عندما تعجز التصورات عن التغيير يتطلب الامر ثورة فكرية
د. الهادي عبدالله أبوضفآئر
2 September, 2023
2 September, 2023
abudafair@hotmail.com
لتأسيس سودان جديد لابد من تغيير منهجيات التفكير. كل تغيير يحدث على ارض الواقع لابد ان يسبقه تغيير في الأفكار، شحن رصيد الافكار للقيام بثورة ضد التصورات المضطربة والتشوهات التى قادت إلى الحروب والدمار ضرورة حتمية، لانها تسلط الضوء على علل التفكير السلبي وتعيد ترتيب الأفكار، فتضخ شراين المخ أكسجين الابداع في العقول، فيعود نظام التشغيل، وتختفي أستراتيجية الاسود والجواميس، فالاسود تصطاد في المساحات المفتوحة أو بالقرب من مورد المياه، تتقدم لمسافة قصيرة لعزل الفريسة والانفراد بها، طريقة هجوم الاسود ودفاع الجواميس لن تتغير ولم تتبدل إلى ان تقوم الساعة، لانها الغريزة، فالمجتمعات التي فقدت القدرة على التفكير واستخدمت استراتيجية الاسود والجواميس يستحيل أن تنهض.
تقسيم الناس إلى صديق وعدو ليس إلا مظهراً من مظاهر النزيف الداخلي للافكار، تجهيز غرف الاسعاف ومعامل الفحص ضرورة لاكتشافه. من المعضلات الكبرى اننا لم نهتم بتفكيك ما رسخ في الاذهان. بخروج المستعمر، رفعنا علم السودان، ولم نولي تفكيك العقلية اهمية (فرق تسد) عقلية المستعر التي أنشئت كلية غوردون لخدمته، وخلق طبقية في المجمتع، وفرق بينهم لمجتمع تقليدي واخر حديث، هذه العقلية ورثناه من المستعمر، بمجرد دخول الجامعة، تخصص جزء كبير من دخل الاسرة للطالب وقد يطلب المزيد، الكثير لا يفكر بأنه اصبح رجل راشد وعليه أن يعمل ويساعد والديه لتعليم اخوانه الصغار، ولكن في ذهنه كيف لطالب جامعي ان يشتغل بالاعمال الهامشية، وكيف يقنع ريا وسكينة، بأنه طالب مثقف، واذا سئل من اين؟ قد ينكر القرية وينتسب لاقرب مدينة له، اهل القرى يقدمون التقدير الاحترام، بالمقابل الكثير لا يقدم سواء الاستعلاء والترفع، وبعد التخرج من اشتغل أو اغترب، لن يخرج من دائرة خدمة نفسه واسرته الصغيرة، قد لا يكترث لخدمه وطنه وقريته، مثل هذه العقلية تصنع الأنانية، ولا تفرق كثيراً عن عقلية تجار السلاح ليس لهم اي مصلحة في انهاء الحروب.
مجاري الوديان دوماً تنبه المياه للمسارات الصحيحة، هل قادنا الثورة للمسار الصحيح، قدمنا شهداء كان حلمنا ان نرى ملامحهم تسري في جسدنا المثخن بالجراح، ولكن بنفس العقلية أصبحت ثورة ديسمبر جسم بلا رأس. ضاعت ثورة اكتوبر وابريل من قبل، ثورة ديسمبر في النفس الاخير، لان كل الرؤوس التي ركبت على جسدها كانت اصغر منها، أنشأنا لجنة إزالة التمكين، فكان همها استرداد الاموال والبيوت والارضي ولكن لم يفكر احد في تفكيك العقلية، فأصبحت اللجنة نفسها تمارس التمكين بلا وعي، فالكوزنة سلوك، أغلبية الثوار اصبحوا يمارسون نفس سكوك الكيزان، فلا فرق بين سلوك الجنجويد وضربهم للكنداكة في ميدان الاعتصام، والثوار في جامعة سنار بضربهم لثائر مثلهم وكذلك الثوار في الميادين وفي مصر وضربهم لاحد كوادر الحرية والتغيير، هذه العقلية مرفوضه، نختلف سياسياً ولكن يجب أن يكون اداوت الاختلاف صدر واسع وعقل منفتح، لا سواعد قوية. فالاختلاف سنة حياة والاتفاق مجهود عقل، فالمعايير الاخلاقية ليست شكلية بل عمليه، فاذا افرغ السلوك من محتواه الاخلاقي فلا قيمة له، فالمعركة بين الثوار اكثر تكلفة من تقويض نظام مستبد. بوحدتنا اسقطنا نظام البشير في وقت وجيز ولكن فشلنا لسنوات عدة في تكوين حكومة رشيدة، فأصبح الطلاق بيننا بائناً بينونة كبرى يستحيل معه استمرار العيش تحت سقف واحد.
جاء ثلة من الانقاذيين للحكم وهم يدعون احياء شرع الله التى اماتها الفئة الباغية، لكن في الواقع قربوا الفقهاء واجزلوا لهم العطاء تظاهروا بالخشوع لله في ظاهرهم، برعوا في جلد الفتيات وقطع ايدي الفقراء، تراهم يبكون في المساجد، ثم يخرجون منه اكثر رياء كما دخلوه، يمارسون حياتهم اليومية ويتصرفون علي ضوء ما تمليه عليهم دولاب الدولة، فأضحي التغيير ظاهرياً لا فعلياً، يفعلون ما يشاؤون في ابراجهم العاجية لان القوة والمال بيدهم (هي لله)، تركوا الزهد والتقوى جانباً، عند قيام الليل يبكون وعلى كرسي السلطة يطغون واذا أؤتمنوا على المال العام يسرقون، وفي دواوين الحكم لا يختلفون عن هامان وقارون، مثلهم مثل الذئب الذي يعظه صاحبه إياك واغنام الناس يسمع الوعظ مطأطئ الرأس وفي قبله اسرع هناك كمية الأغنام. لان هذا الوعظ يخالف طبيعته التي جبل عليها، يمارسون ازدواج الشخصية، واحدة للمسجد وأخرى للجري وراء اهداف الحياة بلا قيود. لا غضاضة من دخول المسجد ما دام ذلك لا يمنعهم من أكل المال العام، فالواعظ الذي يخوفهم من نقمة الله وحده لا ضير، لكن الذي يخوفهم من الشعب يصبح مصيره مع الخائنين، ازدواجية المعايير مألوفة في وطننا المثقلة بالجراح، فهل زمن ازدواجية المعايير قد ولّى؟!.
الدين عندالله واحد ولكن الفقهاء جعلوه متعدد، صوروا لنا النفس البشرية كقطعة قماش مجرد غسلها تزول منها الأوساخ، لكنها اكثر تعقيداً تخالف التفكير الافلاطوني، فيها الأنانية والعنصرية والحقد والحسد، لكننا كسودانين تميزنا عن غيرنا فأضفنا للعنصرية رافد جديد، تميز اصحاب البشرة السواء ضد أصحاب البشرة الاكثر سوداً، هذه الاختلالات لا يمكن أن تعالج بالوعظ والارشاد، كتير من الفقهاء، يعظ الناس اتقوا الله، هذبوا انفسكم، نظفوا قلوبكم، قد يكون نفسه اكثر حسداً وأنانية وشهوة، تجدهم لحظة الوعظ يبكون ولكن بخروجهم يفعلون ما يشتهون، اذن لابد من فهم النفس البشرية وما جبل عليها، والطبيعة التي نشأت فيها، فهي كغيرها من ظواهر الكون تعمل وفق نواميس معينة، لا يمكن ان تكون ملائكية خالية من الحسد والأنانية والشهوة والخطأ، الضمير لا يمنع ارتكاب الخطأ ولكن يمنع التلذذ به. ولا حيوانية تعمل بالغريزة، فالطبيعة البشرية فيها الخير والشر، علينا أن نعترف ببشريتنا ونتصالح مع انفسنا، ونقبل تنوعنا، ونعمل على ضوء الجبلة التي نشأنا عليها وقتها تضيء لنا الطريق وتنزوا فينا نزعة الظلام، دعونا نضع ايدنا فوق بعض ونجعل من الحرب علاجاً فعال لازمة الندم التدريجي في المسار الخطأ، ويكون شعارنا، طالما في الروح نفس عزة وطنا محال تموت.
abudafair@hotmail.com
لتأسيس سودان جديد لابد من تغيير منهجيات التفكير. كل تغيير يحدث على ارض الواقع لابد ان يسبقه تغيير في الأفكار، شحن رصيد الافكار للقيام بثورة ضد التصورات المضطربة والتشوهات التى قادت إلى الحروب والدمار ضرورة حتمية، لانها تسلط الضوء على علل التفكير السلبي وتعيد ترتيب الأفكار، فتضخ شراين المخ أكسجين الابداع في العقول، فيعود نظام التشغيل، وتختفي أستراتيجية الاسود والجواميس، فالاسود تصطاد في المساحات المفتوحة أو بالقرب من مورد المياه، تتقدم لمسافة قصيرة لعزل الفريسة والانفراد بها، طريقة هجوم الاسود ودفاع الجواميس لن تتغير ولم تتبدل إلى ان تقوم الساعة، لانها الغريزة، فالمجتمعات التي فقدت القدرة على التفكير واستخدمت استراتيجية الاسود والجواميس يستحيل أن تنهض.
تقسيم الناس إلى صديق وعدو ليس إلا مظهراً من مظاهر النزيف الداخلي للافكار، تجهيز غرف الاسعاف ومعامل الفحص ضرورة لاكتشافه. من المعضلات الكبرى اننا لم نهتم بتفكيك ما رسخ في الاذهان. بخروج المستعمر، رفعنا علم السودان، ولم نولي تفكيك العقلية اهمية (فرق تسد) عقلية المستعر التي أنشئت كلية غوردون لخدمته، وخلق طبقية في المجمتع، وفرق بينهم لمجتمع تقليدي واخر حديث، هذه العقلية ورثناه من المستعمر، بمجرد دخول الجامعة، تخصص جزء كبير من دخل الاسرة للطالب وقد يطلب المزيد، الكثير لا يفكر بأنه اصبح رجل راشد وعليه أن يعمل ويساعد والديه لتعليم اخوانه الصغار، ولكن في ذهنه كيف لطالب جامعي ان يشتغل بالاعمال الهامشية، وكيف يقنع ريا وسكينة، بأنه طالب مثقف، واذا سئل من اين؟ قد ينكر القرية وينتسب لاقرب مدينة له، اهل القرى يقدمون التقدير الاحترام، بالمقابل الكثير لا يقدم سواء الاستعلاء والترفع، وبعد التخرج من اشتغل أو اغترب، لن يخرج من دائرة خدمة نفسه واسرته الصغيرة، قد لا يكترث لخدمه وطنه وقريته، مثل هذه العقلية تصنع الأنانية، ولا تفرق كثيراً عن عقلية تجار السلاح ليس لهم اي مصلحة في انهاء الحروب.
مجاري الوديان دوماً تنبه المياه للمسارات الصحيحة، هل قادنا الثورة للمسار الصحيح، قدمنا شهداء كان حلمنا ان نرى ملامحهم تسري في جسدنا المثخن بالجراح، ولكن بنفس العقلية أصبحت ثورة ديسمبر جسم بلا رأس. ضاعت ثورة اكتوبر وابريل من قبل، ثورة ديسمبر في النفس الاخير، لان كل الرؤوس التي ركبت على جسدها كانت اصغر منها، أنشأنا لجنة إزالة التمكين، فكان همها استرداد الاموال والبيوت والارضي ولكن لم يفكر احد في تفكيك العقلية، فأصبحت اللجنة نفسها تمارس التمكين بلا وعي، فالكوزنة سلوك، أغلبية الثوار اصبحوا يمارسون نفس سكوك الكيزان، فلا فرق بين سلوك الجنجويد وضربهم للكنداكة في ميدان الاعتصام، والثوار في جامعة سنار بضربهم لثائر مثلهم وكذلك الثوار في الميادين وفي مصر وضربهم لاحد كوادر الحرية والتغيير، هذه العقلية مرفوضه، نختلف سياسياً ولكن يجب أن يكون اداوت الاختلاف صدر واسع وعقل منفتح، لا سواعد قوية. فالاختلاف سنة حياة والاتفاق مجهود عقل، فالمعايير الاخلاقية ليست شكلية بل عمليه، فاذا افرغ السلوك من محتواه الاخلاقي فلا قيمة له، فالمعركة بين الثوار اكثر تكلفة من تقويض نظام مستبد. بوحدتنا اسقطنا نظام البشير في وقت وجيز ولكن فشلنا لسنوات عدة في تكوين حكومة رشيدة، فأصبح الطلاق بيننا بائناً بينونة كبرى يستحيل معه استمرار العيش تحت سقف واحد.
جاء ثلة من الانقاذيين للحكم وهم يدعون احياء شرع الله التى اماتها الفئة الباغية، لكن في الواقع قربوا الفقهاء واجزلوا لهم العطاء تظاهروا بالخشوع لله في ظاهرهم، برعوا في جلد الفتيات وقطع ايدي الفقراء، تراهم يبكون في المساجد، ثم يخرجون منه اكثر رياء كما دخلوه، يمارسون حياتهم اليومية ويتصرفون علي ضوء ما تمليه عليهم دولاب الدولة، فأضحي التغيير ظاهرياً لا فعلياً، يفعلون ما يشاؤون في ابراجهم العاجية لان القوة والمال بيدهم (هي لله)، تركوا الزهد والتقوى جانباً، عند قيام الليل يبكون وعلى كرسي السلطة يطغون واذا أؤتمنوا على المال العام يسرقون، وفي دواوين الحكم لا يختلفون عن هامان وقارون، مثلهم مثل الذئب الذي يعظه صاحبه إياك واغنام الناس يسمع الوعظ مطأطئ الرأس وفي قبله اسرع هناك كمية الأغنام. لان هذا الوعظ يخالف طبيعته التي جبل عليها، يمارسون ازدواج الشخصية، واحدة للمسجد وأخرى للجري وراء اهداف الحياة بلا قيود. لا غضاضة من دخول المسجد ما دام ذلك لا يمنعهم من أكل المال العام، فالواعظ الذي يخوفهم من نقمة الله وحده لا ضير، لكن الذي يخوفهم من الشعب يصبح مصيره مع الخائنين، ازدواجية المعايير مألوفة في وطننا المثقلة بالجراح، فهل زمن ازدواجية المعايير قد ولّى؟!.
الدين عندالله واحد ولكن الفقهاء جعلوه متعدد، صوروا لنا النفس البشرية كقطعة قماش مجرد غسلها تزول منها الأوساخ، لكنها اكثر تعقيداً تخالف التفكير الافلاطوني، فيها الأنانية والعنصرية والحقد والحسد، لكننا كسودانين تميزنا عن غيرنا فأضفنا للعنصرية رافد جديد، تميز اصحاب البشرة السواء ضد أصحاب البشرة الاكثر سوداً، هذه الاختلالات لا يمكن أن تعالج بالوعظ والارشاد، كتير من الفقهاء، يعظ الناس اتقوا الله، هذبوا انفسكم، نظفوا قلوبكم، قد يكون نفسه اكثر حسداً وأنانية وشهوة، تجدهم لحظة الوعظ يبكون ولكن بخروجهم يفعلون ما يشتهون، اذن لابد من فهم النفس البشرية وما جبل عليها، والطبيعة التي نشأت فيها، فهي كغيرها من ظواهر الكون تعمل وفق نواميس معينة، لا يمكن ان تكون ملائكية خالية من الحسد والأنانية والشهوة والخطأ، الضمير لا يمنع ارتكاب الخطأ ولكن يمنع التلذذ به. ولا حيوانية تعمل بالغريزة، فالطبيعة البشرية فيها الخير والشر، علينا أن نعترف ببشريتنا ونتصالح مع انفسنا، ونقبل تنوعنا، ونعمل على ضوء الجبلة التي نشأنا عليها وقتها تضيء لنا الطريق وتنزوا فينا نزعة الظلام، دعونا نضع ايدنا فوق بعض ونجعل من الحرب علاجاً فعال لازمة الندم التدريجي في المسار الخطأ، ويكون شعارنا، طالما في الروح نفس عزة وطنا محال تموت.
abudafair@hotmail.com