من أجل حملة عالمية للدفاع عن مشروع الجزيرة والمناقل … الممكن والمستحيل !

 


 

 

بقلم: هلال زاهر الساداتي
لقد تنادي مواطنون غيورون علي حقوق بلدنا السودان وعلي مصلحة شعبه , وهؤلاء هم الاقتصادي صديق عبد الهادي والقانوني إبراهيم علي إبراهيم والأكاديمي جوهر عبد الماجد , وجاءت صرختهم المدوية المحذرة والمنذرة عبر البحار والمحيطات من أمريكا حيث تواجدوا قسراً أو قهراً عندما ضاق بهم وطنهم الرحيب علي رحابته عندما تسلط عليه شرذمة من أقوام ساموا أهله الذل والهوان وقطعوا أرزاقهم وشردوهم في فجاج الأرض لائذين من ظلم واستبداد أناس يدعون بأنهم من بني جلدتهم , ولكن يفعلون بهم ما لم يفعله المستعمر , وأفاعيل هذه الحكومة الظالمة لا تنقضي وتتجدد في مطلع كل يوم جديد ولم يكفهم أنهم فرطوا في سيادة وكرامة البلد وذلك بوجود قوات أجنبية من كل لون وشكل علي أراضيه الشئ الذي لم يشهده تاريخنا القريب وذلك منذ جلاء قوات الاحتلال الإنجليزية والمصرية من السودان بعد الاستقلال في أول يناير في عام 1956 .
لم يكفهم جثوم هذه القوات الأجنبية علي صدر الوطن بل أضافوا إلي ذلك جناية عظمي وهي بيع أراضيه في صفقات سرية مشبوهة , وذلك بعد أن باعوا شركاتنا الوطنية بأبخس الأثمان إلي أنصارهم من التجار شركاء الشركات الأجنبية من العرب وغيرهم وابلغ مثال صارخ لذلك هو بيع الخطوط الجوية السودانية , وعرض بيع نصف امدرمان بأحيائها العريقة لتجار كويتيين (أحياء الموردة وبانت والعباسية وبيت المال) , ويكمن الدافع والمحرك لهذه الصفقات المشبوهة المجرمة هو الربح والمكسب من ورائها ليذهب إلي جيوبهم , وبعد ذلك فلتذهب البلد وناسها إلي الجحيم !!
واليوم جاءت كبيرة الكبائر وهو إزماعهم بيع مشروعي الجزيرة والمناقل !! هل بلغ عمي البصر والبصيرة والقلوب إلي هذا الحد ؟! ألا يعلم هؤلاء أن مشروع الجزيرة كان رمز عزتنا وفخرنا ولم يكن له مثيل في العالم , وان ميزانية حكومة السودان كانت تعتمد علي ريع بيع القطن الذي ينتجه المشروع , ثم هو ورصيفه مشروع المناقل , وان مزارعي المشروعين كانوا مكتفين سعداء وفر لهم المشروع العيشة الكريمة والتعليم والعلاج , ثم جاء زمن أغبر وُضعت فيه خطة شريرة لابادة المشروع , فأُهِمل عن عمد وصارت الأرض المعطاءة جرداء , ودفن الطمي والتراب القنوات , وحاق الفقر والحاجة بالمزارعين , واستنبطت الحكومة علاقات إنتاج جديدة مجحفة ركبت بسببها الديون المزارعين ولم يستطيعوا سدادها فغيبتهم السجون  , وأصبح فقدهم فقدين , فقد الأرض وماهو أهم منها وهي حريتهم , فصار حالهم حقاً هو حال (عزيز قوم ذل) .
وأنا أكتب هذا المقال وينتابني ألم ممض لأنني كنت شاهداً وصاحب تجربة سلفت مع مشروع المناقل منذ بدايته , فقد عُينت ناظراً لأول مدرسة متوسطة بمدينة المناقل في عام 1959 وذلك عند مرحلة بدء المشروع وتقسيم الحواشات علي المزارعين , ولم ينقض العام حتى كادت الأرض تزهو خضرة وزرعاً , وأما مباني المدرسة فقد قامت شامخة في أقل من عام وكانت المباني تحتوي علي المدرسة وداخلية تستوعب 160 تلميذاً , وكذلك منزل للناظر وأربعة منازل للمدرسين . هل تعلم أن وزارة التربية والتعليم لم تتكلف جنيهاً واحداً في هذه البنايات ؟ أنها قامت بأموال المزارعين , أي بأموال مصلحة الشؤون الاجتماعية التي هي جزء من إدارة مشروع الجزيرة وهي مسئولة عن تقديم الخدمات للمزارعين من تعليم وصحة وترفيه , وكان يتبع لها مباشرة أندية صغار المزارعين وفيها يتعلمون أساليب الزراعة الحديثة وبها فصول محو الأمية والتمثيل والموسيقي والرياضة , وكذلك كانت تشرف علي أندية مفتشي الغيط في التفاتيش المختلفة . وكان دور وزارة التربية والتعليم هو إمداد المدراس بالمدرسين والداخليات بالغذاءات والإشراف الفني .
لقد كان مشروع الجزيرة والمناقل مشروعاً اجتماعياً متكاملاً رائداً لم يوجد نظير له في أفريقيا والشرق الأوسط . وتنتاب الحيرة والدهشة المرء عندما تطبل أجهزة أعلامهم عن النفرة الزراعية أو الثورة الزراعية بينما يبيعون سراً اكبر مشروعين زراعيين مؤسسين في السودان هما مشروعا الجزيرة والمناقل اللذين تبلغ مساحتهما المليون فداناً !! ما هذا التناقض المزري ؟!
أيها المتلاعبون بمصائر الشعب والسودان , أرفعوا أيديكم عن مشروع الجزيرة والمناقل , فقد طفح الكيل بجرائمكم ونقول أن السودان وشعبه في قلوبنا ما دامت تخفق .
هلال زاهر الساداتي
Helalzaher@hotmail.com

 

آراء