أَرْكُمَانِي: الجنجويد على مشارف (كوش)!!

 


 

 

و( أَرْكُمَانِي ) هُوَ أَحَدُ مُلُوكِ كُوشْ اَلْقَلَائِلِ اَلَّذِينَ ذَكَرَهُمْ بِالِاسْمِ اَلْمُؤَرِّخُونَ اَلْإِغْرِيقُ كَمَا عَاصَرَ مَلِكَ مِصْرَ بَطْلَيْمُوسْ اَلثَّانِي فِي اَلْفَتْرَةِ (285 - 246 ق . م) . وقِبَلَ أَنْ يُصْبِحَ (أَرْكُمَانِي) مِلْكًا كَانَ لِكَهَنَةِ آمُونْ اَلسُّلْطَةِ اَلْمُطْلَقَةِ فِي إِقْصَاءِ اَلْمُلُوكِ . كُلُّ مَا عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ إِذَا مَا اِخْتَلَفُوا مَعَ اَلْمَلِكِ ، أَوْ بَدَا لَهُمْ أَنَّهُ لَا يَسْتَجِيبُ لِسُلْطَتِهِمْ؛ هُوَ بَعَثَ رِسَالَةٍ إِلَى اَلْمُلْكِ يَأْمُرُونَهُ فِيهَا بِالِانْتِحَارِ. وَكَانَتْ تِلْكَ اَلرَّسَائِلِ تَكْتُبُ بِتَوْقِيعِ اَلْإِلَهِ.
اِحْتَدَمَ اَلْخِلَافُ بَيْنَ اَلْمَلِكِ (اَرْكَمَانِي) وَكَهَنَةَ اَلْمَعْبَدِ، فَتَسَلَّمَ اَلْمَلِكُ (اَرْكَمَانِي) رِسَالَةً مِنْ كَهَنَةِ اَلْمبْعَدِ مُفَادَهَا بِأَنَّ عَلَيْهِ اَلِانْتِحَار، فَقَرَّرَ اَلْمَلِكُ اَلزَّحْفَ عَلَى اَلْمَعْبَدِ وَقَتْلِ جَمِيعِ اَلْكَهَنَةِ
حِين قَضَى أَرْكُمَانِي عَلَى اَلْخُرَافَةِ، فَإِنَّهُ أَسَّسَ لِحِقْبَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ مَمْلَكَةِ (كُوشْ) فِي بِلَادِ اَلنُّوبَةِ (حَضَارَةُ مَرْوِيٍّ) وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ شَيَّدَ هَرَماً فِي مَرْوِيٍّ. وَفِي عَهْدِهِ ، وَبَعْد أَنْ تَخَلَّصَ مِنْ سُلْطَةِ اَلْخُرَافَةِ اَلْمُسْتَنِدَةِ عَلَى اَلدِّينِ، وَتحرر مِنْ قَيْدِ اَلْجَهْلِ وَالظَّلَامِ، بَدَأَ عَصْرُ اَلتَّنْوِيرِ فِي فَتْرَةِ حُكْمِهِ، فَعَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ، بَدَأَ اَلسُّودَانِيُّونَ فِي تَطْوِيرِ أَسَالِيبِهِمْ اَلْفَنِّيَّةِ وَالْمِعْمَارِيَّةِ اَلْخَاصَّةِ وَاَلَّتِي كَانَتْ تَخْتَلِفُ عَنْ اَلْأَسَالِيبِ اَلْمِصْرِيَّةِ. وَاخْتَرَعُوا اَلْكِتَابَةَ اَلْمَرْوِيَّةَ وَاَلَّتِي حَلَّتْ مَحَلَّ اَلْمِصْرِيَّةِ فِي تِلْكَ اَلْفَتْرَةِ .

آرْكُمانِي!!
أيُها الملكُ السعيد
أَنْتَ لَمْ تُصَدِّقْ يَوْماً فِرْيَةَ اَلْكُهَّانِ
وَالْيَوْمَ لَسْتَ بمُلْزَمٍ، بِسِيَاسَةِ (اَلْبُرْهَانِ والكيزانِ)
بهَؤُلَاءِ اَلْحُكَّامِ اَلْخَائِنِين

فَانْهَضْ مِنْ نَوْمِكَ اَلطَّوِيلْ
أيها الملكُ الجليلْ
يكفيك ثَلَاثُ آلَافِ مِنْ اَلسِّنِينْ
فِي قَبْرِكَ اَلْأَمِينِ، كنتَ مسْتَكِينْ

أَمَّا كَفَّاكَ نَوْماً أَيُّهَا اَلْمَلِكُ اَلْمُبَجَّلْ؟
فاِنْفَضَّ عَنْكَ هذه السِّنِينَ،
قُمْ، تعَجّلْ
فَالِجْنِجُويدُ عَلَى أَبْوَابِ مَرْوِي اَلْعَظِيمَةِ!!
هَذِهِ اَلْوُحُوشْ،،
الآنَ، عَلَى أَطْرَافِ (كُوشْ)
وَقَدْ دَخَلُوا اَلْمُصَوَّرَاتْ
مُسَلَّحِينَ بِكُلِّ مَا يَكُونُ،
يَمْتَطُونَ اَلتَّاتْشِرَاتْ
جَاءُوا يَقْتُلُونَ
وَيَسْرِقُونَ
وَيُنْهَبُونَ
وَسَيَنْهَبُونَ مِنْ اَلنِّيلِ لِلْفُرَاتْ!

لَنْ يَتَوَقَّفُوا أَبَداً
وَغَداً؛
سَيَهْدِمُونَ اَلْهَرَمَ اَلَّذِي شَيَّدَتْ يَدَاكَ،
عَلَى رَأْسِكَ اَلْمَلَكِيِّ
ولَنْ يُفِيدَكَ تَاجُكَ اَلذَّهَبِيُّ
وَلَنْ يقمْ فَدَاكَ

فَازْحَفْ عَلَى اَلْمَعْبَدِ وَحَارَبِ اَلْكُهَّانَ
لَا يَغُرُّكَ مَا يَقُولُ (اَلْجَنْجَوِيدُ)
لا يَغُرُّكَ ما يقولُه العُربانْ
وَلَا تُصَدِّقْ مَا يَقُولُهُ (اَلْبُرْهَانُ والكيزانُ)
كُلُّهُمْ مِنْ زُمْرَةِ اَلْكُهَّانِ اَلْخَائِنِينَ
قَادَةِ اَلْجُيُوشِ اَلْهَارِبِينَ

آرْكَمَانِي . . .
أَيُّهَا اَلْمَلِكُ اَلْمُهَابْ
ضعْ على إهابك درعَكَ المرويّ
وامتشقْ كِنانَتكْ وجردْ سهمَك (النوبيّ)*
فَالِجْنِجُويدُ عَلَى أَبْوَابِ (تاسيتي) العظيمة.*

(مَرْوِيّ) تَسْتَغِيثُ بِالرَّحْمَنِ مِنْ قَبْضَةِ اَلشَّيْطَانِ
وبحسامِك اَلْمَصْقُولِ مِنْ حَدِيدِكَ اَلْمَرْوِيِّ*
وَبِسَيْفِكَ اَلْيَمَانِي

أَيُّهَا اَلْأَمِيرْ، ودَعْ مَرْقَدَكَ اَلْوَثِيرْ
فَبِلَادَ (كُوشْ) فِي قَبْضَةِ اَلْعُرْبَانْ
وَكُلَّ مُدُنِ اَلسُّودَانْ

فَقُمْ أَعَدْ لَنَا أَمْجَادَنَا ا(َلْكُوشِيَّة)
اعِد لَنَا اَلْكِتَابَةَ اَلْمَرْوِيَّة
وعَرَّجَ عَلَىى (الشلاتين والحَلَايِبْ)
ثم (النوبةَ المسلوبةَ)
لتُعدْ لنا أمجادَنا المنهوبهَ
ومَجْدَنَا اَلْمَطْمُورَ تَحْتَ اَلنِّيلِ،
مِنْ زَمَنٍ بَعِيـــــــــــــــــــــــــدْ
وَاكْتُبِ اَلتَّارِيخَ مِنْ جَدِيدٍ !!
طِبْتَ (آركماني) أَيُّهَا اَلْمَلِكُ اَلسَّعِيدْ

* اشتهرت مروي قديماً باستخراج وصناعة الحديد وتعرف ب(بيرمنجهام) أفريقيا.
*اشتهرت شعوب (النوبة) برماة الحدق، فهم يصيبون بسهامهم التي لاتخطئ حتى (حدقات) عيون الأعداء المحمية بالدرع من مكان بعيد.
* تاسيتي اسم للسودان القديم وتعني أرض القوس وكان مينا أشهر ملوكها.


aahmedgumaa@yahoo.com

 

 

آراء