تخريمات وتبريمات حول حرب الجَنجَوِيد وانتقام المهمشين المحرومين
فيصل بسمة
5 October, 2023
5 October, 2023
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
و ما من إنسانٍ سوداني تسأله عن الأحوال و أخبار الأهل و الأقارب و الجيران و الأصدقآء و المعارف في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم و تأثيرات الحرب عليهم إلا و يأتيك الرد التفصيلي بأن أنفساً عديدة قد أُزهِقَت ، و أن أجساداً قد أُعِيقَت ، و أن أطرافاً قد بُتِرَت ، و أن جميع أو أغلب البيوت قد أُحتُلَّت و دُمِّرَت و خُرِّبَت ، و أن كل أو الكثير من المقتنيات و المدخرات قد سُلِبَت و نُهِبَت ، هذا عدا حالات الإغتصاب و الإهانة و الإذلال ، و أن الأنفس من كل المجموعات العمرية قد أُرهِقَت كثيراً و أقامت فيها الإضطرابات و استوطنها الإكتئاب جرآء الإعتدآءات و الإنتهاكات ، و أن الأضرار و الآثار السالبة قد إمتدت لتصيب أعداد لا تحصى من الأنفس في دول الإغتراب و المهاجر ، و أن الفاعل/الجاني/المعتدي في كل و جميع الأحوال و الحالات هم مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) و آخرين من دونهم!!!...
و قد لُوحِظَ و رُصِدَ أن أعداد و هجمات مليشيات الجنجويد و إرتكازاتهم في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم في تصاعد مستمر ، و أنهم في تناسل متوالي تصاعدي كما تناسل الأليات و خلايا و أنسجة الجنود المبرمجين في أفلام و مسلسلات الخيال العلمي ، و ذلك على الرغم من إدعآءات البَلْ و الجِغِمْ المتواصلين دون إنقطاع من قبل ”أشاوس“ القوات المسلحة السودانية و كتآئب المجاهدين المدعومة بالصور و الڨيديوهات المزعجة و المخيفة!!!...
و نتيجة لهذه الإجابات و الملاحظات تبادرت إلى الذهن عدة أسئلة:
هل المحتلون للدور و المدمرون/المخربون لها و الناهبون السالبون للممتلكات و المقتنيات هم مليشيات الجنجويد؟
أم هم أناس آخرون؟
أم هم الجنجويد و الأناس الآخرون؟
و كم هي أعداد مليشيات الجنجويد و الهؤلآء الآخرين؟
و هل أعداد الجنجويد و الهؤلآء الآخرين ، و كما يقال ، سَلَك سَلَك قدر الله ما خلق؟
و من هم الهؤلآء الآخرون؟
و من أين يأتي المدد الجنجويدي؟
هل يأتي من داخل العاصمة المثلثة؟ أم من خارجها؟
أم من خارج حدود جمهورية السودان؟
أم من خارج كوكب الأرض؟
أم من خارج مجرة درب التبانة؟
و السؤال الأخير يقود إلى ختام الأسئلة:
الجنجويد ديل إِنِسْ و لا جِنِسْ (جن)؟
و الأسئلة كثيرة و سيلها لا ينقطع و الإسترسال فيها مغري جداً ، و لكن صاحبنا قد آثر عدم الإسترسال فيها تجنباً للخرمجة و الصَّب و تفادياً للإستثقال و حتى لا يتسلل الملل و الضجر أو يَدِب إلى أنفس و مزاجات القرآء الإعزآء...
و يعتقد صاحبنا و كثيرون أن الإجابات على هذه الأسئلة التي تبدو في ظاهرها بسيطة ليست بالبسيطة أو المستقيمة ، و أن القضية كبيرة ، معقدة و مركبة و مَلَولَوَة ، و أَنَّ المسألة برمتها غير مفهومة و فيها إِنَّ ، و يرجح صاحبنا و كثيرون أن حلفآء عَاصَمِيين (محليين) و إقليميين و عالميين قد أمدوا مليشيات الجنجويد بالرجال و المعلومات و أشيآء أخرى ، و أن الحلفآء جميعهم كانوا دوماً حاضرين/مباركين/فاعلين/مساعدين و مساهمين في الأحداث الغير إيجابية التي ألمت بالأنفس و الأمزجة و الدور و الممتلكات و المقتنيات في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم و ما ورآءهم...
و قد تلاحظ أن أكثر حلفآء مليشيات الجنجويد نشاطاً و همةً في عمليات السلب و النهب كانوا من جماعات المهمشين أولئك الذين تَعَصَّمُوا ، أي الذين أصبحوا من سكان العاصمة المثلثة و ضواحيها ، لأسباب و دواعي شتى من بينها: الحروب و النزوح و الجفاف و التصحر و التهميش و الرغبات في معيشة أفضل و قلة الشَّغَلَة ، و قد أكد ذلك الكثير من المتضررين و الرواة الذين عايشوا أحداث الحرب و الإنتهاكات و نقلوها و تداولوها شفاهةً و تدويناً و وثقوها إلكترونياً عبر تقنيات وسآئل التواصل الإجتماعي...
و قبل ذلك و بأعوامٍ عديدةٍ سبقت الحرب كانت الشواهد و الدلآئل تشير أو قد أشارت إلى أن جماعات/قطاعات من مهمشي الشعوب السودانية ، و ربما شعوب إفريقية أخرى ، تقدر بالألاف و ربما بالملايين كانوا ينتظرون/يسبتون في مرجلٍ يغلي في صمتٍ و أحياناً في غير ذلك ، و أنهم قد كَيَّفوا أوضاعهم على العيش و التعايش مع سكان العاصمة المثلثة و الكثير من مدن الشريط النيلي و الأقامة بين الظهرانين في علاقة عيشٍ إقتصادية طفيلية تقبع على حافة/هامش المجتمع و الإقتصاد و في منطقة تقع ما بين خط الفقر الأدنى و المسغبة ، و كان أكثرهم/غالبيتهم و لأسباب و دواعي شتى قد لجأوا إلى السكن العشوآئي في أطراف العاصمة المثلثة و ضواحيها و وسطها ، و أقاموا في العمارات الغير مكتملة البنآء و داخل الخرآئب و الخيران و الأوكار و الجَخَانِين و أماكن و جهات مختلفة ، و كانوا يتغذون الفتات و يتناسلون و يخرجون فضلاتهم أنى شآءوا...
و خلال الأعوام كانت تلك الجماعات من المهمشين المُتَعَصِّمِين يعاينون و يتابعون نشاطات و تحركات الأغنيآء من سكان العاصمة و المدن النيلية من الجَلَّابَة الرافلين في النعيم و الملابس النظيفة الزاهية ، و كانت أعينهم ترصد و تراقب و ذاكراتهم تسجل و تدون بدقة تفاصيل التفاصيل حتى إمتلأت الذاكرات من فيض المعلومات و حتى نضب معين الغدد اللعابية من كثرة التَّمَطَغ و التمعن في جماعات الأغنيآء و الجَلَّابَة و هم يخرجون مهرولين من داخل مراكز التسوق ذات الوجهات الزجاجية حاملين ما يفوق الحاجة من المواد الغذآئية الشهية المغرية و غيرها من الحلويات و الكماليات يحشرونها حشراً في أجواف سياراتهم الفارهة المكيفة ذات الدفع الرباعي قبل أن ينطلقوا مسارعين إلى حيث أماكن إقاماتهم في الأحيآء الراقية حيث العمآئر الفخيمة ذات الهندسة و الطرز ، و يعتقد الكثير من المهمشين أن الأغنيآء المترفين و الجَلَّابَة النيليين يفعلون ما يفعلون و يمارسون ما يمارسون فشخرةً و حَندَقَةً و إغاظةً لهم!!!...
و قد داومت و واظبت تلك الأعين المهمشة و المحرومة على مراقبة المشاهد المذكورة أعلاه و غيرها من النشاطات و كذلك طقوس و مراسم المناسبات و الأعراس الفاخرة في الصالات ذات البريق و الأضوآء و الأسمآء ، و كانت تراقب الأحداث من خلف موآئد المعازيم الممتلئة بما لذ و طاب من المأكل و المشروب ، و كانت ترصد كل ما يمارس فيها من الترف و البذخ الغذآئي و الكسآئي و كذلك التنقيط للمغنيين و المغنيات بالعملات الصعبة ، و كانت تراقب و ترصد عَوِين (نسآء) الأغنيآء و الجَلَّابَة المترفين و قد تَزَيَّنَ و تَنَعمَنَ بالحلي و الحلل ، و كانوا و هم في أثوابهم المتسخة و أحذيتهم البالية يتابعون العيال في غدوهم و إيابهم من المدارس و النوادي الخآصة و الجامعات و هم في أجمل و أبهى الملابس المستوردة التي تساير آخر خطوط الموضة و ما أنتجته بيوت الأزيآء العالمية ذات العلامات المشهورة ، تراقبهم و هم ينتعلون أفخر الأحذية و ينتقلون بالسيارات الخآصة و في أياديهم الهواتف المحمولة الفاخرة المترعة/المتخمة بالأرصدة التي تتيح التحدث و الفرجة في أسافير الشبكة العنكبوتية بحرية و للساعات الطوال...
و تعتقد قطاعات و شرآئح عريضة من المهمشين ، إعتقاداً جازماً يتجاوز اليقين ، أن أغنيآء العاصمة المثلثة و المدن الغير مهمشة و جَلَّابَة الشريط النيلي مترفون و فاسدون و مغتصبو سلطة و حقوق و ثروات ، و أنهم قد نهبوا و استولوا على حقوق الغلابة المهمشين في السلطة و الثروات بغير حق ، و أنهم هم الذين سببوا لهم الفقر و المسغبة و فرضوا عليهم التهميش و الحرمان!!! ، و ذلك ما ذهب إليه و أكده لهم الزملآء و الكُومرِدس Comrades/الرفاق في حركات الكفاح المسلح ذات المسميات و الأنشطة المتعددة ، و هو ما وافقهم عليه مؤخراً قادة العمليات و مستشارو مليشيات الجنجويد المتعددون في رسآئلهم العديدة المبثوثة ، من مختلف عواصم دول الإقليم و العالم ، على الشاشات التلڨزيونية ، و المتاحة في شتى الوسآئط الإجتماعية...
و الغالب أن جماعات المهمشين كانت تكتم مرارات الحرمان و الغيظ في دواخلها ، و كانت تحاول جاهدةً أو على مضصٍ إخفآء الفضول و الغضب الإجتماعي ، و أنهم كانوا يتحرقون شوقاً و يتحينون الفرص التي تتيح لهم البوح و الإفصاح عما يفور و يمور في دواخلهم من الغل الطبقي و الحقد العنصري/القبلي/الجهوي ، و كانوا يتحرون ساعة الهجوم و الإنقضاض على مغتصبي حقوقهم من الأغنيآء العاصميين و جميع جَلَّابَة الوسط النيلي المترفين الفاسدين و إسترداد ما نُهِبَ و سُلِبَ من حقوقهم و ثرواتهم...
و يعتقد الكثير من جماهير المهمشين/المحرومين أن الهجمة الجنجويدية الحالية قد جعلت من فرصة الإنقضاض على الدولة السودانية القديمة الفاسدة و الفاشلة و إسترداد الحقوق المسلوبة و الثروات المنهوبة و الإنتقام من الفاسدين من أغنيآء و جَلَّابَة الوسط النيلي المترفين واقعاً متاحاً و ممكناً ، و لذلك لم يكن من المستغرب أن يستغل المهمشون الفرصة/السانحة و يصفوا حساباتهم و يَسَوُّوا الدَّايرِينُو ، و أهي البَهَلَة جاتهم لحدي عندهم و لِقُوها باردة ، و ها هي جماعات من المهمشين/المحرومين قد خَشَّوا في الشقق و العمارات الخالية زرافاتٍ و وحداناً و استردوها عنوةً و إقتداراً من أيادي المغتصبين الفاسدين/المترفين ، ثم من بعد ذلك أقاموا فيها و رَطَّبُوا ترطبباً تجاوز مرحلة الإنتعاش ، ثم استكانوا داخلها إستكانةَ من لا يخشى الفقر أو الإخلاء أو الإجلآء ، ثم من بعد ذلك جَهَّزُوا و عَرَّسُوا لعيالهم بيوت المال و الأثاث في ”الممتلكات المستردة“ ، و قد تم ذلك حسب طقوس العديل و الزين المعهودة و المتعارف عليها مع بعضٍ من التعديلات و بما يناسب العرق و القبيلة و الجهة الإقليمية ، و من غير شقآء أو تعب يذكر سوى المجهود الذي بُذِلَ في القتل و الأذى و إغتصاب النسآء و إسترداد ”الممتلكات المغتصبة“ من قبل الاغنيآء و الجلابة الفاسدين/المترفين!!! ، و ها هم الآن في إنتظار ما تغيض به الأرحام من العيال ، و أهو كلو مدد!!!...
و لقد إضطربت الأحوال في بلاد السودان و جاطت بصورة عظيمة حتى ظَنَّ/تَوَهَّمَ كثيرون أن هذه هي نهاية الدولة السودانية (دولة الجلابة/دولة ستة و خمسين) و بداية عصر الدولة الدقلوية الجنجويدية ، و قالوا و ما الضير في ذلك و قد فعلها من قبل: معاوية بن أبي سفيان و عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس و القرامطة و الحشاشون و الإخشيديون و الحمدانيون و الأيوبيون و كثير من المماليك و عثمان بن أَرطُغْرُلْ بن سليمان التركماني و محمد بن علي المسعود بن إبراهيم آغا القوللي الألباني و عمارة دنقس و عبدالله جماع و عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود و زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط آل نهيان و غيرهم من الأفراد و الأقوام ممن أقاموا الدول و الممالك و الأنظمة فإشمعنى يعني مليشيات الجنجويد و جماعات المهمشين/المحرومين و محمد بن حمدان آل دقلو (حميدتي)!!! الذي أشار ، قبل الإنتقال ، إلى أن الشَّلَّاقِي ما خَلَّا عميان!!!...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
و ما من إنسانٍ سوداني تسأله عن الأحوال و أخبار الأهل و الأقارب و الجيران و الأصدقآء و المعارف في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم و تأثيرات الحرب عليهم إلا و يأتيك الرد التفصيلي بأن أنفساً عديدة قد أُزهِقَت ، و أن أجساداً قد أُعِيقَت ، و أن أطرافاً قد بُتِرَت ، و أن جميع أو أغلب البيوت قد أُحتُلَّت و دُمِّرَت و خُرِّبَت ، و أن كل أو الكثير من المقتنيات و المدخرات قد سُلِبَت و نُهِبَت ، هذا عدا حالات الإغتصاب و الإهانة و الإذلال ، و أن الأنفس من كل المجموعات العمرية قد أُرهِقَت كثيراً و أقامت فيها الإضطرابات و استوطنها الإكتئاب جرآء الإعتدآءات و الإنتهاكات ، و أن الأضرار و الآثار السالبة قد إمتدت لتصيب أعداد لا تحصى من الأنفس في دول الإغتراب و المهاجر ، و أن الفاعل/الجاني/المعتدي في كل و جميع الأحوال و الحالات هم مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) و آخرين من دونهم!!!...
و قد لُوحِظَ و رُصِدَ أن أعداد و هجمات مليشيات الجنجويد و إرتكازاتهم في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم في تصاعد مستمر ، و أنهم في تناسل متوالي تصاعدي كما تناسل الأليات و خلايا و أنسجة الجنود المبرمجين في أفلام و مسلسلات الخيال العلمي ، و ذلك على الرغم من إدعآءات البَلْ و الجِغِمْ المتواصلين دون إنقطاع من قبل ”أشاوس“ القوات المسلحة السودانية و كتآئب المجاهدين المدعومة بالصور و الڨيديوهات المزعجة و المخيفة!!!...
و نتيجة لهذه الإجابات و الملاحظات تبادرت إلى الذهن عدة أسئلة:
هل المحتلون للدور و المدمرون/المخربون لها و الناهبون السالبون للممتلكات و المقتنيات هم مليشيات الجنجويد؟
أم هم أناس آخرون؟
أم هم الجنجويد و الأناس الآخرون؟
و كم هي أعداد مليشيات الجنجويد و الهؤلآء الآخرين؟
و هل أعداد الجنجويد و الهؤلآء الآخرين ، و كما يقال ، سَلَك سَلَك قدر الله ما خلق؟
و من هم الهؤلآء الآخرون؟
و من أين يأتي المدد الجنجويدي؟
هل يأتي من داخل العاصمة المثلثة؟ أم من خارجها؟
أم من خارج حدود جمهورية السودان؟
أم من خارج كوكب الأرض؟
أم من خارج مجرة درب التبانة؟
و السؤال الأخير يقود إلى ختام الأسئلة:
الجنجويد ديل إِنِسْ و لا جِنِسْ (جن)؟
و الأسئلة كثيرة و سيلها لا ينقطع و الإسترسال فيها مغري جداً ، و لكن صاحبنا قد آثر عدم الإسترسال فيها تجنباً للخرمجة و الصَّب و تفادياً للإستثقال و حتى لا يتسلل الملل و الضجر أو يَدِب إلى أنفس و مزاجات القرآء الإعزآء...
و يعتقد صاحبنا و كثيرون أن الإجابات على هذه الأسئلة التي تبدو في ظاهرها بسيطة ليست بالبسيطة أو المستقيمة ، و أن القضية كبيرة ، معقدة و مركبة و مَلَولَوَة ، و أَنَّ المسألة برمتها غير مفهومة و فيها إِنَّ ، و يرجح صاحبنا و كثيرون أن حلفآء عَاصَمِيين (محليين) و إقليميين و عالميين قد أمدوا مليشيات الجنجويد بالرجال و المعلومات و أشيآء أخرى ، و أن الحلفآء جميعهم كانوا دوماً حاضرين/مباركين/فاعلين/مساعدين و مساهمين في الأحداث الغير إيجابية التي ألمت بالأنفس و الأمزجة و الدور و الممتلكات و المقتنيات في العاصمة المثلثة و ضواحيها و الأقاليم و ما ورآءهم...
و قد تلاحظ أن أكثر حلفآء مليشيات الجنجويد نشاطاً و همةً في عمليات السلب و النهب كانوا من جماعات المهمشين أولئك الذين تَعَصَّمُوا ، أي الذين أصبحوا من سكان العاصمة المثلثة و ضواحيها ، لأسباب و دواعي شتى من بينها: الحروب و النزوح و الجفاف و التصحر و التهميش و الرغبات في معيشة أفضل و قلة الشَّغَلَة ، و قد أكد ذلك الكثير من المتضررين و الرواة الذين عايشوا أحداث الحرب و الإنتهاكات و نقلوها و تداولوها شفاهةً و تدويناً و وثقوها إلكترونياً عبر تقنيات وسآئل التواصل الإجتماعي...
و قبل ذلك و بأعوامٍ عديدةٍ سبقت الحرب كانت الشواهد و الدلآئل تشير أو قد أشارت إلى أن جماعات/قطاعات من مهمشي الشعوب السودانية ، و ربما شعوب إفريقية أخرى ، تقدر بالألاف و ربما بالملايين كانوا ينتظرون/يسبتون في مرجلٍ يغلي في صمتٍ و أحياناً في غير ذلك ، و أنهم قد كَيَّفوا أوضاعهم على العيش و التعايش مع سكان العاصمة المثلثة و الكثير من مدن الشريط النيلي و الأقامة بين الظهرانين في علاقة عيشٍ إقتصادية طفيلية تقبع على حافة/هامش المجتمع و الإقتصاد و في منطقة تقع ما بين خط الفقر الأدنى و المسغبة ، و كان أكثرهم/غالبيتهم و لأسباب و دواعي شتى قد لجأوا إلى السكن العشوآئي في أطراف العاصمة المثلثة و ضواحيها و وسطها ، و أقاموا في العمارات الغير مكتملة البنآء و داخل الخرآئب و الخيران و الأوكار و الجَخَانِين و أماكن و جهات مختلفة ، و كانوا يتغذون الفتات و يتناسلون و يخرجون فضلاتهم أنى شآءوا...
و خلال الأعوام كانت تلك الجماعات من المهمشين المُتَعَصِّمِين يعاينون و يتابعون نشاطات و تحركات الأغنيآء من سكان العاصمة و المدن النيلية من الجَلَّابَة الرافلين في النعيم و الملابس النظيفة الزاهية ، و كانت أعينهم ترصد و تراقب و ذاكراتهم تسجل و تدون بدقة تفاصيل التفاصيل حتى إمتلأت الذاكرات من فيض المعلومات و حتى نضب معين الغدد اللعابية من كثرة التَّمَطَغ و التمعن في جماعات الأغنيآء و الجَلَّابَة و هم يخرجون مهرولين من داخل مراكز التسوق ذات الوجهات الزجاجية حاملين ما يفوق الحاجة من المواد الغذآئية الشهية المغرية و غيرها من الحلويات و الكماليات يحشرونها حشراً في أجواف سياراتهم الفارهة المكيفة ذات الدفع الرباعي قبل أن ينطلقوا مسارعين إلى حيث أماكن إقاماتهم في الأحيآء الراقية حيث العمآئر الفخيمة ذات الهندسة و الطرز ، و يعتقد الكثير من المهمشين أن الأغنيآء المترفين و الجَلَّابَة النيليين يفعلون ما يفعلون و يمارسون ما يمارسون فشخرةً و حَندَقَةً و إغاظةً لهم!!!...
و قد داومت و واظبت تلك الأعين المهمشة و المحرومة على مراقبة المشاهد المذكورة أعلاه و غيرها من النشاطات و كذلك طقوس و مراسم المناسبات و الأعراس الفاخرة في الصالات ذات البريق و الأضوآء و الأسمآء ، و كانت تراقب الأحداث من خلف موآئد المعازيم الممتلئة بما لذ و طاب من المأكل و المشروب ، و كانت ترصد كل ما يمارس فيها من الترف و البذخ الغذآئي و الكسآئي و كذلك التنقيط للمغنيين و المغنيات بالعملات الصعبة ، و كانت تراقب و ترصد عَوِين (نسآء) الأغنيآء و الجَلَّابَة المترفين و قد تَزَيَّنَ و تَنَعمَنَ بالحلي و الحلل ، و كانوا و هم في أثوابهم المتسخة و أحذيتهم البالية يتابعون العيال في غدوهم و إيابهم من المدارس و النوادي الخآصة و الجامعات و هم في أجمل و أبهى الملابس المستوردة التي تساير آخر خطوط الموضة و ما أنتجته بيوت الأزيآء العالمية ذات العلامات المشهورة ، تراقبهم و هم ينتعلون أفخر الأحذية و ينتقلون بالسيارات الخآصة و في أياديهم الهواتف المحمولة الفاخرة المترعة/المتخمة بالأرصدة التي تتيح التحدث و الفرجة في أسافير الشبكة العنكبوتية بحرية و للساعات الطوال...
و تعتقد قطاعات و شرآئح عريضة من المهمشين ، إعتقاداً جازماً يتجاوز اليقين ، أن أغنيآء العاصمة المثلثة و المدن الغير مهمشة و جَلَّابَة الشريط النيلي مترفون و فاسدون و مغتصبو سلطة و حقوق و ثروات ، و أنهم قد نهبوا و استولوا على حقوق الغلابة المهمشين في السلطة و الثروات بغير حق ، و أنهم هم الذين سببوا لهم الفقر و المسغبة و فرضوا عليهم التهميش و الحرمان!!! ، و ذلك ما ذهب إليه و أكده لهم الزملآء و الكُومرِدس Comrades/الرفاق في حركات الكفاح المسلح ذات المسميات و الأنشطة المتعددة ، و هو ما وافقهم عليه مؤخراً قادة العمليات و مستشارو مليشيات الجنجويد المتعددون في رسآئلهم العديدة المبثوثة ، من مختلف عواصم دول الإقليم و العالم ، على الشاشات التلڨزيونية ، و المتاحة في شتى الوسآئط الإجتماعية...
و الغالب أن جماعات المهمشين كانت تكتم مرارات الحرمان و الغيظ في دواخلها ، و كانت تحاول جاهدةً أو على مضصٍ إخفآء الفضول و الغضب الإجتماعي ، و أنهم كانوا يتحرقون شوقاً و يتحينون الفرص التي تتيح لهم البوح و الإفصاح عما يفور و يمور في دواخلهم من الغل الطبقي و الحقد العنصري/القبلي/الجهوي ، و كانوا يتحرون ساعة الهجوم و الإنقضاض على مغتصبي حقوقهم من الأغنيآء العاصميين و جميع جَلَّابَة الوسط النيلي المترفين الفاسدين و إسترداد ما نُهِبَ و سُلِبَ من حقوقهم و ثرواتهم...
و يعتقد الكثير من جماهير المهمشين/المحرومين أن الهجمة الجنجويدية الحالية قد جعلت من فرصة الإنقضاض على الدولة السودانية القديمة الفاسدة و الفاشلة و إسترداد الحقوق المسلوبة و الثروات المنهوبة و الإنتقام من الفاسدين من أغنيآء و جَلَّابَة الوسط النيلي المترفين واقعاً متاحاً و ممكناً ، و لذلك لم يكن من المستغرب أن يستغل المهمشون الفرصة/السانحة و يصفوا حساباتهم و يَسَوُّوا الدَّايرِينُو ، و أهي البَهَلَة جاتهم لحدي عندهم و لِقُوها باردة ، و ها هي جماعات من المهمشين/المحرومين قد خَشَّوا في الشقق و العمارات الخالية زرافاتٍ و وحداناً و استردوها عنوةً و إقتداراً من أيادي المغتصبين الفاسدين/المترفين ، ثم من بعد ذلك أقاموا فيها و رَطَّبُوا ترطبباً تجاوز مرحلة الإنتعاش ، ثم استكانوا داخلها إستكانةَ من لا يخشى الفقر أو الإخلاء أو الإجلآء ، ثم من بعد ذلك جَهَّزُوا و عَرَّسُوا لعيالهم بيوت المال و الأثاث في ”الممتلكات المستردة“ ، و قد تم ذلك حسب طقوس العديل و الزين المعهودة و المتعارف عليها مع بعضٍ من التعديلات و بما يناسب العرق و القبيلة و الجهة الإقليمية ، و من غير شقآء أو تعب يذكر سوى المجهود الذي بُذِلَ في القتل و الأذى و إغتصاب النسآء و إسترداد ”الممتلكات المغتصبة“ من قبل الاغنيآء و الجلابة الفاسدين/المترفين!!! ، و ها هم الآن في إنتظار ما تغيض به الأرحام من العيال ، و أهو كلو مدد!!!...
و لقد إضطربت الأحوال في بلاد السودان و جاطت بصورة عظيمة حتى ظَنَّ/تَوَهَّمَ كثيرون أن هذه هي نهاية الدولة السودانية (دولة الجلابة/دولة ستة و خمسين) و بداية عصر الدولة الدقلوية الجنجويدية ، و قالوا و ما الضير في ذلك و قد فعلها من قبل: معاوية بن أبي سفيان و عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس و القرامطة و الحشاشون و الإخشيديون و الحمدانيون و الأيوبيون و كثير من المماليك و عثمان بن أَرطُغْرُلْ بن سليمان التركماني و محمد بن علي المسعود بن إبراهيم آغا القوللي الألباني و عمارة دنقس و عبدالله جماع و عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود و زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط آل نهيان و غيرهم من الأفراد و الأقوام ممن أقاموا الدول و الممالك و الأنظمة فإشمعنى يعني مليشيات الجنجويد و جماعات المهمشين/المحرومين و محمد بن حمدان آل دقلو (حميدتي)!!! الذي أشار ، قبل الإنتقال ، إلى أن الشَّلَّاقِي ما خَلَّا عميان!!!...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com