مُذَكِّرَات مُغتَرِب في دُوَلِ الخَلِيجِ العَرَبي (٤٥)

 


 

 

عرضَ عليَّ مسئولُ التوظيف في شركة الخليج للتعليم والتدريب بعد عودتي من العطلة الصيفية مواصلةَ العملِ معهم وبنفسِ الشروط السابقة لعامٍ آخر . لم تحصلْ الشركة على تجديدِ عقدِها مع الهيئة المَلكَية التي تديرُ كليةَ الجبيل الصناعية للعام التالي ٢٠١٩ - ٢٠٢٠م حيثُ انتَزعَتْهُ منها شركةُ المَدينة التَّعليمية . كان العرضُ للعملِ بجامعة حائِل هذه المرَّة إلا أنّني رَفضتُه . مدينةُ حائل تقعُ شمالَ المملكة وهي معروفةٌ بأجوائها الباردة جداً في الشِّتاء وتصلُ أحياناً إلى درجاتٍ تحت الصِّفر لدرجةِ أنَّ المِياه تتجمدُ في الأنابيبِ وصنابيرٍ المياه . رفضتُ الذّهابَ إلى هناك بسببِ عمليةِ الصَّمام الأورطي التي أجريتُها في أوائل التسعينات ولما يُسبِّبه البردُ القارسُ مِن أذى لشخصٍ ذي صمّامٍ معدِني . وهكذا فارقتُ الجُبيل وكُلِّيتَها الرَّائعة وفي القلبِ حَسْرة . لم يطُلْ انتظاري فاتَّصلَ بي أحدُ الزُّملاءِ الذين عمِلوا معي في الكلية وأخبرني أنَّ مدرسةً عالميةً في الخُبر بحاجةٍ إلى مُعلِّمي لغة إنجليزية . فقلتُ خيراً وشدَدتُ الرِّحال نحوَها . أُجرِيتْ لي المُعاينة في نفسِ اليوم الذي ذهبتُ فيه وتمَّ التَّعاقُد معي بدونِ عقدٍ وذلك بغرضِ فرضِ فترةٍ تجريبية . بدأتُ العملَ معهم في ٣١ أغسطس ٢٠١٩م وعدتُ إلى السَّكن مع " عزابة " حي الخليج الذين كنتُ معهم أيامَ العملِ بمركز الخليج للتدريب . كانَ ينقُلُني مِن الدمام إلى المدرسةِ في الخُبر صباحاً باكراً أحدُ الشَّباب ثم يعودُ إليّ في نهايةِ الدَّوام في الثانيةِ ظُهرا . لم تكنْ المدرسةُ واسمُها Inspire International School بذاك المُستوى العالمي لا في إدارِتها وانضِباطِها ولا حتى طلابِها ومُعلِّميها ، لكنَّ "المُضطَّر يركَب الصَّعب " كما يُقال . في الأسبوعِ الثالث واليومِ الحادي والعشرين بالضَّبط من بدايةِ الدَّوام مع هؤلاءِ " المُلهَمُون " ، ركِبنا سيارةَ الشَّاب مصطفى جكسا الصالون الصغيرة ماركة Ford وتَحرَّكنا من أمامِ المدرسة بنهاية الدوام ، وبعد عشرِ دقائق وعند تقاطعٍ فرعيٍ مع شارعٍ رئيسي اقتَحمَتنا امرأةٌ سوريةٌ وهي تدورُ في ال U turn وكانتْ تقودُ سيارة مرسيدس 4 wheel drive فوقعَ الحادِثُ الذي أهلكَ سيارةَ ابنِنا مصطفى وكَسرَ ذِراعي اليُمنى عند الكتِف وكانَ خَلعَاً dislocation . والحمدُ لله " ما أصابكَ ما كانَ لِيُخطِئك " ! جاءَ زوجُ المرأة التي تَسبَبتْ في الحادِث فتَبنَّى الأمرَ وانسَحبَتْ هي من مسرحِ الحادِث على حينِ غفلةٍ مِن مصطفى الذي لم يُصَبْ وانشغلَ بالاتصالِ على شركةِ " نَجم " لتقييم الحادث وانشغلتُ أنا مع الإسعافِ الذي حملني إلى قسمِ الطوارئ ب "مستشفى محمد الدَّوسري " وقد كانَ الأقرب . نسي مصطفى أن يستدعي الشُّرطة وانشغلَ بموضوعِ سيارته مع الشركة التي كان يعملُ بها . وهكذا نَفدَتْ المرأةُ بِجِلدها ونجا زوجُها من دفعِ أي تعويضاتٍ أو خسائرَ نجمتْ عن خطأئها بنسبة ١٠٠% في الدَّوران . ظللنا في الطوارئ بقيةَ تلك الليلة مع فحصِ الأشِعة وغيرِها ، وبعد أنْ تأكَّد الطبيبُ الهِندي المُناوب من مسألةِ الخَلع ، قامَ بِتحويلي إلى مستشفى المُواساة بالدَّمام حسبَ رغبتي إذ إنَّ ذلك المُستشفى يدخلُ في نِطاقِ التَّأمين الصِّحي الذي بِحوزَتي .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com

 

آراء