نظرة منفرجة
وجدي كامل
7 July, 2024
7 July, 2024
وجدي كامل
كنا في الصغر، ونحن نستيقظ للذهاب الى المدارس، نسمع ونشاهد الفرق العسكرية الحديثة التدريب (فرق اسلحة الجيش) وهى تركض بصفوف متراصة، ترتدي ملابس رياضية، واحذية جديدة على الشوارع الرئيسة للعاصمة المثلثة التي لم تكن قد اكتظت بعد بالسيارات وزحام البشر. كانت (دولة ٥٦) فتية وغضة وسكان عاصمتها محدودي العدد وربما لم يتجاوز مجموعهم الخمسمائة الف قاطن ( ما قبل الحرب وصل لقرابة العشرة ملايين او اكثر).. الفرق العسكرية آلتي تميزت بترديد الجلالات الجميلة، الجاذبة كانت تعطينا شعورا عارما وكثيفا بالامن والامان والوحدة الوطنية، كما الاحساس بالفخر وانها حامي حمى الوطن قبل ان يأتي زمان سياسي آخر وتختفي كل تلك المشاهد، ويحل محلها التوحش والانقضاض على الحقوق الاقتصادية والمدنية، ومنها ادارة العملية السياسية بالبلاد وانشاء الميليشيات المساعدة على ابقاء سلطة الجيش على السياسة والاقتصاد. الآن يدفع المواطن بسبب ما فعله تنظيم الاخوان المسلمين من تشويه ببنية السلطة ثمن فتنة الاصل المريض والفرع المصاب وتخسر البلاد ما بنته لاكثر من مائة عام واكثر، مع تجريد المواطن من حق البقاء في مسكنه وارضه. ضبط الاشياء، وتحقيق ميزان العدالة ووضع السودان في الطريق الصحيح لن يتأتى مستقبلا الا بتوفر وتوفير مؤسسة رقابية مدنية عليا تقوم بالتحقيق ومحاكمة كل من شارك ودبر للحرب من كافة الاطراف، وان يتحول اليوم الذي يرى فيه الناس المتهمين تحت امرة وحكم القانون الى يوم قومي، وعيد سنوى، وبداية تدشين دستور دائم محمي بجيش وطني جديد، واحد ومتحد، جيش يؤمن بالديمقراطية والتعددية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويقف جنبا الى جنب مع شعبه في صيانة الحقوق والمبادئ. حتى ذلك التاريخ المؤمل والمرجو علي السودانيين تضميد الجراح والمعافاة من الحرب واثارها، ونبذ كافة اسبابها المعنوية والاخلاقية والثقافية. ذاك عمل لن يحدث بالامنيات او الوصفات الجاهزة، ولكن بخلق الارادة السياسية اللازمة وكل ما يستدعي اعادة بناء هياكل السياسة والسياسيين انفسهم بالبلاد. قد نحتاج الى اجيال واجيال جديدة مختلفة في نواياها، وتراكيبها، ورؤاها، وهو ما يتطلب وقبل كل شيءٍ البناء على ثقافة اجتماعية واقتصادية وسياسية علمية تعيد صياغة العقل السوداني في علاقته بالعلم والتفكير العلمي بالواقع وحزم التصورات المتعلقة بالتنمية البشرية. وفوق كل هذا وذاك تصبح مهمة صناعة دولة المواطن والنظر للعمل السياسي كعمل لتقديم الخدمات العامة اولى واجبات مرحلة ما بعد الحرب. سينهض السودان متى تعدل وتم تعديل مفهوم السياسة الى الاستعداد والقدرة على تقديم الخدمات للمجموع والتضحية بكل غال لاجل المصلحة العامة، وليس التضحية بالمجموع لاجل مصلحة الفرد.
wagdik@yahoo.com
كنا في الصغر، ونحن نستيقظ للذهاب الى المدارس، نسمع ونشاهد الفرق العسكرية الحديثة التدريب (فرق اسلحة الجيش) وهى تركض بصفوف متراصة، ترتدي ملابس رياضية، واحذية جديدة على الشوارع الرئيسة للعاصمة المثلثة التي لم تكن قد اكتظت بعد بالسيارات وزحام البشر. كانت (دولة ٥٦) فتية وغضة وسكان عاصمتها محدودي العدد وربما لم يتجاوز مجموعهم الخمسمائة الف قاطن ( ما قبل الحرب وصل لقرابة العشرة ملايين او اكثر).. الفرق العسكرية آلتي تميزت بترديد الجلالات الجميلة، الجاذبة كانت تعطينا شعورا عارما وكثيفا بالامن والامان والوحدة الوطنية، كما الاحساس بالفخر وانها حامي حمى الوطن قبل ان يأتي زمان سياسي آخر وتختفي كل تلك المشاهد، ويحل محلها التوحش والانقضاض على الحقوق الاقتصادية والمدنية، ومنها ادارة العملية السياسية بالبلاد وانشاء الميليشيات المساعدة على ابقاء سلطة الجيش على السياسة والاقتصاد. الآن يدفع المواطن بسبب ما فعله تنظيم الاخوان المسلمين من تشويه ببنية السلطة ثمن فتنة الاصل المريض والفرع المصاب وتخسر البلاد ما بنته لاكثر من مائة عام واكثر، مع تجريد المواطن من حق البقاء في مسكنه وارضه. ضبط الاشياء، وتحقيق ميزان العدالة ووضع السودان في الطريق الصحيح لن يتأتى مستقبلا الا بتوفر وتوفير مؤسسة رقابية مدنية عليا تقوم بالتحقيق ومحاكمة كل من شارك ودبر للحرب من كافة الاطراف، وان يتحول اليوم الذي يرى فيه الناس المتهمين تحت امرة وحكم القانون الى يوم قومي، وعيد سنوى، وبداية تدشين دستور دائم محمي بجيش وطني جديد، واحد ومتحد، جيش يؤمن بالديمقراطية والتعددية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويقف جنبا الى جنب مع شعبه في صيانة الحقوق والمبادئ. حتى ذلك التاريخ المؤمل والمرجو علي السودانيين تضميد الجراح والمعافاة من الحرب واثارها، ونبذ كافة اسبابها المعنوية والاخلاقية والثقافية. ذاك عمل لن يحدث بالامنيات او الوصفات الجاهزة، ولكن بخلق الارادة السياسية اللازمة وكل ما يستدعي اعادة بناء هياكل السياسة والسياسيين انفسهم بالبلاد. قد نحتاج الى اجيال واجيال جديدة مختلفة في نواياها، وتراكيبها، ورؤاها، وهو ما يتطلب وقبل كل شيءٍ البناء على ثقافة اجتماعية واقتصادية وسياسية علمية تعيد صياغة العقل السوداني في علاقته بالعلم والتفكير العلمي بالواقع وحزم التصورات المتعلقة بالتنمية البشرية. وفوق كل هذا وذاك تصبح مهمة صناعة دولة المواطن والنظر للعمل السياسي كعمل لتقديم الخدمات العامة اولى واجبات مرحلة ما بعد الحرب. سينهض السودان متى تعدل وتم تعديل مفهوم السياسة الى الاستعداد والقدرة على تقديم الخدمات للمجموع والتضحية بكل غال لاجل المصلحة العامة، وليس التضحية بالمجموع لاجل مصلحة الفرد.
wagdik@yahoo.com