تاريخ الصراع والعلاقات بين السودان ومصر (5): عصر الأسر التي استقلت بحكم مصر 7 – 20 م

 


 

 

ahmed.elyas@gmail.com

الأسر التي حكمت مصر بين القرنين 13 - 20 م.
تناولنا في موضوعنا السابق العلاقات بين السودان ومصر في عصور الأسر الأجنبية المسلمة التي حكمت مصر بين القرنين السابع والثالث عشر الميلاديين، وسنتابع هنا العلاقات في عصر الأسرتان الأخيرتان اللتان حكمتا مصر وامتدا فترة حكمهما نحو سبعة قرون بين القرنين الثالث عشر والعشرين الميلاديين وهما أسر المماليك والأسرة العثمانيين. وقد امتدت هذه الفترة نحو سبغة قرون. وسنتتبع بإيجاز العلاقات في هذا العصر.

علاقات مملكة مَقُرة بأسر المماليك 1250 – 1517
وتعود أصول المماليك إلى القبائل التركية التي انتشرت في العالم الإسلامي منذ القرن الثالث الهجري (9 م)، وقد حكموا مصر وجزء من بلاد الشام والحجاز وتولوا حكم مصر بعد حكم الأسرة الأيوبية. كان المماليك يتمتعون بالسلطة الكاملة في إدارة شؤون مصر مع الاعتراف بالسلطة الاسمية للخليفة العباسي في بغداد. وبعد هجوم المغول وسقوط الخلافة في بغداد عام 1258م بويع الخليفة العباسي المستنصر بالله الثاني في مصر إلا أنه والخلفاء من بعده حتى الفتح العثماني لمصر عام 1517 لم يمارسوا السلطة التي انفرد بها المماليك. وكان وجودهم أسمي فقط حافظ عليه المماليك لاكتساب الشرعية لحكمهم.

أولى المماليك اهتمامهم منذ بداية عصرهم بالبحر الأحمر والحجاز، فاستولوا عام1256 على سواكن. وفد أدت الخلافات بين أمراء الأسرة الحاكمة في مملكة مقرة إلى تدخل المماليك المبكر في شؤون مملكة مقرة. فقد لجأ الأمراء المَفُريين إلى بلاط المماليك عام 1263 م، وأعتنق بعضهم الإسلام. ويبدو أن ذلك أدى إلى توتر العلاقات بين المماليك وملوك مقرة. فقد أغار جيش مقرة على ميناء عيذاب عام 1963، وتكررت بين عامي 1972 و1975 غارات مقرة على مدينة ومنطقة أسوان التي كانت تمثل الحدود بين الدولتين.

وكان شكندة أحد الأمراء المقريين قد لجأ على بلاط المماليك، فأعد المماليك حملة كبيرة عام 1275 م لمساعدته لاعتلاء عرش مقرة. ولم توضح المصادر الاتفاق الذي تم بين الطرفين، ولكن مجريات الأحداث وضحت أن المماليك كانوا يخططون للسيطرة على مملكة مقرة. تمكنت الحملة من هزيمة المَقُريين ودخلت مدينة دنقلة. وهذه هي أول حملة تصل إلى مدينة دنقلة منذ أن دخل المسلمون مصر بقيادة عمرو بن العاص. ونصبت الحملة شكندة ملكاً على البلاد وجعلته نائباً عن سلطان المماليك، وخيروه وشعبه بين الاسلام أو دفع الجزية فاختار دفع الجزية وتقرر عليه كما ذكر ابن الفرات (ص 260) الآتي:
- تكون البلاد مشاطرة: النصف للسلطان والنصف الآخر لعمارة البلاد وحفظها
- يدفع كل بالغ ديناراً عيناً في السنة
- حمل السلطان في كل سنة بما تقرر وجرت عليه العادة من زمن الملوك المتقدمة
- أن تكون منطقة بلاد الجبل خالصة للسلطان، وهي قدر ربع البلاد، وحمل ما يكون بها من الأقطان والتمر للسلطان
- على الملك شكندة في كل سنة دفع "ثلاثة أفيال وثلاث زرافات وخمس فهود إناث ومائة جياد صهب ومائة من الأبقار الجياد المنتخبة"
وحلف الملك شكندة (يُكتب في بعض المصادر مشكد) اليمين على ذلك. وهذا نص اليمين التي حلفها الملك شكندة والتي حلفها شعبه (النويري ص 220)
" والله، والله والله، وحق الثالوث المقدس، والإنجيل الطاهر: والسيدة الطاهرة العذراء أم النور والمعمودية، والأنبياء المرسلين والحواريين والقدسيين، والشهداء الأبرار. وألا أجحد المسيح كما أجحده بودس، وأقول فيه ما يقول اليهود وأعتقد ما يعتقدونه. وألا أكون بودس الذي طعن المسيح بالحربة.
وحلفت الرعية أيضا بتلك الجهات بأنهم: يطيعون نائب السلطان، وهو الملك مشكد المقيم بدنقلة.
وتوضح هذه المعاهدة خضوع مملكة مقرة للمماليك، وضَمّن المماليك بنود المعاهدة شرطا ينص على عدم السماح بتواجد القبائل العربية في مملكة مقرة جاء ذلك كالآتي: "وإني لا أترك أحدا من العربان ببلاد النوبة، ومن وجدته منهم أرسلته إلى الباب السلطاني"

وكان السبب في إبعاد القبائل العربية عن مملكة مقرة هو حماية عرش الأسرة النوبية وعدم اتاحة الفرصة لبقبائل العربية بتأسيس مملكة عربية في السودان تهدد حكمهم في مصر، خاصة وأن الأوضاع السياسية في السودان لم نكن مستقرة كما اتضح من سفارة الممالك للسودان عام 1286م.

ذكر ابن عبد الظاهر (ص 196) أنه في عام 685 هـ/1286 م "جهز الأمير علم الدين سنجر المعظمي رسولاً إلى ملك النوبة [و] أدر ملك الأبواب، وإلى صاحب بارة، وإلى صاحب التاكة، وإلى صاحب كدرو وإلى صاحب دنفو، وإلى صاحب أري، وإلى صاحب بفال، وإلى صاحب الأنج، وإلى صاحب كرسة."

ويبدو أن الأوضاع السياسية في السودان كانت في غاية التدهور، وانفراط السلطة المركزية لمملكتي مقرة وعلوة كما يتضح ذلك من عدد الملوك والحكام الذين وصلتهم سفارة المماليك. كما يلاحظ أن اسم مملكة علوة لم يظهر في هذه السفارة بل ظهر اسم العنج. وقد جاء في رسالة ملك الأبواب إلى سلطان المماليك أن العنج [مملكة علوة] استولى عليها ملك آخر. (ابن عبد الطاهر، ص 195) ولم تشر المصادر العربية إلى سبب تلك الاضطرابات التي اجتاحت المنطقة. ويبدو معقولاً أن يكون السبب هو تحركات سكانية كبرى في بداية القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) في جنوب منطقة علوة والحبشة، أي قيل نحو ستة عقود من سفارة المماليك.

وقد وصف ابن سعيد (ج 1 ص 1) خروج تلك التحركات من منطقة دمدمة التي تقع جنوب أو جنوب غرب بلاد علوة قائلاً: " دمدمة التي خرج منها الدمدام على بلاد النوبة والحبشة، سنة سبع عشرة وستمائة في طالع خروج التتر على بلاد العجم. وهم تتر السودان" ويفهم من وصف ابن سعيد لهم بتتر السودان أن زحفهم كان كبيراً ومدمراً مثل زحت التتار. وربما أدى ذلك إلى تحركات سكانية واسعة في مملكة علوة أدت إلى انهيار سلكتها المركزية وسقوطها في بداية القرن الثالث عشر.

لم تستقر الأوضاع للمماليك في مملكة مقرة بعد فرض سيادتهم عليها. فقد قُتِل الملك شكندة ربما بالتواطؤ مع بلاط المماليك لعدم ثقتهم في ولائه، ولم تسفر المراسلات بين الجانبين إلى تسوية الخلافات. وأدى ذلك إلى الصراع بين الجانبين. فقد أرسل المماليك في الفترة الواقعة بين عامي 1286 و1304 خمسة حملات عسكرية، وردت تفاصيلها في المصادر العربية (ابن عبد الظاهر ص 201 -202 وابن الفرات 271 - 272) من أجل الاحتفاظ بالسيادة على مقرة تمكنت جميعها من دخول مدينة دنقلة وتنصيب ملك موال لهم على عرشها. لكن بمجرد رجوع الجيش المملوكي ينتفض أفراد الأسرة المالكة ويقتلوا الملك الموالي للمماليك وينصبوا ملكا جديداً. (أنظر الجدول المرفق) تفاصيل كل هذه الأحداث في الفصل الثالث من كتاب السودان: الوعي بالذات وتأصيل الهوية.

ورغم ذلك لم يرفع المماليك أيديهم عن التدخل في شؤون مقرة لحرصهم عليها من القبائل العربية. وقرر المماليك تنصيب أحد الأمراء المسلمين المستقرين في مصر ملكاً على عرش مقرة. فأعدوا حملة كبرى صحبها الأمير المسلم تمكنت من هزيمة المقريين، ودخلت مدينة دنقلة بعد أن غادرها ملكها. ونصبت الحملة الأمير عبد الله برشمبو أول ملك مقري مسلم على مملكة مقرة عام 716 هـ الموافق 1316م.

لم يثمر تعيين ملك مسلم على عرش مقرة من استقرار الأوضاع في دنقلة، فقد قتل المقريين الملك عبد الله برشمبو واعتلى عرش مملكة مقرة أمير من أسرة كنز الدولة العربة وينتمي للأسرة المقرية من ناحية الأم. فتحول صراع المماليك ضد الأسرة الكنزية وحلفائهم من القبائل العربية لمساعدة الأسرة المقرية للمحافظة على عرشهم. فأرسلوا حملتين عام 1323 و1325 استردتا عرش مقرة من الأسرة الكنزية للأسرة المقرية. لكن تحالف أبناء الكنز كان لا يزال يهدد الأسرة المقرية. فأرسل المماليك حملة أخرى عام 1365م ضد أبناء الكنز وحلفائهم العكارمة

ولم ترد أخبار في المصادر العربية عما آلت إليه الأوضاع في مملكة مقرة بعد هذه الحملة، ولكن يبدو أن الأسرة المقرية تمكنت من المحافظة على عرشها. فقد ذكر المقريزي (السلوك ص 364) أن الملك المقري ناصر الدولة لجأ عام 1397 م إلى بلاط المماليك بسبب خلاف مع ابن عمه على العرش، وذكر أن سلطان المماليك أكرمه وأمر والى أسوان بمساعدته. ولم يوضح المقريزي كيف تمت تلك المساعدة

. ويوضح هذا أن مملكة مقرة كانت لا تزال موجودة حتى نهاية القرن الرابع عشر الميلادي، ربما تغير مقر الأسرة المالكة من مدينة دنقلة إلى قلعة ألدو بالقرب من وادي حلفا لحصانتها وسهولة الدفاع عنها أمام خطر القبائل العربية. ويبدو أن ملوك مقرة اعتنقوا الإسلام كما يتضح من اسم الملك "ناصر" بعد ظهور اسم ملك مقري مسيحي في وثائق بيت المقدس التي تعود إلى الفترة بين عامي 1327 – 1339 م. فمتى انتهى حكم الأسرة المقرية؟ ما لا نزال نجهله.

علاقات المماليك بمملكة علوة
لم تكن للمماليك علاقة مباشرة مع مملكة علوة، لكن كانت منطقة شرق السودان - حيث يتواجد نفوذ مملكة غلوة – مفتوحة أمام المسلمين بعكس ما كان عليه الحال في مملكة مقرة حيث لم يكن يسمح بدخول المسلمين إلى الجنوب من منطقة حلفا إلا بعد إجراءات إدارية دقيقة كما وضح ابن سليم. (ص 93) ولذلك ارتبطت علاقات مملكة علوة وقويت بالمسلمين في مصر عبر شرق السودان.

فقد ذكر ابن سليم (ص 102) في القرن العاشر الميلادي أثناء الحديث عن مدينة سوبا "لها رباط فيه جماعة من المسلمين" الرباط في الأصل كما في لسان العرب (ج 7 ص 302) يعني المرابطة والجهاد في سبيل الله، كما يعني أيضاً المُداومةُ على الشّيء (العين، ج 2، ص 99) والرباط يطلق أيضاً على مكان مداومة العباد والنساك كما كان يحدث في التكايا. فالرباط في نص ابن سليم هنا لا يعني المرابطون للجهاد في سبيل الله بل يشير إلى المرابطون المنقطعون للعبادة والدراسة، ويدل ذلك على العدد الكبير من المسلمين في مدينة سوبا.

كما ذكر ابن حوقل (ص 74) في القرن العاشر الميلادي أيضاً أثناء تناوله لمنطقة دلتا القاش "وسط هذا الوادى تفلين قرى أيضا للبادية منهم ينتجعونها للمراعي حين المطر ولهم ملك مسلم يتكلّم بالعربيّة من قبل صاحب علوه ويختصّ أهل تفلين بالإبل والبقر ولا زرع لهم، فيهم مسلمون كثيرون من غير ناحية على دينهم يتجرون ويسافرون الى مكّة وغيرها"

وقد تناولت المصادر العربية تواصل المماليك بمملكة الأبواب التي كانت تابعة لمملكة علوة، وكانت تمثل الحدود الشمالية لمملكة علوة، فقد وضح المقريزي (المواعظ، ج 1 ص 242) أن "أوّل بلاد علوة، قرى في الشرق على شاطئ النيل تعرف بالأبواب، ولهذه الناحية والٍ من قبل صاحب علوة يعرف بالرحراح."

ذكر ابن عبد الظاهر أنه كانت هنالك علاقة بين بلاطي المماليك ومملكة الأبواب قبل بداية دخول المماليك في صراع مع مملكة مقرة عام 674 هـ/ 1275 م. فقد أشار ابن عبد الظاهر إلى أنه كان للسلطان الظاهر بيبرس أحد الاسماعيلية الفدائيين في بلاط مملكة الأبواب. ولا يتضح مما ذكره ابن عبد الظاهر متى أٌرسل ذلك الفدائي ولا المهمة التي انيطت به، ولماذا يرسل الفدائي وليس شخصاً آخر له صفة سياسية أو عسكرية؟

وليس من السهل تقصي طبيعة العلاقات بين المماليك ومملكة الأبواب، فالمصادر لم تشر إلى علاقات مباشرة بين المماليك وعلوة، بل كان المماليك يتعاملون مباشرة مع مملكة الأبواب مما يرجح سقوط مملكة علوة المبكر. ويفهم ذلك ما ذكره ابن عبد الظاهر (ص 195) في حوادث عام 685 هـ / 1286 من وصول رسول أدر ملك الأبواب صحبة علم الدين سنجر الذي كان قد ارسله المماليك لملك الأبواب ومعه من الهدايا فيلاً وزرافة. ويقول ابن عبد الظاهر عن الملك أدر: "وصل كتابه ببذل الطاعة والتقرب إلى مراضي مولانا السلطان" وذكر في مكان آخر (ص 202) أن ملك الأبواب اعتذر لسلطان المماليك عن عدم حضوره شخصياً لبلاط السلطان لأنه كان يطارد الملك آني، وذكر له:
" أن بلاد الأنج تغلب عليها ملك غير ملكها، وأنه متحيل في أخذها منه، وإذا أخذها صار جميع بلاد السودان في قبضة مولانا السلطان وطاعته" فالملك أدر وضح بذل الطاعة للسلطان، ووضح أنه لو تغلب على الملك الذي اغتصب عرش بلاد العنج ستكون بلاد السودان – ويقصد بذلك بلاد علوة – تحت طاعة السلطان.

فعلاقة المماليك لم تكن مباسرة وقوية بمملكة علوة وكذلك الحال في علاقاتهم بشرق السودان. فبعد استيلاء المماليك على ميناء سواكن ومشاركتهم البجة في إدارة ميناء عيذاب لم ترد معلومات في المصادر العربية عن علاقاتهم بممالك البجة. وفي عام 1316 أرسل المماليك حملة عن طريق سواكن توغلت في بلاد البجة بحثاً عن أعراب هاجموا قافلة رسول حاكم اليمن إلى السلطان المملوكي في صحراء عيذاب. أورد النويري (ص 217) تفاصيل أحداثها. توغلت الحملة في بلاد البجة حتى وصلت منطقة كسلا (كسلان) حيث خاضوا معركة مع الحلنقة وقتلوا اثنين من ملوكهم، ولم يتمكنوا من أسر أحد لأنهم كما عبر النويري " كانوا يرون القتل أحب إليهم من الأسر" وعادت الحملة عن طريق مملكة الأبواب. ولم تعثر الحملة في كل هذه المناطق التي دخلتها ما بين سواكن وكسلا ومنطقة أبو حمد على النيل على الأعراب الذين كانوا يبحثون عنهم ولا على قبيلة عربية أخرى. واتهى حكم المماليك عام 1517 باحتلال الأتراك العثمانيين مصر.

علاقة الأتراك العثمانيين بالسودان
بدأت علاقة الأتراك العثمانيين بالسودان بعد احتلالهم مصر، ودخلوا في صراع مع مملكة الفونج فاحتلوا سواكن عام 1517 م، وأصبحت مقراً لحاكم مديرية الحبشة العثمانية. ثم توجه العثمانيون إلى شمال السودان، وكانوا يعتقدون كما في إحدى الوثائق العثمانية أنه بإمكان حملة صغيرة مكونة من ألف جندي احتلال بلاد الفونج ثم دخول الحبشة. (Peacock, p92) إلا أن الفونج تمكنوا من توقف زحفهم عام 1584 م وأصبحت حنك في منطقة الشلال الثالث حدا بين دولة الفونج والعثمانيين في شمال السودان. (Peacock, p 100)

اكتفى الأتراك العثمانيين باحتلال سواكن، ولم تتجدد أطماعهم في السودان إلا في عصر محمد علي باشا الوالي العثماني على مصر حيث تمكن من هزيمة مملكة الفونج والسيطرة على أراضيها عام 1821 م، ثم ضموا دارفور عام 1874. وبعد أحد عشرة سنة من اكتمال سيطرة الأتراك العثمانيين على السودان نجحت الثورة المهدية في تحرير السودان من احتلالهم. وبعد هزيمة البريطانيين للثورة المهدية واحتلال السودان عاد بعض النفوذ العثماني إلى السودان تحت مظلة الاستعمار البريطاني.

كلمات أخيرة
العلاقات بين السودان وحكام مصر منذ الفتح العربي على يد عمرو بن العاص في القرن السابع وحتى القرن العشرين الميلادي اتسمت بصورة عامة بالتوتر بين الجانبين. سعى خلالها حكام مصر لتحقيق بسط النفوذ او السيطرة على السودان من اجل تامين مصالحهم التجارية والسياسية. ونسبة للمقاومة القوية والمستمرة ضد تلك الاطماع لم يتمكن حكام مصر من بسط نفوذهم السياسي على السودان الا في فترة الحكم التركي العثماني الذي استمر لنحو 6 عقود في القرن 19 الميلادي والذي واجه معارضة وثورات مستمرة انتهت بانتصار الثورة المهدية ونهاية حكمهم.

ثم تجدد الصراع بعد انتصار البريطانيون على الثورة المهدية ومحاولة اسرة محمد علي الالبانية استعادة نفوذها في السودان إبان الحكم البريطاني حتى قيام الثورة المصرية عام 1952م وعودة حكم مصر لأبنائها بعد ان فقدوه لفترة طويلة تمتد لنحو 30 قرن. وحاولت الإدارة المصرية الجديدة حكم السودان تحت التاج المصري مستقلين ولاء الأحزاب الاتحادية (التي كانت تنادي بالوحدة مع مصر)، إلا ان المعارضة الداخلية أجبرت الإدارة المصرية على قبول استقلال السودان واحتضنته داخل جامعة الدول العربية للحيلولة دون انضمامه الى رابطة الشعوب البريطانية المعروفة بالكومنولث Commonwealth بغية الانفراد بالسودان وتوقيع اتفاقية مياه النيل وانشاء السد العالي.

والغريب في الامر ان الأحزاب الاتحادية لازالت حتى اليوم تحتفظ بأسمائها القديمة بعد أكثر من 60 سنة من رفض السودان الوحدة مع مصر وتحقيق استقلاله الكامل. لعل هذا الولاء المتواصل للأحزاب الاتحادية بهدفها القديم (الوحدة مع مصر) لا يزال يراود بعض منتسبيها مما جعلهم يحافظون على هذا الاسم القديم الذي يرمز الى الهدف القديم.
جدول رقم 3 علاقات المماليك بالسودان 1250 – 1317 م
التاريخ/ميلادي الحدث
1256 استولى المماليك على سواكن
1263 أسلم بعض أمراء مملكة مقرة في بلاط المماليك بالقاهرة
1263 أغار ملك النوبة على عيذاب
1272 أغارت جيوش مملكة مقرة على أسوان
1275 غارات ملك مقرة على منطقة أسوان
1275 لجوء أحد أمراء مملكة مقرة إلى بلاط المماليك
1275 لجأ شكندة (ابن أخ أو ابن أخت ملك النوبة داود) يشكو عمه
1275 حملة مملوكية نصبت شكندة ملكاً على دنقلة، قَبِل دفع الجزية -
1275 معاهدة جديدة بين المماليك وملك مقرة
1285 سفارة مملوكية إلى ملوك وحكام السودان
1986 سفارة مملوكية أي ملك الأبواب (بين مملكتي مقرة وعلوة)
1286 سفارة وهدية ملك الأبواب إلى سلطان المماليك
1286 وصول رسالة ملك الأبواب أدر إلى بلاط المماليك معلنا طاعته لهم
1287 حملة مملوكية نصبت ملكاً جديداً على مقرة
1289 هجم ملك مقرة على أسوان
1289 حملة مملوكية نصبت ملكاً جديداً على مقرة
1290-91 حملة مملوكية نصبت ملكاً جديداً على مقرة
1304 م ملك مقرة يقدم هدية لسلطان المماليك
1304 حملة مملوكية نصبت ملكاً جديداً على مقرة
1312 وصل كرنبس ملك مقرة القاهرة معه هدايا
1316 حملة مملوكية وتنصيب عبد الله برشمبو ملكاً
1317 قتل عبد الله برشمبو وتولى أمير من أسرة كنز الدولة عرش مقرة
1317 حملة مملوكية على سواكن توغلت حتى كسلا ثم رجعت عن طريق دنقلة
1323 حملة مملوكية على اسرة كنز الدولة في دنقلة ونصبت كرنبس ملكاً
1324 عادت أسرة كنز الدولة لحكم مملكة مقرة
1324 قدمت رسل ملك مقرة القاهرة
1325 حملة مملوكية إلى دنقلة أنهت حكم الأسرة الكنزية وأعادت حكم الأسرة المقرية
1327-1339 ورد اسم ملك مسيحي على مملكة مقرة في وثائق بيت المقدس
1365 رسالة ملك دنقلة خروج ابن أخيه علية واستنجاده بني [عد
1365 حملة مملوكية غلى المقرة ضد أبناء الكنز والعكارمة
1397 وصل ناصر ملك مقرة القاهرة فاراً من ابن عمه
المراجع
- أحمد الياس حسين، مراجعات في تاريخ السودان الجزء الثالث، الخرطوم: مركز بناء الأمة للبحوث والدراسات 2018.
ابن حوقل، كتاب صورة الأرض. بيروت: منشورات دار مكتبة الحياة 1979
- الخليل بن أحمد: كناب العين، موقع الوراق warraq.com
- ابن سعيد، كتاب الجغرافيان موقع الوراق warraq.com
- ابن سليم الأسواني، أخبار النوبة والمقرة وعلوة والبجة والنيل في مصطفى محمد مسعد، المكتبة العربية السودنبة.
- ابن عبد الظاهر، تشريف الأيام والعصور بسية الملك المنصور قلاون في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية
- ابن الفرات، تاريخ الدول والملوك في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية
- مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية العربية: مجموعة النصوص والوثائق العربية الخاصة بتاريخ السودان في العصور الوسطى الخرطوم: جامعة القاهرة 1972.
- المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، موقع الوراق
- المقريزي، السلوك لمعرفة دول الملوك موقع الوراق
- ابن منظور: لسان الغرب موقع الوراق warraq.com
- النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب في مسعد، المكتبة السودانية

Peacock, A. C. S. “The Ottomans and the Funj Sultanate in the Sixteenth and Seventeenth Centuries” Bulltin of SOAS, 75, 1 (2012)87 – 111.

 

 

آراء