قمة القاهرة وورطة مليشيا الدعم

 


 

 

قمة دول جوار السودان كانت مخالفة تماما لقمة الإيغاد من ناحية الشكل و المضمون، كانت القمة منذ الكلمة الأولي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد حددت اتجاهها، أن تحافظ على وحدة السودان، و منع أي تدخلات خارجية، و اتساع دائرة التفاوض بين السودانيين، و أنها تلتزم بثوابت الدولة السودانية. و قال الرئيس الاريتري أسياس أفورقي في كلمة قصيرة مرتجلة "يجب عدم السماح للأطراف الدولية بالتدخل في الشأن السوداني الداخلي، و أضاف لا نؤيد أطراف داخلية في السودان تتعامل مع الخارج، و لابد من منع تدخلات تحت أي مسمى و يجب وضع حد لكل هذا، و أضاف يجب أن توقف الحرب و يدخل كل السودانيون في تفاوض لكي يحلوا فيه مشاكلهم. و لم يخالف هذه الرؤية كل الرؤساء، إلا إبي أحمد الذي تحدث عن فراغ سلطة و لكنه لم يشير لبقية الحديث الذي كان قد أدلى به في اجتماع اللجنة الرباعية للإيغاد حيث تطرق لحظر الطيران الحربي و استخدام المدافع الثقيلة، حيث كانت كلمات الرؤساء جميعها تذهب في اتجاه إيجابي.
كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية عبارة عن خارطة طريق للبيان الذي يصدر من القمة، بدأها الحفاظ على سيادة السودان و عدم التدخل الخارجي في شؤونه. أن قمة القاهرة اعطت أجواء إيجابية للسودانيين لحل المشكل. في الوقت الذي تعاني منه مليشيا الدعم السريع خاصة بعد اتهامها من قبل المحكمة الجنائية الدولية أنها قامت بإبادة جماعية ضد أبناء المساليت في الجنينة، حيث وجد 87 جثة في مقبرة واحدة، هذا الاتهام يتطلب تحقيق مع قيادات المليشيا، و بالتالي سوف يقنع الكثير منهم أن يتركوا سلاحهم حتى لا يكون في دائرة الاتهام. كما فضح مقولات أن المليشيا تقاتل من أجل حكم ديمقراطي، رغم أن المليشيا كونتها الإنقاذ لكي تكون أداة قمعية ضد الشعب، و حديث السياسية ظهر في خطاب قادتها بعد ثورة ديسمبر 2018م ، القضية أخرى أن أي تفاوض بين قيادة الجيش و مليشيا الدعم يتطلب حضور قائد المليشيا الذي لم تثبت الأقوال المتضاربة إذا كان حيا أو ميتا. و هذه المفاوضات لا تقبل جلوس أي عنصر بوظيفته السياسية، و هنا سوف يظهر إذا كان قائد المليشيا حيا أو قتل في أحدى المعارك هو و أخيه. في الجانب السياسي كيف يستطيع مستشار حميدتي يوسف عزت أن يقنع شعوب الدول الخارجية بأن مليشيا الدعم بتقاتل من أجل تحقيق الديمقراطية بعد أتهام كل منظمات حقوق الإنسان بأنها ارتكبت جرائم إبادة جماعية.
القمة قد أثبتت للشعب السوداني من هم الأصدقاء الذين يجدهم في الأزمات، و المؤامرات التي تحاك ضد السودان، و تعمل إلي تقسيمه، و الذين يقفون معه صفا واحدا سندا له للخروج منها منتصرا، أن خطابي رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد أكد أن الرجل ساعي بكل قوته من أجل أن يحصل تدخل خارجي في السودان، و ما هي المصلحة التي يريد أن يحققها من هذا التدخل، أم هو عمل مدفوع الأجر من دولة أخرى. و نسي أبي أحمد أن السودان طوال العقود الماضية يحتضن أكثر من ثلاثة مليون أثيوبي يعيشون في السودان دون أن يصيب أي أّى أو مكروه بل كانوا يتعاملون مثلهم مثل السودانيين. و نعلم أن حميدتي دفع تكلفة حملة الرئيس الكيني في الانتخابات و تربطه به علاقات تجارية في استغلال ذهب السودان، و كان موقف الرئيس اليوغندى موقفا جيدا عندما ذهبت إليه حفنة صغيرة من السياسيين طالبين توصيله للسلطة، و قال لهم سوف اتصل بالبرهان و حميدتي لكي يوقفا الحرب. و حتى لم يحضر اجتماع رباعية الإيغاد.
أن هذه الحرب التي لها أطراف في الخارج أثبتت أن السودان يتعرض إلي أكبر مؤامرة في تاريخه الحديث منذ تكوينه في 1821م و أن الدول التي لم يبخل السودان في إرسال ابنائه للقتال من أجل حمايتها، و ادلفاع عنها هي التي تحيك عليه المؤامرات و الدسائس و تسعى من أجل تقسيمه، و الغريب في الأمر أن هذه الدول استعانت بأيادي داخلية لكي تنفذ مؤامراتها، حيث أصبح الآن تخرج المعلومات أن السودان بعد ثورة ديسمبر و في الفترة التي جاء فيها حمدوك رئيسا للوزراء فتح أكثر من 37 مكتبا للمخابرات الخارجية في كل من الرياض و نمر2 و حي العمارات و المعمورة، و كل هؤلاء يتحركون في العاصمة المثلثة دون أي سؤال من الجهات الرسمية السودان أول دولة تضرب عرض الحائط بقانون فينا للعمل الدبلوماسي، يتصلون بالسياسيين و رجال الأعمال و الناشطين كأن هؤلاء هم الذين يديرون العملية السياسية في البلاد.
و يشير عدد من الاقتصاديين و الماليين السودانيين؛ ما بين خمسة إلي ثمانية ترليون جنيه سوداني لا تدخل في الدور الاقتصادية للبلاد، كل هذه الأموال كانت شغالة في مجال التهريب، و خاصة الذهب و الصمغ العربي إلي جانب العمل في المخدرات و الاتجار بالبشر و غيرها، لذلك أصبح السودان مرتع عربدة لاعداد كبيرة من دوائر الاستخبارات الأجنبية، أغلبية دول الجوار تستفيد فائدة كبيرة جدا من ثروات البلاد في الوقت الذي يعاني فيه المواطن في جميع او المعيشة و الخدمات، و يجب أن يكون ابناء البلد قد استفادوا من هذا الدرس الذي أدى للحرب بسبب الشجع الاحتكارية و استغلال فئة ضعيفة لثروات البلاد.
أن أي حل سياسي لا يمكن أن ينحج، إذا ظلت المليشيا باقية، يجب أن يكون هناك جيشا واحدا هو وحده الذي يمتلك السلاح. و القوى السياسية يجب عليها أن تخلق حوارا جامعا دون أي شروط مسبقة، و تشرع على تأسيس عملية التحول الديمقراطي، و القوى السياسية تقدم مشاريعها الانتخابية للجماهير لكي تنال ثقتها، و أي محاولة من أي قوى لفرض رأيها سوف ترجع البلاد مرة أخرى لمربع الحرب. و الحوار يجب أن يكون سوداني خالصا. السودان ليس روضة اطفال حتى يتم تعين رباعية و ثلاثية و منظمات و غيرها، الذي يريد أن يدخل العمل السياسي يجب أن تكون سنده الجماهير، و ليس قوى دولية. بعد هذه الحرب الشرسة يجب أن لا يسمح لهؤلاء التدخل في شؤوننا الداخلية. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء