مادة التفكير والاخلاق المساعدة لاستمرار الحرب
وجدي كامل
8 May, 2024
8 May, 2024
وجدي كامل
هذه الحرب، وبكل ما افصحت عنه من قبح وفظاعة غير محتملة من الطرفين المتورطين في اشعالها واستمرارها تكشف عما لم يكن في الحسبان، او من الممكن ادراكه، واستيعابه عن حقيقتنا من تباينات، واختلافات بين افراد وجماعات. ليس فقط في التكوين النفسي والاخلاقي بالجيش كميليشيا سياسية تابعة لتنظيم الاخوان المسلمين، والدعم السريع كرديف ميليشي قبلي ومصالحى لخدمة اطماع، وطموحات امبراطورية مالية اسرية، ولكن في كونها حرب كذلك تكشف عن خلل مركزي في بناء، وبنيان القوى السياسية، والمدنية، والاجتماعية، والثقافية.
فحتى الآن تفشل المبادرات، ويضرب الانقسام، ويحتدم التقسيم في دوائر الحلفاء السياسيين المناوئين للحرب، وتتصارع وتصطرع منظمات المجتمع المدني فيما بين افرادها للصعود الى اعلى قيادة تنسيقية (تقدم)، بينما تنشط احزاب عريقة في مقارعة الديكتاتوريات كالحزب الشيوعي، وحزب البعث في اختزال موقفها من الحرب بنقد و بمقاطعة (تقدم) دون اتخاذ لزمام مبادرات شعبية جماهيرية خاصة مستقلة، ذات اثر عميق وخلاق على الارض لتحدث عن لسانها الخاص وشفرتها المتميزة.
الحرب الآن تطلق نسخها الاسوا، فتشتعل، وتتمادى في اللامعقول الذي وصل الى مستوى اكل لحوم الجنود لاحشاء المقاتلين من الطرف المضاد، فلا تقرا، او يقع بصرك على مجرد بيان شجب، او اطلاق انذار بالخطر لما وصلت اليه الحرب. هذا لا يحرك جذريا لكل تلك القوى السياسية دعك من تغيير يطرأ على اجندة تحالفاتها وحركتها، مما ينم عن ان المحركات النفسية للحرب نفسها والدوافع لا تتوفر موادها الداعمة فقط بين المتحاربين، ولكن بين القوى السياسية المدنية الغارقة لا تزال في صراعاتها القائمة على الكراهية المتوارثة واوهامها بطليعية المواقف، والتجاوز لغيرها رغم ما أصاب المواطنيين من جرائم النزوح، والهجرة، والافقار، والتجريد من الممتلكات والاملاك، ووحد بينهم في حصيلة ومحصلة الخسارات.
لا تغيير في خارطة التحالفات رغم الحريق، وتحلل وتفحم الجثث الملقاة على الطرق و جنباتها وحواشيها.
التمترس في المواقف الخلافية، واعادة انتاجها لا يزال هو سيد الموقف بعدم انتاج اية افكار جديدة، خارج الصندوق لايقاف الحرب.
الحرب وبكل تلك الصفات المدمرة، اللئيمة في التفكير السياسي تضرب بساعد غولها بلا رحمة على كل شيء، مما يذكر بحروب الابادات والقضاء على الآثار الانسانية للوجود التاريخي للمجتمعات والمدن.
لقد اخرجت الحرب لسانها على الجميع بما انتجته من خطاب دمار موضوعي وذاتي اثبتا ان المدنية التي قامت لمائة عام ونيف كانت مدنية بلا حراسة اخلاقية، وان ناتج كل تلك السنوات تمظهر في الفشل الذي ليس في النخب فقط (كما يشيع هواة التفكير النقدي والتحليل من مداخل التبسيط لوصف الازمات) ولكن في المكونات الثقافية وحواضنها الاجتماعية نفسها في علاقتها بالوطن، ومفهوم المواطنة، والوطنية، والمصير الافتراضي، الواحد المشترك. فنحن، واذا اردنا مناقشة اسباب العجز فيجب البدء من طرح الاسئلة المحرجة عن ما يجمعنا، ومستحقات ذلك علينا. فاذا كانت ثورة ديسمبر علامة فارقة في احتجاجنا ضد الظلم، والقهر، ورافعتنا لاجل بناء وطن ديمقراطي فقد قالت الحرب باننا لم نتحلى بالمسؤلية الكافية لتأمين الثورة، ومواجهة اعدائها من الاخوان المسلمين بالمضي ثوريا لتعطيل قدراتهم، كما قدرات الحلفاء لهم من لصوص الثروات والموارد.
ان كل ما اهدر من دماء، وذهب من تضحيات بدا وكأنه لم يغير من شهوة القوى السياسية في الصراع على السلطة، والمرضى النفسانيين الطموحين لاعتلاء المناصب واستعراض عضلات فشلهم على رؤوسنا وتحت بصرنا. لقد اتخذوا التضحيات مناسبة لتقديم انفسهم كمخلصين للشعب من حكم تجار الدين بتجارة اخرى دون قدرات حقيقية، ودون قدرة على توفير الحماية لمنع العدو من افتراس الثورة كمنجز شعبي بالمساهمة في استكمالها وتحقيق أهدافها.
ليس من جديد يذكر الى الآن رغم فداحة النتائج، واتساع مساحات الارض المحروقة، وضيق المهاجر، واماكن النزوح بالضحايا والمصابين بالفاقة والموت المجاني وفقدان افضل ما ملكناه من الثروات البشرية بالغياب والموت اليومي. هذه الحرب وفي كلمة واحدة تحتاج الى اعادة تعريف لكامل الوجود السياسي، والاجتماعي، والثقافي باجراء التعديلات الهيكلية اللازمة من الجميع، وبواسطة الجميع، ليس فقط لاجل ايقافها وكفى، ولكن لاجل بناء سودان لن يتحقق الا بقيادة عقول سياسية، واخلاق سياسية جديدة لا تحترف السياسة كمهنة ولكن الوطنية ككفاءات ومعرفة بسبل وكيفية وضع اهداف التطور والتنمية القابلة للتحقيق رغم كافة المعضلات، ومنها معضلة الوعى السياسي المدني، والسياسي العسكري بالمشكلات.
wagdik@yahoo.com
///////////////////////
هذه الحرب، وبكل ما افصحت عنه من قبح وفظاعة غير محتملة من الطرفين المتورطين في اشعالها واستمرارها تكشف عما لم يكن في الحسبان، او من الممكن ادراكه، واستيعابه عن حقيقتنا من تباينات، واختلافات بين افراد وجماعات. ليس فقط في التكوين النفسي والاخلاقي بالجيش كميليشيا سياسية تابعة لتنظيم الاخوان المسلمين، والدعم السريع كرديف ميليشي قبلي ومصالحى لخدمة اطماع، وطموحات امبراطورية مالية اسرية، ولكن في كونها حرب كذلك تكشف عن خلل مركزي في بناء، وبنيان القوى السياسية، والمدنية، والاجتماعية، والثقافية.
فحتى الآن تفشل المبادرات، ويضرب الانقسام، ويحتدم التقسيم في دوائر الحلفاء السياسيين المناوئين للحرب، وتتصارع وتصطرع منظمات المجتمع المدني فيما بين افرادها للصعود الى اعلى قيادة تنسيقية (تقدم)، بينما تنشط احزاب عريقة في مقارعة الديكتاتوريات كالحزب الشيوعي، وحزب البعث في اختزال موقفها من الحرب بنقد و بمقاطعة (تقدم) دون اتخاذ لزمام مبادرات شعبية جماهيرية خاصة مستقلة، ذات اثر عميق وخلاق على الارض لتحدث عن لسانها الخاص وشفرتها المتميزة.
الحرب الآن تطلق نسخها الاسوا، فتشتعل، وتتمادى في اللامعقول الذي وصل الى مستوى اكل لحوم الجنود لاحشاء المقاتلين من الطرف المضاد، فلا تقرا، او يقع بصرك على مجرد بيان شجب، او اطلاق انذار بالخطر لما وصلت اليه الحرب. هذا لا يحرك جذريا لكل تلك القوى السياسية دعك من تغيير يطرأ على اجندة تحالفاتها وحركتها، مما ينم عن ان المحركات النفسية للحرب نفسها والدوافع لا تتوفر موادها الداعمة فقط بين المتحاربين، ولكن بين القوى السياسية المدنية الغارقة لا تزال في صراعاتها القائمة على الكراهية المتوارثة واوهامها بطليعية المواقف، والتجاوز لغيرها رغم ما أصاب المواطنيين من جرائم النزوح، والهجرة، والافقار، والتجريد من الممتلكات والاملاك، ووحد بينهم في حصيلة ومحصلة الخسارات.
لا تغيير في خارطة التحالفات رغم الحريق، وتحلل وتفحم الجثث الملقاة على الطرق و جنباتها وحواشيها.
التمترس في المواقف الخلافية، واعادة انتاجها لا يزال هو سيد الموقف بعدم انتاج اية افكار جديدة، خارج الصندوق لايقاف الحرب.
الحرب وبكل تلك الصفات المدمرة، اللئيمة في التفكير السياسي تضرب بساعد غولها بلا رحمة على كل شيء، مما يذكر بحروب الابادات والقضاء على الآثار الانسانية للوجود التاريخي للمجتمعات والمدن.
لقد اخرجت الحرب لسانها على الجميع بما انتجته من خطاب دمار موضوعي وذاتي اثبتا ان المدنية التي قامت لمائة عام ونيف كانت مدنية بلا حراسة اخلاقية، وان ناتج كل تلك السنوات تمظهر في الفشل الذي ليس في النخب فقط (كما يشيع هواة التفكير النقدي والتحليل من مداخل التبسيط لوصف الازمات) ولكن في المكونات الثقافية وحواضنها الاجتماعية نفسها في علاقتها بالوطن، ومفهوم المواطنة، والوطنية، والمصير الافتراضي، الواحد المشترك. فنحن، واذا اردنا مناقشة اسباب العجز فيجب البدء من طرح الاسئلة المحرجة عن ما يجمعنا، ومستحقات ذلك علينا. فاذا كانت ثورة ديسمبر علامة فارقة في احتجاجنا ضد الظلم، والقهر، ورافعتنا لاجل بناء وطن ديمقراطي فقد قالت الحرب باننا لم نتحلى بالمسؤلية الكافية لتأمين الثورة، ومواجهة اعدائها من الاخوان المسلمين بالمضي ثوريا لتعطيل قدراتهم، كما قدرات الحلفاء لهم من لصوص الثروات والموارد.
ان كل ما اهدر من دماء، وذهب من تضحيات بدا وكأنه لم يغير من شهوة القوى السياسية في الصراع على السلطة، والمرضى النفسانيين الطموحين لاعتلاء المناصب واستعراض عضلات فشلهم على رؤوسنا وتحت بصرنا. لقد اتخذوا التضحيات مناسبة لتقديم انفسهم كمخلصين للشعب من حكم تجار الدين بتجارة اخرى دون قدرات حقيقية، ودون قدرة على توفير الحماية لمنع العدو من افتراس الثورة كمنجز شعبي بالمساهمة في استكمالها وتحقيق أهدافها.
ليس من جديد يذكر الى الآن رغم فداحة النتائج، واتساع مساحات الارض المحروقة، وضيق المهاجر، واماكن النزوح بالضحايا والمصابين بالفاقة والموت المجاني وفقدان افضل ما ملكناه من الثروات البشرية بالغياب والموت اليومي. هذه الحرب وفي كلمة واحدة تحتاج الى اعادة تعريف لكامل الوجود السياسي، والاجتماعي، والثقافي باجراء التعديلات الهيكلية اللازمة من الجميع، وبواسطة الجميع، ليس فقط لاجل ايقافها وكفى، ولكن لاجل بناء سودان لن يتحقق الا بقيادة عقول سياسية، واخلاق سياسية جديدة لا تحترف السياسة كمهنة ولكن الوطنية ككفاءات ومعرفة بسبل وكيفية وضع اهداف التطور والتنمية القابلة للتحقيق رغم كافة المعضلات، ومنها معضلة الوعى السياسي المدني، والسياسي العسكري بالمشكلات.
wagdik@yahoo.com
///////////////////////