د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم اصبح انعدام الحيلة سمة مميزة للاعمال في السودان. في المجالين العام و الخااص تري نقص مؤسف في الكفاءة ، معظم مشاكلنا ترتبط بتلك الحاله " انعدام او نقص الكفاءة ". في التعليم في الخدمات الصحية في المرافق العامة في الادارة العامة في المنافسة و في الصنع. من هنا يلزم البحث عن الكفاءة. لكن ما هو المقصود بالكفاءة؟ في اهم التعريفات لها هي: درجة الاستعداد للتعلم و تحسين الاداء و رفع القدرات بشكل مستمر في حالات معينة و في المجالين العام و الخاص" و بالتالي تعتبر الكفاءة هي مفتاح النجاح للفرد و المجتمع. هذا هو ما يجب ان تكون عليه الحال و لكن الواقع عندنا يكذب ذلك ، بمعني ليس من الضروري البتة ان تكون كفئا لتنجح في السودان بل في بعض الحالات فان العكس هو المطلوب. السبب هو ان بعض ميسوري الحال اما انهم غير أكفاء او انهم لا يحبون وجع الرأس لان الشخص الكفء واثق من نفسه معتد و له رأي و ربما يخالف رأيه رأي السيد الذي يجلس علي كرسي الرئاسة في المؤسسة او المنشأة. من اهم الامثلة المؤيدة لما ذكرنا حالة الاستقلالية العقلية التي تمثل اهم حالات الكفاءة . مثل ذلك كمثل الطفل الذي تمكنه مشاعر الاستقلال من تقديم نفسه بشكل مريح و آمن في اكتشاف العالم المحيط مما يساعد بشكل لافت في تطوير قدراته. لكن التطور يحتاج لاحقا للتعليم النظامي لان تطوير الذات خارج الدرس المنظم " العلم " لا يؤدي بالضرورة الي التطور مهما كانت درجة الاجتهاد. ذلك ما يفسر لنا " الحالة" التي يقع فيها الكثير من " المتعلمين " و حملة الشهادات العليا الذين لم تتح لهم الفرصة للدراسة الجيدة و التحضير الجيد في مؤسسات ذات قدرات و بنيات تحتية للبحث العلمي و بوجود المقارنة و المنافسة مع الاخرين الاكفاء ، اولئك الاشخاص الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم يقعون في اخطاء قاتلة في المنهجية و المفاهيم و القواعد العلمية المنظمة في مجال العلم الذي نالوا فيه شهاداتهم . اما عن الصنع و المهن التي يتعلمها الناس " جربندية " فحدث و لا حرج.في هذه الحالة فان أي خاصية مهمة و استرااتيجية يمكن ان تشكل كفاءة ما و في نفس الوقت " و هذا مهم جدا " يمكنها ان تشكل فقدان كفاءة حسب الحالة المعينة. و هنا يحتاج الامر للتخصص الدقيق. ما يجب ان يتم الالتفات اليه و الاهتمام به كحقيقة علمية غير قابلة للجدل هو ان مفهوم التعليم النظامي مهم في تحقيق الكفاءة و يدحض ذلك فكرة معامل الذكاء الفطري . في هذه الحالة يقول علم النفس الادراكي انه اذا اردنا وصف التطور الانساني بفاعلية كبيرة من حيث المهارات و القدرات و الخصائص التي يجب تعلمها و ممارستها و استخدامها فان افكار الذكاء الغريزي لها قيمة تربوية ضئيلة. و تكون النتيجة هنا ان الذين يدرسون و يتخصصون بشكل منظم و عالي الكفاءة يحققون نتائج افضل . و يحضرني هنا المثل الذي يتحدث عن غباء الحمار " التكرار يعلم الحمار " لكن أي تكرار و أي حمار؟ و الا لكانت جميع الحمير تعلمت الان. اخيرا من الضروري التمييز بين الكفاءة و الانجاز و لكل منهما معاييره في القياس و لكن التكامل بينهما مطلوب. البحث عن الكفاءة يقودنا في طريق علمي متعرج و متشابك و الامر يحتاج لتكامل الكثير من العلوم و نتائج البحث العلمي لايجاد الصيغة التي تعيد لنا الكفاءة المفقودة خاصة في نظامنا التعليمي و في الندريب و في الاختيار للعمل و للترقي فيه و لربط ذلك بالكفاءة و الانجاز.
mnhassanb@yahoo.com