بعيداً عن السياسة

 


 

 

بعيداً عن السياسة التي باتت تفرق أكثر مما تجمع وعلي المستوي الشخصي اعبر عن اسمي ايات التقدير لشعب مصر الذي وجدناه في محنتنا يقف معنا قلبا وقالبا فجزاه الله سبحانه وتعالى كل خير

لا أود ولا اطيق خاصة في هذه الأيام التي نحن فيها في أضعف حالاتنا وقد تركنا وطنا عزيزا كريما مضيافا تمزق اربا اربا ووصل بنا الحال أن نري موتانا الاعزاء في قارعة الطريق تمزقهم الكلاب الضالة وقد بلغ منا العجز أن نسترهم بما يليق بحرمة الميت !!..
لا أود ولا اطيق أن اسمع أصواتا نشازا بدأت تبث احاديثا سالبة وقدحا في غير محله ضد اخوتنا الاعزاء الكرام في مصر المحروسة ، مصر العروبة ، ام الدنيا هذا البلد الذي منذ أن عرفناه داره مفتوحة وابوابه مشرعة لكل من تقطعت بهم السبل من أبناء الأمة العربية يدخلونها بسلام وامان ويجدون الاذرع ممدودة لهم تحتضنهم بكل مودة واحترام من غير تكلف أو من أو اذي وهذه شيمة عرفت فيهم منذ أقدم العصور !!..
مصر أصبحت تمثل الأمة العربية بكل شعوبها وأفراد هذه الشعوب صاروا يدا واحدة في بوتقة رائعة حملتهم جميعا دون أن يضيق صدرها وكان التلاقح والتلاحم والتصاهر والقلب الطاهر والثغر الباسم والألفةالصادقة البيضاء هذا غير خفة الروح والنكتة الحاضرة الذكية !!..
من غير أهل مصر تتزاحم أمام معابره الملايين وقد جاءوا في عجلة من أمرهم يطاردهم الخوف وهم في حالة يرثي لها فتفتح لهم الابواب وتصبر السلطات الأمنية علي تزاحمهم ومنهم من قدم من غير استعداد ولازاد ولا ملابس وغيارات إلا التي عليهم وكان الهلال الأحمر وبقية المنظمات تقدم الطعام والشراب والدواء ومن احتاج الي إسعاف أو إدخال الي مشفي فقد قدموا له الواجب وزيادة !!..
مصر والسودان بلد واحد ومن ينكر ذلك فهو مكابر وهي الأخ الشقيق الأكبر وكل الذين طلبوا العلم من زمان شدوا الرحال للازهر الشريف منذ رواق السنارية ونهلوا من جامعة القاهرة الام ومن بعدها بقية الجامعات ودرس كبار الأطباء بها وخرجت القاهرة لنا الافذاء في القانون والعلوم والآداب والفنون !!..
كنا نقرأ مطبوعاتهم بشغف وشوق ونعرف فطاحلتهم فردا فردا وجذبتنا إذاعة القاهرة وصوت العرب ومجمع اللغة العربية وطه حسين والعقاد ويحيي حقي والابنودي وحتي السينما كنا نفرد للفيلم العربي مساحة مقدرة من ليالي ترفيهنا لنشاهد السهل الممتنع عند زكي رستم ، وهذا الممثل الفلتة الذي جسد شخصية البوسطجي وثرثرة علي النيل والثلاثية ومن غيره أنه عماد حمدي الذي سلم الراية للاسطورة محمود يسن الذين اشاعوا فينا البهجة بالافلام الراقية الهادفة والمسرحيات المصرية والعالمية وقد وصلت السيدة سميحة ايوب بالمسرح المصري ووضعته في عتبة واحدة مع مسرح ابسن ذلك النرويجي الذي نافس البريطانيين في لغتهم ومسرحهم وفن أدائهم علي الخشبة !!..
وحتي في مجال كرة القدم برز لنا عمالقة فيها أعطتهم مصر من الصقل والتدريب حتي صاروا أرقاما صعبة ومنهم عمر النور ، سمير محمد علي ، وغيرهم من الذين وضعوا بصماتهم في النجيل الاخضر هنالك خاصة قرن شطة الذي اوصلوه ليكون قياديا في الاتحاد الافريقي لكرة القدم وقد درس عندهم الجامعة وصار مهندسا إلكترونيا يشار إليه بالبنان وصارت له شركات في هذا المجال العصري الهام .
ودرس عندهم مطربنا المهذب صاحب الأداء التمثيلي الذي برع في الأناشيد الوطنية سيد خليفة ومنهم وصل العالم صوت المامبو السوداني ونشيد ازيكم كيفنكم أنا لي زمن ماشفتكم وقد استمعت في السعودية لنشيد ازيكم من مطرب تايلندي أوصلني حد الدهشة والإعجاب المنقطع النظير !!..
ياحليل جامعة القاهرة فرع الخرطوم وذكراها مازالت باقية وماقدمته لأبناء السودان سيظل ذكري تدق في عالم النسيان ولن ينسي الطلاب الاب المربي طلبة عويضة وهذا الاستاذ صبحي المختص في علم الاجتماع الذي افتخر بأن اول رسالة ماجستير في مادته التي يدرسها منحها للطالبة آنذاك خديجة صفوت وهي الآن بروفيسور بالجامعات الأمريكية يشار لها بالبنان !!..
قال البروف صبحي أنه بكي في حياته مرتين يوم ماتت والدته ويوم نقل من جامعة القاهرة فرع الخرطوم الي بلاده .
هذه هي مصر وصلناها بعد أن أخرجنا من ديارنا التي أحببناها بكل ذرة من كياننا ورغم الالم والضيق فقد وجدنا الشعب المصري قمة في الترحيب حيثما اتجهنا ولأنهم شعب متدين بالفطرة كانوا يدعون لنا بأن يقيل الله سبحانه وتعالى عسرتنا وان يفرج كربنا وان يعيدنا الي اهلنا سالمين غانمين سعيدين فرحين مسرورين وكنت أكثر سعادة وانا استمع في كل جمعة الي أمام المركز الإسلامي الذي اصلي فيه وهو يرفع يديه بالدعاء الي الله سبحانه وتعالى أن يخفف عن أهل السودان ويرفع عنهم هذا البلاء الذي جثم علي صدورهم وكذلك كانوا يدعو لأهل غزة بأن يزيل الله سبحانه وتعالى كربتهم وان يسدد رميهم وان ينصرهم علي أعدائهم اليهود الملاعين والصهاينة المجرمين.
التحية لمصر المحروسة ولن ننسي جميلهم الذي طوقوا به أعناقنا ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يحفظهم ويجعلهم ذخرا للأمة العربية كما عودونا بكل ما تحمل نفوسهم الطيبة من حب للخير وتقديم العون والمساعدة في أوقات الشدة .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم.

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء