السودان على حافة الانفجار: تحالفات سرية بين الدعم السريع والحركات وانقلابات تقود إلى كسر العظم
عمار نجم الدين
1 November, 2024
1 November, 2024
بقلم/ عمار نجم الدين
مقدمة
تتجه التحالفات داخل الجيش السوداني والجهات الموالية له نحو الانهيار، إذ تشير المعلومات إلى أن تحالفات جديدة قيد التشكيل، قد تُضعف قوة الجيش المركزي بشكل غير مسبوق. هذا الانشقاق الوشيك سيجعل الجيش يواجه اختبارًا قاسيًا، خاصة مع احتمالية تحالف بعض حركات دارفور مع قوات الدعم السريع. يبدو أننا على أعتاب مرحلة جديدة من النزاع، ستدخل البلاد في دوامة من “كسر العظم”، حيث ستتبدل التحالفات وتتعقد الصراعات.
فشل الدمج والسلام: إرهاصات الانهيار
لم يتم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام كما وُعد، ولم يُنجز الدمج الكامل بين الجيش والحركات المسلحة. الواقع كشف أن الدمج الوحيد الذي تحقق كان مع قوات مالك عقار، وبضغط مباشر من قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي). لكن هذا الدمج جاء بشكل شكلي ومهين؛ فقد تُرك الجنود في معسكر خالد بن الوليد لمدة أسبوعين دون غذاء أو دواء، ما دفعهم إلى مغادرة المعسكر بعد أن أُهملوا بالكامل.
وفي موقف ساخر، حين تخلى الجيش عنهم، كان حميدتي هو من يسدد رواتب هؤلاء الجنود ويطعمهم، بعدما رفض البرهان توفير احتياجاتهم قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021. قائد الدعم السريع أصبح “المنقذ” لهؤلاء الجنود، في مشهد يفضح التصدعات داخل التحالفات العسكرية.
أما مالك عقار، فقد اصطف مع البرهان لاحقًا، في خطوة أثارت السخرية، الذي كان جنوده يتضورون جوعاً كان حميدتي يمدهم بالطعام. ومن المعروف عن مالك أنه لا يتحمل الجوع، وقد قال في أحد تصريحاته الكاذبة بعد اشتعال حرب 15 أبريل : “قلنا للبرهان في الدمازين (دعنا نربط لك هذا الولد ونقتله)، لكنه رفض”. إنها بطولة كاذبة في زمن تُحركه المصالح، حيث تُدار التحالفات الهشة بين الأطراف على أساس الانتهازية أكثر من المبادئ.
عودة إلى عهد الاستغلال والانتهازية
الحركات المسلحة التي كانت تتغنى بالثورة والتحول الديمقراطي، انقلبت على ماضيها وانضمت إلى صفوف انقلاب البرهان في 25 أكتوبر 2021. ما كان يُفترض أنه خطاب سياسي نضالي أصبح مجرد أداة لتحقيق مكاسب سلطوية. اتضح أن هذه الحركات كانت تتعامل مع العدالة كورقة ضغط لانتزاع نصيبها من السلطة، لا كحق أصيل تناضل من أجله.
وقد تجلى هذا التناقض بوضوح في تصرفات حركة العدل والمساواة، التي أعادت خطابها الإسلامي المتطرف، وتحولت تحت قيادة جبريل إبراهيم إلى أداة في يد الإخوان المسلمين تحت نهج السيد سيد قطب ( البراء و الولاء) و لكنه نسي ان (( العرق أقوى من الدين )) وان نهايته سوف تكون مثل نهاية سمنار
. أما مناوي بعد الحرب ، فقد صار أتباعه يستخدمون لغة التهديد والوعيد ضد خصومهم، متوعدين إياهم بالاعتقال والتصفية و هذا ليس بعيد عن مناوي فقد راينا في الخرطوم في العام 2004 كيف كان يطارد رفاقه في شوارع المهندسين بالأسلحة النارية .
مواقف الحياد الزائف: خيانة لدماء المدنيين
وسط هذه الفوضى، اتخذت الحركات المسلحة بعد الحرب في 15 أبريل موقف الحياد إزاء الصراع بين الجيش والدعم السريع، مما سمح بوقوع انتهاكات جسيمة، خاصة في دارفور والجنينة. قامت الاستخبارات بتوزيع السلاح على المدنيين، ما دفعهم إلى مواجهة قوات الدعم السريع المدججة بالسلاح الثقيل. كان المدنيون مسلحين بالكلاشنكوفات الخفيفة، في مواجهة ترسانة من المدرعات والأسلحة المتقدمة، مما أدى إلى مقتل المئات منهم.
رغم هذه المجازر، لم تتحرك الحركات المسلحة للدفاع عن المدنيين. لم تكسر الحياد حتى بعد سقوط كل ولايات دارفور في يد الدعم السريع ما عدا شمال دارفور و لم يقف الحياد إلا بعد تقديم مطالب مالية كبيرة للبرهان، لتعود إلى القتال ولكن ليس دفاعًا عن دارفور و مواطنيها في الجنينة او زالنجي او الضعين بل في مناطق مثل اذاعة أم درمان المركزية والدندر ومصفاة الجيلي، حيث تسعى لتحقيق مصالح الجيش ضيقة الشمال.
مفاوضات تحالفات جديدة: انهيار الجيش يلوح في الأفق
تشير المعلومات إلى أن مفاوضات سرية تجري بين مني أركو مناوي وقوات الدعم السريع لتشكيل تحالف عسكري ضد الحكومة المركزية. هذه المفاوضات تُدار ببطء ولكن بثبات، وتُعقد في ثلاث دول: دولة جارة، ودولة عربية، وأخرى أوروبية.
في حال إتمام هذا التحالف، سيكون ذلك إيذانًا بانهيار سيطرة الجيش السوداني الذي يعاني بالفعل من الإنهاك، خاصة بعد أن أصبح البرهان أول رئيس نازح في تاريخ البلاد، يدير شؤون الدولة من شرق السودان. هذه التحالفات الجديدة ستدفع السودان إلى مرحلة أكثر عنفًا، ستُعمّق الأزمة وتفتح الباب أمام صراع طويل الأمد لا مجال فيه سوى لكسر العظم بين الأطراف المتحاربة.
نقد لداعمي الحرب وإشعال فتيل النزاع
لا يمكن التغاضي عن الدور السلبي الذي يلعبه بعض المثقفين وداعمي الحرب من خلف شاشاتهم. هؤلاء المحرّضون أسهموا في تأجيج الصراع، وشجعوا المدنيين على حمل السلاح لمواجهة قوات مدججة بأسلحة ثقيلة، دون إدراك أن الكلاشنكوف لن يصمد أمام المدرعات والدبابات.
يُعد الدكتور محمد جلال هاشم مثالًا صارخًا لهذا الدور السلبي؛ فهو يتحمل، مثل الجيش والدعم السريع، مسؤولية مقتل الآلاف من المدنيين بخطابه التحريضي. إن هؤلاء الداعمين للحرب، مهما حاولوا الاختباء وراء شعارات براقة، هم شركاء في هذه المأساة المستمرة.
خاتمة: السودان على أعتاب تحولات كبرى
يبدو أن السودان مقبل على مرحلة جديدة من التحولات السياسية والعسكرية، حيث تتفكك التحالفات القديمة، وتتشكل قوى جديدة على أنقاض الجيش المركزي. ما نشهده اليوم ليس سوى بداية لانفجار كبير قادم، حيث ستتصاعد الصراعات وتُعاد صياغة موازين القوى في البلاد.
الأيام القادمة ستكون مليئة بالتطورات التي قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في السودان. مع تفكك التحالفات الهشة وانقلاب المصالح، سيشهد السودان انقلابات دراماتيكية وصراعًا عنيفًا سيطبع هذه المرحلة بدماء وخيانة لا مفر منها.
مقدمة
تتجه التحالفات داخل الجيش السوداني والجهات الموالية له نحو الانهيار، إذ تشير المعلومات إلى أن تحالفات جديدة قيد التشكيل، قد تُضعف قوة الجيش المركزي بشكل غير مسبوق. هذا الانشقاق الوشيك سيجعل الجيش يواجه اختبارًا قاسيًا، خاصة مع احتمالية تحالف بعض حركات دارفور مع قوات الدعم السريع. يبدو أننا على أعتاب مرحلة جديدة من النزاع، ستدخل البلاد في دوامة من “كسر العظم”، حيث ستتبدل التحالفات وتتعقد الصراعات.
فشل الدمج والسلام: إرهاصات الانهيار
لم يتم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام كما وُعد، ولم يُنجز الدمج الكامل بين الجيش والحركات المسلحة. الواقع كشف أن الدمج الوحيد الذي تحقق كان مع قوات مالك عقار، وبضغط مباشر من قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي). لكن هذا الدمج جاء بشكل شكلي ومهين؛ فقد تُرك الجنود في معسكر خالد بن الوليد لمدة أسبوعين دون غذاء أو دواء، ما دفعهم إلى مغادرة المعسكر بعد أن أُهملوا بالكامل.
وفي موقف ساخر، حين تخلى الجيش عنهم، كان حميدتي هو من يسدد رواتب هؤلاء الجنود ويطعمهم، بعدما رفض البرهان توفير احتياجاتهم قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021. قائد الدعم السريع أصبح “المنقذ” لهؤلاء الجنود، في مشهد يفضح التصدعات داخل التحالفات العسكرية.
أما مالك عقار، فقد اصطف مع البرهان لاحقًا، في خطوة أثارت السخرية، الذي كان جنوده يتضورون جوعاً كان حميدتي يمدهم بالطعام. ومن المعروف عن مالك أنه لا يتحمل الجوع، وقد قال في أحد تصريحاته الكاذبة بعد اشتعال حرب 15 أبريل : “قلنا للبرهان في الدمازين (دعنا نربط لك هذا الولد ونقتله)، لكنه رفض”. إنها بطولة كاذبة في زمن تُحركه المصالح، حيث تُدار التحالفات الهشة بين الأطراف على أساس الانتهازية أكثر من المبادئ.
عودة إلى عهد الاستغلال والانتهازية
الحركات المسلحة التي كانت تتغنى بالثورة والتحول الديمقراطي، انقلبت على ماضيها وانضمت إلى صفوف انقلاب البرهان في 25 أكتوبر 2021. ما كان يُفترض أنه خطاب سياسي نضالي أصبح مجرد أداة لتحقيق مكاسب سلطوية. اتضح أن هذه الحركات كانت تتعامل مع العدالة كورقة ضغط لانتزاع نصيبها من السلطة، لا كحق أصيل تناضل من أجله.
وقد تجلى هذا التناقض بوضوح في تصرفات حركة العدل والمساواة، التي أعادت خطابها الإسلامي المتطرف، وتحولت تحت قيادة جبريل إبراهيم إلى أداة في يد الإخوان المسلمين تحت نهج السيد سيد قطب ( البراء و الولاء) و لكنه نسي ان (( العرق أقوى من الدين )) وان نهايته سوف تكون مثل نهاية سمنار
. أما مناوي بعد الحرب ، فقد صار أتباعه يستخدمون لغة التهديد والوعيد ضد خصومهم، متوعدين إياهم بالاعتقال والتصفية و هذا ليس بعيد عن مناوي فقد راينا في الخرطوم في العام 2004 كيف كان يطارد رفاقه في شوارع المهندسين بالأسلحة النارية .
مواقف الحياد الزائف: خيانة لدماء المدنيين
وسط هذه الفوضى، اتخذت الحركات المسلحة بعد الحرب في 15 أبريل موقف الحياد إزاء الصراع بين الجيش والدعم السريع، مما سمح بوقوع انتهاكات جسيمة، خاصة في دارفور والجنينة. قامت الاستخبارات بتوزيع السلاح على المدنيين، ما دفعهم إلى مواجهة قوات الدعم السريع المدججة بالسلاح الثقيل. كان المدنيون مسلحين بالكلاشنكوفات الخفيفة، في مواجهة ترسانة من المدرعات والأسلحة المتقدمة، مما أدى إلى مقتل المئات منهم.
رغم هذه المجازر، لم تتحرك الحركات المسلحة للدفاع عن المدنيين. لم تكسر الحياد حتى بعد سقوط كل ولايات دارفور في يد الدعم السريع ما عدا شمال دارفور و لم يقف الحياد إلا بعد تقديم مطالب مالية كبيرة للبرهان، لتعود إلى القتال ولكن ليس دفاعًا عن دارفور و مواطنيها في الجنينة او زالنجي او الضعين بل في مناطق مثل اذاعة أم درمان المركزية والدندر ومصفاة الجيلي، حيث تسعى لتحقيق مصالح الجيش ضيقة الشمال.
مفاوضات تحالفات جديدة: انهيار الجيش يلوح في الأفق
تشير المعلومات إلى أن مفاوضات سرية تجري بين مني أركو مناوي وقوات الدعم السريع لتشكيل تحالف عسكري ضد الحكومة المركزية. هذه المفاوضات تُدار ببطء ولكن بثبات، وتُعقد في ثلاث دول: دولة جارة، ودولة عربية، وأخرى أوروبية.
في حال إتمام هذا التحالف، سيكون ذلك إيذانًا بانهيار سيطرة الجيش السوداني الذي يعاني بالفعل من الإنهاك، خاصة بعد أن أصبح البرهان أول رئيس نازح في تاريخ البلاد، يدير شؤون الدولة من شرق السودان. هذه التحالفات الجديدة ستدفع السودان إلى مرحلة أكثر عنفًا، ستُعمّق الأزمة وتفتح الباب أمام صراع طويل الأمد لا مجال فيه سوى لكسر العظم بين الأطراف المتحاربة.
نقد لداعمي الحرب وإشعال فتيل النزاع
لا يمكن التغاضي عن الدور السلبي الذي يلعبه بعض المثقفين وداعمي الحرب من خلف شاشاتهم. هؤلاء المحرّضون أسهموا في تأجيج الصراع، وشجعوا المدنيين على حمل السلاح لمواجهة قوات مدججة بأسلحة ثقيلة، دون إدراك أن الكلاشنكوف لن يصمد أمام المدرعات والدبابات.
يُعد الدكتور محمد جلال هاشم مثالًا صارخًا لهذا الدور السلبي؛ فهو يتحمل، مثل الجيش والدعم السريع، مسؤولية مقتل الآلاف من المدنيين بخطابه التحريضي. إن هؤلاء الداعمين للحرب، مهما حاولوا الاختباء وراء شعارات براقة، هم شركاء في هذه المأساة المستمرة.
خاتمة: السودان على أعتاب تحولات كبرى
يبدو أن السودان مقبل على مرحلة جديدة من التحولات السياسية والعسكرية، حيث تتفكك التحالفات القديمة، وتتشكل قوى جديدة على أنقاض الجيش المركزي. ما نشهده اليوم ليس سوى بداية لانفجار كبير قادم، حيث ستتصاعد الصراعات وتُعاد صياغة موازين القوى في البلاد.
الأيام القادمة ستكون مليئة بالتطورات التي قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في السودان. مع تفكك التحالفات الهشة وانقلاب المصالح، سيشهد السودان انقلابات دراماتيكية وصراعًا عنيفًا سيطبع هذه المرحلة بدماء وخيانة لا مفر منها.