النصر
د. قاسم نسيم حماد حربة
26 January, 2025
26 January, 2025
د. قاسم نسيم
طِعَانٌ ضَجَّ منْ هَوْلِ الطِّعانِ
وضَرْبٌ جُنَّ منه الهِنْدُواني
وحربٌ ما رأيتُ لها شبيهًا
على طُولِ التقلبِ والزمانِ
تجاسرتِ الجيوشُ على شَعُوبٍ
فلا يَخْشَوْن هُلْكًا أو تفاني
كأنَّ الموتَ منهم في وفاقٍ
فلا يفْني له منهنَّ فانِ
سراديقُ المآتمِ قارعاتٌ
فلانٌ قد يقدَّمُ عن فُلانِ
ومقتلةٌ على السودان ساقتْ
ملايينَ الرجالِ إلى التَّفاني
فما شَهِدتْ بلادي في مداها
على مُكْثٍ مثيلًا في الزَّمانِ
غُزاةٌ من بلادِ الغربِ جاءوا
لنزعِ الملكِ في أرضِ الحِزَانِ
وحِلٍّ في منازلِها وغَصْبٍ
لكلِّ أصيلةٍ بِكْرٍ حَصَانِ
ونهبٍ لم يُغادِرْها بشيءٍ
من الذَّهب النَّفيسِ إلى الأواني
حِدَاثُ السِّن أَغْرارٌ تتالوا
إلى حيثُ المغانمَ والمغاني
تواثبتِ الغزاةُ الحربَ حتى
خشيت على الرجال من الحِرَانِ
تمُدُّهُمُو الألوفُ مُعَقِّبَاتٍ
كما اتصلتْ سلاسلُها الغواني
سُكَارى غابَ رُشْدُ العقلِ عنهم
حَيارى الْفِكْرِ عاهاتِ الذِّهان
عَلَوْا في الأرضِ حتى ظنَّ ظانٌ
ملاكَهُمُ لأرضِ النِّيلِ داني
طَبَتْ فُرْسَانُنا حتى خشينا
مُمَانعةَ المُضِّيِّ إلى الطِّعَان
فلما حرَّ عند البأس وطسٌ
وصار الْموتُ مَبْذُولَ الْعِنانِ
وفرَّ من الْمعاركِ كلُّ غِرٍّ
قَريبُ الْعَهْدِ بالْحربِ العَوَانِ
وأثْبتَ في حقولِ الْموتِ رِجْلأ
فتى الإفْرِنْدِ كَسَّابُ الرِّهَانِ
تَدَارَكَهُ صغيرَ السِّنِ دينٌ
وحبُّ الأرضِ طَبْعٌ فيه باني
كأنَّ الموتَ عندهمو صديقٌ
أتى لصديقه يتآنسانِ
كأنَّ الموتَ معدومٌ هُراءٌ
كِذَابٌ أو خِدَاعُ البهلوان
كأنَّ دماءهم فوق العَنَاصِي
ضريرةُ عُرْسِهم يوم القِرَانِ
تراكبتِ السِّنانُ على السِّنانِ
وخرَّ الْبيتُ من أصلِ البَوَانِ
قتالٌ لا فصاحةَ تحتويه
فقد عَجِزَ البيانُ عن الْبيانِ
فَفَرَّ من المَقَاتِل كُلُّ فَحْلٍ
إذا لم يصطنعه الحادثانِ
أبعد القتلِ - تَطَّلبون صُلحًا-
وهتكٍ للعروضِ لَدَى الحِسانِ
وحربِ إبادةٍ تقضي علينا
وتُبْدِلُنا بأقوامٍ ثواني
فمَرْحَى ثم مرحى ثم مرحى
بموت الحُرِّ في وَسَط الطِّعانِ
فلا نُعطيكمو إلا سيوفًا
ونيرانًا كلون الزعفران
تقحمتِ الخيولُ النَّارَ عمدًا
كأنَّ الْخيلَ تمضي بلا عِنَانِ
وَرَدْنَّ النَّارَ بَيْضًا ناصعاتٍ
وَعُدْنَ توشحًا بالأُرجُوانِ
غُزاةٌ ينثرون الموتَ فينا
كما نُثرتْ عَرُوسًا بالْجُمَانِ
وَخُرِّبَتِ المدائنُ واسترقوا
غوانٍ قد بَذَذْنَ عن الُغواني
فلمَّا جاش بالفُرسانِ بأسٌ
وصار الموتُ مُرْتَاضَ الرِّعَانِ
تكسَّرتِ الظُبا واندقَّ رُمْحٌ
وأَلْقَتْ خيْلُنَا وَجْهَ الْجِرانِ
تَرَجَّلَ من رِكابِ الْموتِ جندٌ
تَجَالُدُهُمْ لصاقًا أو تداني
على نَهْرِ الدَّماء يخوضُ جُندٌ
فَتَزْلِقُهم على الأرضِ الأسَانِ
ذ
وتطفو فوقَ أنهرِنا رُؤوسٌ
وأيدٍ والشعورُ وكاحلان
يُوالونَ المعاركَ بالأيادي
وزحفٍ والسُّنونِ وبالقران
صِراعٌ ما يماثلُه صِراعًا
وقَتْلٌ بَاَدَ فيه الفَيْلَقَانِ
فَلَمَّا كلَّتِ الظُّباتُ ضَرْبًا
وصار الْرُمْحُ مَعْطُوبَ السِّنَانِ
فَخَرْمٌ للمآقي ناظراتٍ
بِعُودٍ أو بسبابِ البنانِ
وَقَضْمٌ بالنَّوائب كُلُّ شِلْوٍ
وليس الخُبرُ صِدْقًا كالعَيَانِ
وذي الأعناقُ لمْ تُضْرَبْ بِسَيْفٍ
فَقَدْ دَكَّتْ غَضَارِفَها اليدانِ
وما زالتْ صنوفُ الموتِ شَتَّى
كَصَلمِ الأُذانِ أو قَطْعِ اللِّسانِ
أَرَانتْ بُهْمُهُمْ حُزنًا عليهم
مراقدُ أهْلِها تحت الدِّفانِ
زنيمٌ ما أبَرَّهُمُو خِلاقٌ
كريهُ السَهْكِ فجارٌ وزاني
وكانَ كَذُوْبُهم بالنَّصر يَهزي
فصار النصر مُهدىً للهِجَان
أَسَانٌ قدْ مَضَتْ فيها أسَانُ
وما اتعظوا بِتَجْريبِ السِّنانِ
وما رَشَدوا وذي الأيامُ تمضي
بِمَيْتٍ سار يُحْملُ في إرانِ
فهذا حضَّه الإيمانُ ثَبْتًا
وذا بالسُّكْرِ شَجَّاعِ الْجبانِ
بحقٍ لا شجاعةَ تحتويهُم
سوى خَدَرِ الْعَقَارِ على الجَنَانِ
وقد حرقوا البلادَ فلا تراها
سوى الأنقاضِ تُبْحِرُ في دُخَانِ
منازلُ لم يزلْ فيها خيالٌ
يُشَيِّعُني إلى ذاك الزمانِ
زمانٌ كمْ عَشِقَتُ الحسنَ فيه
وجافَيْتُ الْقِتَالَ إلى الْحِسانِ
قِتَالٌ ما روته ذكرياتٌ
وما خال الخيالُ له التهاني
وأرواحُ الشَّهيدِ على تلالٍ
ترى نصرًا عنيدَ الرأي دَاني
وفرَّ من المَقَاتلِ كلُّ ناجٍ
فِرارَ الْهِرِّ أو ذُعُرِ الأرَاني
هنيئًا يا بلادي بانتصارٍ
وهذا اليومُ عِيْدُ الْمَهرجانِ
gasim1969@gmail.com
طِعَانٌ ضَجَّ منْ هَوْلِ الطِّعانِ
وضَرْبٌ جُنَّ منه الهِنْدُواني
وحربٌ ما رأيتُ لها شبيهًا
على طُولِ التقلبِ والزمانِ
تجاسرتِ الجيوشُ على شَعُوبٍ
فلا يَخْشَوْن هُلْكًا أو تفاني
كأنَّ الموتَ منهم في وفاقٍ
فلا يفْني له منهنَّ فانِ
سراديقُ المآتمِ قارعاتٌ
فلانٌ قد يقدَّمُ عن فُلانِ
ومقتلةٌ على السودان ساقتْ
ملايينَ الرجالِ إلى التَّفاني
فما شَهِدتْ بلادي في مداها
على مُكْثٍ مثيلًا في الزَّمانِ
غُزاةٌ من بلادِ الغربِ جاءوا
لنزعِ الملكِ في أرضِ الحِزَانِ
وحِلٍّ في منازلِها وغَصْبٍ
لكلِّ أصيلةٍ بِكْرٍ حَصَانِ
ونهبٍ لم يُغادِرْها بشيءٍ
من الذَّهب النَّفيسِ إلى الأواني
حِدَاثُ السِّن أَغْرارٌ تتالوا
إلى حيثُ المغانمَ والمغاني
تواثبتِ الغزاةُ الحربَ حتى
خشيت على الرجال من الحِرَانِ
تمُدُّهُمُو الألوفُ مُعَقِّبَاتٍ
كما اتصلتْ سلاسلُها الغواني
سُكَارى غابَ رُشْدُ العقلِ عنهم
حَيارى الْفِكْرِ عاهاتِ الذِّهان
عَلَوْا في الأرضِ حتى ظنَّ ظانٌ
ملاكَهُمُ لأرضِ النِّيلِ داني
طَبَتْ فُرْسَانُنا حتى خشينا
مُمَانعةَ المُضِّيِّ إلى الطِّعَان
فلما حرَّ عند البأس وطسٌ
وصار الْموتُ مَبْذُولَ الْعِنانِ
وفرَّ من الْمعاركِ كلُّ غِرٍّ
قَريبُ الْعَهْدِ بالْحربِ العَوَانِ
وأثْبتَ في حقولِ الْموتِ رِجْلأ
فتى الإفْرِنْدِ كَسَّابُ الرِّهَانِ
تَدَارَكَهُ صغيرَ السِّنِ دينٌ
وحبُّ الأرضِ طَبْعٌ فيه باني
كأنَّ الموتَ عندهمو صديقٌ
أتى لصديقه يتآنسانِ
كأنَّ الموتَ معدومٌ هُراءٌ
كِذَابٌ أو خِدَاعُ البهلوان
كأنَّ دماءهم فوق العَنَاصِي
ضريرةُ عُرْسِهم يوم القِرَانِ
تراكبتِ السِّنانُ على السِّنانِ
وخرَّ الْبيتُ من أصلِ البَوَانِ
قتالٌ لا فصاحةَ تحتويه
فقد عَجِزَ البيانُ عن الْبيانِ
فَفَرَّ من المَقَاتِل كُلُّ فَحْلٍ
إذا لم يصطنعه الحادثانِ
أبعد القتلِ - تَطَّلبون صُلحًا-
وهتكٍ للعروضِ لَدَى الحِسانِ
وحربِ إبادةٍ تقضي علينا
وتُبْدِلُنا بأقوامٍ ثواني
فمَرْحَى ثم مرحى ثم مرحى
بموت الحُرِّ في وَسَط الطِّعانِ
فلا نُعطيكمو إلا سيوفًا
ونيرانًا كلون الزعفران
تقحمتِ الخيولُ النَّارَ عمدًا
كأنَّ الْخيلَ تمضي بلا عِنَانِ
وَرَدْنَّ النَّارَ بَيْضًا ناصعاتٍ
وَعُدْنَ توشحًا بالأُرجُوانِ
غُزاةٌ ينثرون الموتَ فينا
كما نُثرتْ عَرُوسًا بالْجُمَانِ
وَخُرِّبَتِ المدائنُ واسترقوا
غوانٍ قد بَذَذْنَ عن الُغواني
فلمَّا جاش بالفُرسانِ بأسٌ
وصار الموتُ مُرْتَاضَ الرِّعَانِ
تكسَّرتِ الظُبا واندقَّ رُمْحٌ
وأَلْقَتْ خيْلُنَا وَجْهَ الْجِرانِ
تَرَجَّلَ من رِكابِ الْموتِ جندٌ
تَجَالُدُهُمْ لصاقًا أو تداني
على نَهْرِ الدَّماء يخوضُ جُندٌ
فَتَزْلِقُهم على الأرضِ الأسَانِ
ذ
وتطفو فوقَ أنهرِنا رُؤوسٌ
وأيدٍ والشعورُ وكاحلان
يُوالونَ المعاركَ بالأيادي
وزحفٍ والسُّنونِ وبالقران
صِراعٌ ما يماثلُه صِراعًا
وقَتْلٌ بَاَدَ فيه الفَيْلَقَانِ
فَلَمَّا كلَّتِ الظُّباتُ ضَرْبًا
وصار الْرُمْحُ مَعْطُوبَ السِّنَانِ
فَخَرْمٌ للمآقي ناظراتٍ
بِعُودٍ أو بسبابِ البنانِ
وَقَضْمٌ بالنَّوائب كُلُّ شِلْوٍ
وليس الخُبرُ صِدْقًا كالعَيَانِ
وذي الأعناقُ لمْ تُضْرَبْ بِسَيْفٍ
فَقَدْ دَكَّتْ غَضَارِفَها اليدانِ
وما زالتْ صنوفُ الموتِ شَتَّى
كَصَلمِ الأُذانِ أو قَطْعِ اللِّسانِ
أَرَانتْ بُهْمُهُمْ حُزنًا عليهم
مراقدُ أهْلِها تحت الدِّفانِ
زنيمٌ ما أبَرَّهُمُو خِلاقٌ
كريهُ السَهْكِ فجارٌ وزاني
وكانَ كَذُوْبُهم بالنَّصر يَهزي
فصار النصر مُهدىً للهِجَان
أَسَانٌ قدْ مَضَتْ فيها أسَانُ
وما اتعظوا بِتَجْريبِ السِّنانِ
وما رَشَدوا وذي الأيامُ تمضي
بِمَيْتٍ سار يُحْملُ في إرانِ
فهذا حضَّه الإيمانُ ثَبْتًا
وذا بالسُّكْرِ شَجَّاعِ الْجبانِ
بحقٍ لا شجاعةَ تحتويهُم
سوى خَدَرِ الْعَقَارِ على الجَنَانِ
وقد حرقوا البلادَ فلا تراها
سوى الأنقاضِ تُبْحِرُ في دُخَانِ
منازلُ لم يزلْ فيها خيالٌ
يُشَيِّعُني إلى ذاك الزمانِ
زمانٌ كمْ عَشِقَتُ الحسنَ فيه
وجافَيْتُ الْقِتَالَ إلى الْحِسانِ
قِتَالٌ ما روته ذكرياتٌ
وما خال الخيالُ له التهاني
وأرواحُ الشَّهيدِ على تلالٍ
ترى نصرًا عنيدَ الرأي دَاني
وفرَّ من المَقَاتلِ كلُّ ناجٍ
فِرارَ الْهِرِّ أو ذُعُرِ الأرَاني
هنيئًا يا بلادي بانتصارٍ
وهذا اليومُ عِيْدُ الْمَهرجانِ
gasim1969@gmail.com