عامل صحة بسيط صار جنرالا تخضع له الفرسان

 


 

 

عامل صحة بسيط صار جنرالا تخضع له الفرسان تباري الشعراء في مدحه وسارت ب ( ياذا الفخار والطول الركبان ) ... ( شفت كيف الشغل يا إنسان السودان يفوتك القطار وانت تحلم يقظان !!..

في بلد آسيوي سلاحه الطبي في عهدة جنرال قمة في الغطرسة والجهل و ( الغتغتة ) و ( البلطجة ) والكذب والتدليس...
قرع باب مكتبه يوماً شاب من النحافة بمكان عليه اثمال عفي عليها الزمن وفوقها عمامة لونها تنفر منه النفس ، خشنة تجرح الخاطر والجسد وينفر منها الذوق السليم !!..
هذا الجنرال الذي هو اثقل من ( القندران ) لم يخطر بباله ان يستدعي مدير مكتبه ليوبخه بسبب هذا المتطفل الواقف وراء الباب وقد تخطي كل نقاط الارتكاز ولم تعريه الكاميرات ولا ضبطته المخابرات !!..
قام من كرسيه الدوار الواسع الذي يكفي لايواء عمارة من عدة أدوار وبيد مضطربة وقلب لاهث أدار المفتاح وتفرس مليا في الفتي وما به من غرابة مثل أهل الصحراء والغابة ... الجمته المفاجأة وارتعدت فرائصه واهتز شاربه الكثيف وتحول في ثواني من زئبق الي هليوم من غير سبب معلوم غير آن هذه المصيبة التي أمامه ارجعته الي وزن الريشة بعد ان كان قيامه وجلوسه تساهم فيه ( العفريتة ) ... قال وهو غائب عن الوعي تماما :
( تفضل ) وافسح له الطريق وأشار إلي كرسي مخصص لكبار الزوار... وجلس الفتي ولم ينبس ببنت شفة ولم يلق باي تحية ولم يفصح عن نفسه وهذا النفر كما تعلمون ليس لهم هوية فالعالم عندهم صحراء مفتوحة يبيتون حيث ينتهي بهم المسير ويعيشون علي النذر اليسير وإذا جاعوا تحولوا الي وحوش كاسرة لا يبالون كم قتلوا وسحلوا ونهبوا وحرقوا فهم بلا وطن وبندقيتهم موظفة لمن يدفع أكثر ولا تتحري عن القضية فهذه الفكرة لاتشغلهم لأنها ثانوية فالاولوية عندهم اليوم خمر وغدا أمر مثل صاحبهم الضليل !!..
أخيراً تنبه سعادته وعادت إليه رباطة جأشه وخرجت منه حشرجة مثل الثور المذبوح :
( انت منو وعايز شنو ) ؟! ولم يعرض عليه أي ضيافة وكل همه إن يسمع ولو حرف من هذا اللغز الذي يجلس في مكتبه ووصل إليه وقد عجزت كل رادارات السلاح الطبي إن ترصده في شاشاتها وحتي مدير المكتب الغبيان فات عليه هذا التسلل في وضح النهار ... وعندما ناداه الفريق أول أركان حرب قائد السلاح لياتيه بخبير في لغة الإشارة لم يصدق نفسه وقد ظن ان الاستدعاء بسبب التقاعس في الأداء والغفلة عن الذين يأتون من غير استئذان وهو يري كائنا غريبا جالساً في اطمئنان مع السيد الكمندان !!..
سرعان ما وصل خبير الإشارة لبدء المباحثات مع السلطة المختصة التي عجزت ان تفهم لغة هذا الشخص الغريب هذه اللغة التي لايوجد مثلها في آسيا ولا اي لغة في العالم والأرجح أنها لهجة بدائية من مخلفات ساكني الكهوف قبل اكتشاف الحروف !!..
بعد خد وهات ومحاورة ومناورة استطاع اختصاصي لغة الإشارة إن يوصل للجنرال إن ضيفه يبحث عن عمل !!..
لم تمض ايام علي الزيارة أصبح مألوفا لدي العاملين في هذا المرفق الطبي العسكري بضباطه من مختلف الرتب وافد جديد ليس بجندي ولا عسكري وحتي ينسجم وضعه مع البيئة البسوه ماكان يعرف زمان بزي ( الكديت ) وقد تقلد وظيفة عامل نظافة بدرجة ( فراش ) مهمته كنس المكاتب وتعقيم الحمامات والتقاط النفايات حيثما وجدت وإرسالها الي الصناديق المخصصة !!..
كان طموحه اكبر من ان يسجن نفسه في عمل روتيني يعرضه للخطر واجتهد بما عنده من تطلع ولازم زملائه من الممرضين وشرب منهم الصنعة وصار حازقا في ضرب الحقن وقياس الضغط وغيار الضمادات لاعتي الجروح وكان أحيانا يشاهد في العملية الصغري يساعد أطباء الامتياز ...
رجع الي سعادته وأفصح له عن رغبته في ان يغير مسمي وظيفته الي ممرض وهو جاهز للامتحان ...
طبعا امتحنوه شفهياً عن طريق اختصاصي لغة الإشارة وهذه المرة تحسن مستواه في لغة البلاد وقد تعامل كل هذه السنين مع المرضي والمسؤولين علي أساس أنه أبكم وقد لمس فيه الجميع ذكاءا متقدا تحدي به الأطباء ولم يبخلوا عليه بالولاء وتقدم الي ان توج نفسه طبيب امتياز يقوم بعمله خير قيام ولم يدخل كلية طب ولم يدرس حتي عند طبيب اعشاب أو أي طبيب بلدي يعالج الكسور وآلام المعدة والقولون وأوجاع الظهر والمفاصل وهلم جرا...
وجاء يوم رأي فيه الرئيس القائد ان يسجل زيارة للسلاح الطبي الذي تغير كثيرا ولاحظ المرضي والزوار إن معظم العاملين فيه ينتمون لقبيلة بعينها والمدهش إن قائد السلاح كانت رتبته اعلي من رتبة السيد الرئيس فما كان منه وعلي حسب التراتبية إن القي بالتحية العسكرية لقائد السلاح الطبي الجديد الذي لم تحتوي أي كلية حربية علي اسمه ولم يتخرج في كلية اركان ولكنه كان عنده طموح وتراكم عنده المال وكون جيشا بمساعدة جيش البلاد ولما راي إن الكتوف اتلاحقت أعلنها حرب شعواء علي الاصدقاء والنار ولعت بين الجنرالين في قارة آسيا ومازال العالم فاغرا فاه ليس بسبب الحرب ولكن بسبب جنرال لايفك الخط صارت تخضع له الفرسان !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
لاجئ بمصر .

ghamedalneil@gmail.com
///////////////////

 

آراء