للخروج من دولة التقهقر الي الوراء

 


 

د. حسن بشير
8 August, 2023

 

الدولة السودانية كانت تاريخيا من اكبر معوقات التنمية سواء عبر السياسات الكلية والقطاعية غير المواتية أو عبر البنية التشريعية والقانونية والمؤسسية وصولا لدولة الانقاذ التي مارست التمكين لمنسوبيها لدرجة تدمير مشاريع ومؤسسات كبرى كمشروع الجزيرة، السكك الحديدية والخطوط الجوية السودانية علي سبيل المثال لا الحصر، بل ان الأمر وصل بنظام الانقاذ للموافقة علي فصل الجنوب بدون ثمن في سابقة من الغباء المتكامل الذي لا مثيل له، وكان ان فقد السودان أهم مصادر تمويل الموازنة العامة واهم مصدر للنقد الاجنبي مما ادى لانهيار الاقتصاد السوداني، اضافة بالطبع لكارثة الفساد إلذي اصبح فسادا هيكليا مؤسسيا مرتبط بنظام الحكم وبما عرف بمصطلح (الدولة العميقة) الذى من مكوناته الاساسية الاجهزة العسكرية والامنية والمليشاوية التي اكبرها الدعم السريع.
بتسيس تلك المكونات وانخراطها في العمل السياسي والاقتصادي والتجاري وبفضل سياسة التمكين تكونت المجموعة الكليبتوغراتية kleptocracy التي تعمل خارج القانون وهي المجموعة المنخرطة الان في الحرب.
هذه المجموعة لا رجاء منها واي تصالح معها والسماح لها بالمشاركة في الحكم سيعني استمرار السودان في مأزق التخلف وانعدام التنمية وبالتالي انعدام العدالة الاجتماعية مما يعني التأسيس لتوريث الفقر واستدامة الحروب والنازعات.
وهذا ما يجب ان يؤخذ في الحسبان في مسار ايجاد اي حل امن ومستدام لمحنة السودان، وهذا الحل يجب ان يصطحب العوامل الاجتماعية والاقتصادية ذات العلاقة بالتنمية المتوازنة والمستدامة ذات الارتباط بمعالجة المظالم التاريخية واحتواء مرارات الحروب والنزاعات التي وصلت لحد التطهير العرقي. بالتالي من الضروري تجنب التسويات السطحية التي تتعامل مع اعراض المرض دون تشخيص اسبابه ووضع الدواء الناجع له، اذ ان جميع ما جري وما يحدث هو نتاج لتراكم الكثير من العوامل التاريخية في مسار تكون الدولة السودانية الذي هو عبارة عن تاريخ من التقهقر المستمر الي الوزراء.

mnhassanb8@gmail.com

 

آراء