لازالت الرؤيا .. ومازالت الحكاية!! “1” … بقلم: ياي جوزيف

 


 

ياي جوزيف
17 February, 2009

 

 

أسس جديدة
ydedut@yahoo.com

(حتى لا تعصف الفوضى الشاملة ببلادنا) .. هذه العبارة المرعبة ظلت تشغل (بالي) بما نتجهه نحوه الآن تحت ظلال غبار مذكرة "أوكامبو"، فالأحداث تتصاعد على نحو ينذر بانفلاتات أمنية محمومة لحالة الفوضى السياسية‏‏ وتكريس لمبررات الاقتتال على أسس الانتماء السياسي والعرقي وحتى المذهبي،‏ وسط تكهنات بوجود شكوك قوية داخل الحكومة الحالي في إمكانية تحقيق الأهداف الموضوعة لها من جانب المجتمع الدولي وأطراف النزاع.
هناك إشارات لقيام تكتلات بسحب الثقة من (الحكومة) في الشمال، وهذا السيناريو يتزامن مع اضطراب حقيقي بالجنوب وخشية معلنة في سط (الرأي العام الجنوبي) أن يكون هذا الوضع من الدعامات الأخيرة للإعلان السياسي لدولة الجنوب (الجديدة) وانهيار الدولة السودانية في الألفية الثالثة.. تخيل "المنظر معنا!!" العالم في توحد ونحن نشجع الشتات وجهات معلومة وضالعة في الانقاذ تدعم فكرة تفكيك البلاد إلى جزر مبعثرة ينهكها التخلّف والصراعات الدموية.
وتوقعت كما يتوقع كثير من الشعب أن هناك احتشاداً لقوة (الشر) بداية بـ(انتباهة الغفلة) ومرورا بمبشري دولة الشمال "الاسلاموعربية" هذه القوى ضد (تيار التغيير)‏‏ بينما يستعد للحرب وتمويلها الآن، مع " فشل خطة ضمان ومساعي وحدة السودان على اسس جديدة" ـ والتي بدأ تنفيذها منذ يناير 2005م الماضي في إقرار تنفيذ لـ (نيفاشا) وما صاحبها من المواثيق المكتسبة لاتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي.
عموما، الفوضي الشاملة تزحف على البلاد‏ في ظل قصور المؤتمر الوطني والهيمنة على السلطة والقوة‏‏، فالأمر يقتضي تحركاً سريعاً وعاجلاً داخلياً وخارجياً للقوى الوطنية لإنقاذ السودان قبل ان (يفوت الأوان) عبر تحقيق المصالحة الوطنية‏ واقتران ذلك بجدول محدد لسلام دارفور وانفاذ الإتفاقية الشاملة في الجنوب وإزالة القيود وتوريد المستحقات المالية المفروضة على حكومة الجنوب.
لكن هناك شكوك حول جدية المؤتمر الوطني في الحفاظ على وحدة السودان كما وجودها عام (يونيو 1989م).. وفي ظل ما يجري الآن من ضبابية وعدم وضوح بالنسبة لموقفهم على أرض الواقع فإن مسألة (الفيدرالية) والمناورة بتكوين أقاليم في دارفور والشرق كانت تلوح في الأفق كحل، لكن الآن اصبحت (مفرغة) لأنّ الأمور أخذت منحى المواجهة وبصورة علنية ومباشرة بين مهووسي (الوطني) واصرارهم على (اجندة) فصل الجنوب عنوةً من جانب، وأساليب لإفشال (نيفاشا) عنوةً من جانب آخر بواسطة منتسبي (الوطني) كخطوة انتقامية على تداعيات مذكرة توقيف الرئيس البشير والعمل بنظرية (عليّ وعلى اعدائي أو لا صوت يعلو على صوت المعركة)..
تلقائيا سيعلن الجنوب معارضة عسكرية لأي جهود توحي بخرق (نيفاشا). بالاضافة إلى أن مهلة (6) سنوات والتي اتفق عليها (الشركاء) السياسيون من (الوطني) و (الحركة الشعبية) قد شارفت على الانتهاء (والوحدة) أصبحت أكثر تعقيداً.. فهل يكفي (22) شهراً المتبقية من الفترة الانتقالية في جعل الوحدة خياراً جاذباً و ممكناً؟!! ...
معطيات الواقع السياسي والأمني الآن، تؤكد قدوم (الطوفان..!) والانهيار القادم، ولا شي سيوقف تدهور الأوضاع المستمر إلى الهاوية سوى إقرار (الوطني) في التنحي عن اتجاهه الحالي في حل القضايا الأساسية التي ترتبط بالتعديلات الدستورية والقوانين، وإيجاد الطرق الفاعلة الكفيلة بالتعامل مع المجتمع الدولي ضمن إطار بناء وإعمار البلد والأمر المهم في الموضوع أن يدركوا أنّ الحل يكمن في التفاهم في ما بينهم أولاً في السلطة وتفويت الفرصة على الفوضى الشاملة والجري خلف المصالح الرخيصة والتي لا توقف نهر الدم الذي يجري في دارفور.. إنها "المفتاح لضمان بقاء السودان" وقبل أن نواجه احتمالات ترجح وتهدد أصل وجودنا ككيان قومي متوحد .. ونسقط مجدداً في دائرة أعمال عنف واسعة النطاق عانينا منها من قبل " بلا حدود". فهناك فرصة أخيرة ويجب اقتناصها ولا زالت الرؤيا مستمرة ومازالت الحكاية قائمة.
ونواصل،،،،  

 

آراء