشهر إلا أسبوعا وبعد السادس من أغسطس يمكن لعسكر الجوازات إن يداهمونا في الشقق السكنية وفي الأسواق والشوارع والحافلات وان ينزلونا منها مخفورين الي معسكرات الترحيل حيث ( البهدلة التي مابعدها بهدلة ) في حالة تشبه ( الكشات ) التي تداهم الخالفين والمتخلفين بعد الفراغ من الحج والعمرة !!..
ولكن رغم هذا العذاب والألم الممض الذي نكابده نحن معشر السودانيين بعد حرب الجنرالين فينبغي إن لانلوم إلا أنفسنا وقد كنا شهداء علي الدعم السريع ينال من الرعاية والتدليل من المخلوع ومن قيادة الجيش ولم يكن لنا موقف ولا راي في كل هذه الاوضاع المغلوبة وتطورت الأمور كما تعرفون وبلغ الأمر المرحلة الاشد خطورة وتحارب جيشان أحدهما نظامي والآخر مليشيا صارت رديفة للقوات النظامية ورأينا جنرالين أحدهما صار رئيساً للبلاد بوضع اليد والزناد والآخر بحكم الصداقة للقيادة العسكرية صار النائب !!..
والحرب التي حيرت العدو والصديق ضحيتها الحصري هو المواطن الذي تنكر له العالم والأشقاء والأصدقاء وكنا نظن نحن كلاجئين في مصر إن السلطات ستعاملنا علي طريقة ( حللتم أهلا ونزلتم سهلا ) ويبدو أننا صرنا عبئا ثقيلا على أنفسنا وعلي العالم ودول الإقليم وعلي الرسميين المصريين ، أما شعب مصر المحروسة فلالوم عليهم ولاتثريب وفي هذا اليوم كنا في ضيافة مصري شقيق يحب بلادنا بصدق وقد كان هو وأسرته غاية في الكرم ولم يكونوا أقل من اهلنا الطيبين المضيافين وهذا هو العزاء فإن الشعوب تحترم الشعوب لأنهم كلهم في الهم شرق أما القيادات وفي كل بلادنا العربية وبلاد العالم الثالث فقد ظلت مستعصمة ببرجها العاجي وصارت ( آخر من يعلم وماجايبة خبر ) !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
لاجئ بمصر .

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء