لحماية إستقلال السودان

 


 

 

كلام الناس

نورالدين مدني

noradin@msn.com

*وسط زحمة اللهاث اليومي لسد الحاجات الأساسية وضرورات الحياة اليوميةوالتحديات التي خلفتها لنا الحرب العبثية، لم نعد نهتم بالتوقف عند المحطات التأريخية المهمة في بلادنا، مثل يوم التاسع عشر من ديسمبر1955م الذي يمثل مرحلة فاصلة في تأريخ السودان.
*نبهنا عالم الإجتماع الأشهر في العالم العربي عبد الرحمن بن خلدون في كتابه المرجعي"مقدمة إبن خلدون" إلى أهمية تدبر فلسفة التأريخ بإعتباره مادة حية عن أحوال الناس وتطور الأمم والشعوب ونشوء الدول وإنهيارها.
*لذلك نتوقف عند هذه المحطة التأريخية التي تصادف يوم التاسع عشر من ديسمبر، لا لنعيد سرد الأحداث، ولا للبكاء على أطلال الماضي ونحن نفخر ببطولات الأجداد وأمجادهم ومواقفهم المشرفة، وإنما لإستلهام العبر والدروس من هذه المواقف التأرخية.
*إن الإقتراح الذي تقدم به عضو البرلمان في ذلك التاريخ عبد الرحمن محمد دبكة، لم يكن وليد صدفة أو موقف فردي، وإنما نتاج توافق سوداني بين الحزبين الكبيرين الحزب الوطني الإتحادي وحزب الأمة ، لذلت تمت إجازته بالإجماع من نواب البرلمان برئاسة مبارك زروق.
*كان الخلاف بين الحزبين الكبيرين حول خيارين : إما الإستقلال الذي كان يتبناه حزب الأمة أو الإتحاد مع مصر الذي كان يتبناه الحزب الوطني الإتحادي، وفي هذه المحطة التأريخية تم التراضي بين الحزبين على إعلان الإستقلال من داخل البرلمان.
*هذا التراضي جسده المشهد التأريخي الخالد في وجدان الشعب السوداني عند لحظة رفع الزعيم إسماعيل الأزهري علم الإستقلال وبجانبه القيادي البارز بحزب الأمة محمد أحمد محجوب، في إشارة ساطعة عن وحدة الإرادة السودانية، المدخل الأهم لإستقلال السودان.
*ما أحوجنا في هذه الأيام التي تتصاعد فيها الويلات بسبب استمرار هذه الحرب اللعينة والنزاعات المسلحة التي أضرت بإستقلال الوطن ووحدته وسلامه وإستقراره وإقتصاده ومعيشة إنسانه، نتيجة للكيد السياسي، ما أحوجنا إلى التوافق السوداني حول أجندة سودانية قومية يتراضى عليها أهل السودان.
*للأسف كلما تقترب الخطى نحو التوافق المطلوب تتحرك بعض القوى المعادية للتغيير المنشود لسد الطريق أمام هذا التوافق لتنتكس المساعي الجارية لتحقيقه، خطوات نحو الخلف، بدلاًمن أن تتقدم إلى الأمام، رغم كل فرص التوافق السوداني المتاحة .. لتتأجج من جديد النزاعات التي كلفت السودان وأهله الكثير بلا طائل.
*ننتهز هذه المحطة التأريخية لنجدد الدعوة
للفرقاء السودانيين لوقف هذه الحرب العدمية والتنادي إلى كلمة سواء ، بعيدأعن التخندق حول الأجندة الحزبية، للخروج من هذه الدائرة الجهنمية إلى رحاب المستقبل بمشاركة فاعلة من الشباب و الكنداكات، للوصول إلى التراضي السوداني حول أجندة قومية يمكن الإتفاق عليها في ظل مناخ ديمقراطي تعددي يتم فيه الإعتراف بالاخر المعارض، ووضع إطروحاته أمام طاولة الحوار، وإستكمال متطلبات بناء الثقة بتعزيز الحريات وحمايتها من اطماع الانقلابيين ومسانديهم في الداخل والخارج.
*هذا هو الطريق لحماية إستقلال السودان الذي تهدده النزاعات الداخلية وامتداداتها الخارجية.

 

آراء