هل اخترق الاخوان الإدارة المدنية؟

 


 

 

رشحت اخبار عن اختراق عضوية حزب المؤتمر الوطني – الاخوان المسلمين لهياكل الإدارة المدنية، التي تم تكوينها بالولايات المحررة من قبضة فلول النظام البائد، وقد نفت الجهات المدنية ذات الصلة بقوات الدعم السريع هذا الادعاء، وما بين النفي والزعم تكمن هواجس أحرار السودان المكتوين بنار الحزب الذي حكم البلاد بقوة الحديد والنار، فكيف سمح المنظمون لعملية تأسيس الإدارة المدنية لأن يخترقها الحزب البائد، المفترض أن يكون محلولاً؟، وقد نبّهنا من قبل لضرورة وضع هذا الكيان السياسي الاخطبوط ورموزه موضع الحظر الكامل، مع تقديم المفسدين والقتلة والمتجاوزين للمحاكمة، بل ذهبنا لأبعد من ذلك، بوجوب رفع مستوى النظر لجرائمه بذات المستوى الذي وصل إليه حزب البعث في العراق، فاليوم وبعد أن تعافى العراق لن تجد من يرى في حزب البعث البائد الباطش حق لإعادته للمشهد وضخ دماء الحياة فيه، ولو ثبت ولوج عضوية المؤتمر الوطني لهياكل الإدارة المدنية، تكون القضية المحورية للأشاوس الباذلين للروح والبدن قد نسفت من أساسها، ولن يكون هنالك اتساق ما بين مشروع القضاء على الدولة القديمة، وتصبح الأجندة المشروعة لإزالة وتفكيك منظومة الإخوان المسلمين المتحورين للمؤتمر الوطني، فاقدة لصلاحية النفاذ، لتعارض وجود سدنة الحكم البائد مع أهداف القضية، ويمسي السودانيون الطامحين في بزوغ فجر للحرية والانعتاق مخذولين قانعين قابعين، وفي ذات السياق يكون فلول المنظومة البائدة قد وجدوا ضالتهم في الإدارة المدنية، التي سيحولونها لمنصة يستطيعون عبرها تدشين مشروع تمكيني آخر جديد، ويكون متاحاً للذين يصنفون الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، على أساس أنها حرب بين كيزان وكيزان، ويكون الزعم بأن بعض مستشاري قائد الدعم السريع كوادر بالحركة الإسلامية – المؤتمر الوطني.
الاستفهام الثاني: هل حقيقة يوجد صراع اليسار واليمين داخل أروقة قوات الدعم السريع؟، وهل اقالة المستشار السياسي السابق لقائد الدعم السريع، وراءها الكادر الاخواني المزعوم والموجود على رأس هرم قيادة القوات؟، الإجابة على هذين السؤالين تحدد استمرار القوات كقوة التف حولها الشعب من أجل تحقيق مراده، في الديمقراطية والحكم الرشيد، أو عدم ذلك، بتحوّل القوات لثكنة للإخوان – المؤتمر الوطني، ومن ثم تعود المهزلة بالمزيكا فاردة أجنحتها المغطية للولايات المحررة بدم الأشاوس، البعيدين كل البعد عن صراع الأيدلوجيا وخلافات السلطة، ونحن نسبر غور هذه المزاعم يتبادر للأذهان الاستفهام الجوهري، هل توجد جماعة منظمة سياسياً غير هذا الحزب؟ الذي قطف ثمار خلاف النخبة في آخر حكومة منتخبة، فقفز على الديمقراطية ونفذ جريمة الانقلاب الذي دفع الناس ثمنه حروباً شعواء، فلو كان الآخر مشغول بخلافاته الداخلية ولم يعر انتباهاً للمرحلة الآنية، وفقد التركيز المؤدي لتسنمه هياكل الحكم المدني الطارئ، إذاً في هذه الحالة لا يلومن أحد نفسه، فالفعل السياسي ليس تمنيات وآمال عراض تفرش على الفراغات الخالية من العمل البياني، وإنّما هو فعل تراكمي يتهيأ لمستقبل مجريات الأمور حتى إذا جاءت الآجال حصد المجتهدون حصادهم، وهذا التصور والتحليل يشير لعدم جدوى الحملات السياسية والحشد، الذي عمل على كشف زيف الجماعة الاخوانية وابنها المدلل الحزب (المحلول)، لأن الزخم المعارض القائم منذ أن وطأ الدكتاتور بلاط السلطة إلى لحظة إسقاطه، من المنطقي أن يولد فيلاً عملاقاً لا فأراً صغيراً، كما هو مزعوم من وراثة الإدارة المدنية من قبل الإخوان، وهذا بدوره يرجعنا لأمر مرعب نرجو ان لا يكون حقيقة، وهو احتمالية عدم وجود حراك مدني مستقل من أساسه.
التغيير هو المطمح الأول للناشطين في السياسة والاجتماع، وكذلك هدفاً سامياً ونبيلاً للذين امتشقوا السلاح، وفي سبيله تدمر الانسان والبنية التحتية، والمخرج النهائي من البديهي أن يكون حكماً مدنياً مستقراً ومعافى من جرثومة البائدين، والناس مطالبين كل من مدينته بأن يشاركوا في تأسيس لبنات الحكم المدني الحقيقي، بالتوافد إلى خيمة تنصب لتدشين الإدارة المدنية، فالمبادرون هم الممتلكون للحق في الحديث بما فعلوا وقدموا، أما القاعدون فلا فلاح لهم ولو كان ضميرهم صحو نابض بالحق، وهذه المزاعم التي رشحت من قنوات التواصل من الحكمة أن تكون جرس انذار مبكر للقيادة العليا للدعم السريع، لأن لا تترك الحبل على الغارب، وأن تراقب تنفيذ شرط (عدا المؤتمر الوطني)، وفي هذا الموقف ليس على الدعم السريع حرج، بل تكون هذه الخطوة حاضرة والقرار مستقبلاً قريباً، مبدأَ يقوم بالإشراف عليه القائد نفسه، وأن لا يكله لأحد غيره، وأن تُراجع المؤسسة في قيادتها العليا موضوع ابتعادها المثالي عن مراقبة الشأن المدني، فالمدنيون مثل تلاميذ الصف لابد لهم من (ألفة)، يرصد المهرج ويضعه على قائمة المخالفين ليقدمه لمرشد الصف، وقيادة الدعم المبرأة من الوجود الاخواني هي ألفة المدنيين المنضمين حديثاً للهياكل المدنية، وكما ينصحنا منهجنا القويم بإتقان أي عمل نقوم به، على القيادة العليا مراجعة سير عمل الإدارات المنشأة حديثاً، والجهوزية والوقوف بعين راصدة لمنع تغلغل عضوية حزب المؤتمر الوطني من فلول المنظومة البائدة.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

 

آراء