الازمة المالية و حقوق الإنسان … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
25 February, 2009
mnhassanb8@gmail.com
مع تصاعد الازمة المالية العالمية و انتشارها مثل السرطان في جسد الاقتصاد العالمي تسارعت خطي الدول و المنظمات في ايجاد المخارج الممكنة و ايجاد الترياق المضاد للمرض. من غير المعروف مدي استجابة جسد الاقتصاد العالمي لحقن الدواء في شرايينه ، اذ و ما يطل صباح جديد الا و تفاجئنا الأزمة بمظاهر علل جديدة و ليس اخرها الانهيار المريع في مؤشرات وول ستريت يوم الاثنين الماضي 23 فبراير. اضرت الازمة المالية بمصادر الايرادات العامة في الدول الفقيرة مما قلل من قدرتها في التصدي للاثار الاقتصادية و الاجتماعية الناتجة عن تباطؤ النمو مما سيدفع بالمزيد من المواطنين في الدول الفقيرة نحو هاوية الفقر المدقع. من ناحية ثانية فان الازمة المالية اضرت بتقديم الخدمات العامة الاساسية مما يضاعف من اثارها السالبة علي المجتمعات التي تعاني من معدلات واسعة من الفقر. في الاطار اعلاه جاء اجتماع مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الذي نبه الحكومات الي عدم تقليص مسئولياتها في " انجاز حقوق الانسان" حسب القرار الذي تبناه بتاريخ 23 فبراير الجاري و دعا البيان الي الاتجاه نحو مساعدة الناس " الاكثر ضعفا علي وجه التحديد". اعرب المجلس في بيانه عن قلقه ازاء عدم تحقيق برنامج الالفية بسبب تداعيات الازمة المالية و التراجع الاقتصادي و تخوف المجلس من تأثير الازمة علي تحقيق و التمتع بحقوق الانسان علي الصعيد الدولي.
كان المجلس قد اختتم جلسته العاشرة التي انعقدت بدعوة من مصر و البرازيل و اعتمدت قرارها باغلبية 31 صوتا و امتناع 14 اخرين و يبدو ان الامتناع ناتج عن دعوة الاجتماع الي تأسيس نظام عالمي متساو و شفاف و ديمقراطي يضمن مشاركة الدول النامية في القرارات الاقتصادية. لكن يبدو ان ذلك حلم بعيد المنال. لقد ظلت المنظمات الدولية تبيع للدول النامية كلاما معسولا لا معني له حول التصدي لاثار الازمة المالية الاقتصادية و الاجتماعية كما زادت عليها الجوانب المتعلقة بحقوق الانسان خاصة الحقوق الاقتصادية. كما تصاعدت الدعوات في العالم الي ضرورة اصلاح النظام الرأسمالي العالمي و توسيع فرص المشاركة الدولية في اتخاذ القرار عبرعدد من الاليات من ضمنها اعادة هيكلة المنظمات الدولية. لكن كل ذلك لم ينتج اجراءات ملموسة سواء في اعادة هيكلة الامم المتحدة و اعادة النظر في مؤسساتها او اعادة هيكلة و تنظيم مؤسسات التمويل الدولية و اختراق النظم الموضوعة لمنظمة التجارة العالمي.
تأخذ الازمة المالية يوميا ابعادا اخطر و يسير العالم باجمعه نحو كساد كبير و تشير الدراسات الصادرة من ارفع المؤسسات العلمية الي ان ارتفاع اسعار الغذاء ادي الي القذف باكثر من 100 مليون شخص الي الفقر و ان تراجع النمو بنسبة 1% في الدول النامية يؤدي الي احالة 20 مليون شخص الي الفقر . ماذا يحدث إذن مع تراجع الدخول و تدهور القدرة المالية للدول النامية و انعدام المصادر التي تمكنها من زيادة الانفاق الحكومي كما تفعل الدول الغنية؟ يحتاج العالم الي اجراءات عملية لمساندة اقتصاد الدول النامية و الا ان نتائج هذه الازمة ستكون وبالا علي الانسانية و تجرد الانسان ليس من حقوقه المنصوص عليها في المواثيق الدولية و انما من انسانيته كاملة. لكن علي الدول النامية ادراك حقوقها الانية و التاريخية و الاتحاد حول مطالب مشتركة تمكنها من الضغط علي الدول المتحكمة في اتخاذ القرارات العالمية التي تقرر مسار حياة الإنسان علي الأرض.