على أعتاب باريس.. (1-2) بقلم: عادل الباز

 


 

عادل الباز
30 April, 2009

 

 

جاء في الأنباء أن وفدا حكوميا رفيعا غادر الى باريس لإجراء حوار مع قادة الدولة الفرنسية. قبل الإدلاء برأي حول طبيعة مهمة الوفد وأجندته، أحب أن أشير على الوفد بكتاب فرنسي لابد من قراءته، أسماه الفرنسيون الكتاب الأبيض الفرنسي. الكتاب يحتوي على مائة صفحة تقريبا أصدره الفرنسيون في يوليو من العام. الكتاب أعدته لجنة برئاسة رئيس الوزراء الأسبق ألان جوبيه، ولويس شوايتزر رئيس شركة رينو السابق، ورئيس السطة العليا لمحاربة التمييز من أجل المساواة. «كتاب أبيض» عن السياسة الدفاعية لفرنسا يتضمن الكتاب الأبيض تحليلا للوضع العالمي وتحديدا لما يجب أن يكون الأولويات الفرنسية الخارجية والدبلوماسية الطموحة، واحتوى تقويما لوسيلة الأداء الخارجي الفرنسي ومجموعة من «التوصيات» لإصلاح عمل وزارة الخارجية الفرنسية والانتشار الدبلوماسي والقنصلي عبر العالم. أهمية هذا الكتاب أنه أصبح المرجع الأساسي الهادي للسياسة الفرنسة في العالم، وما يهمنا هنا السياسة الفرنسية في أفريقيا. دخلت هذه السياسة التي نص عليها الكتاب الأبيض حيّز التنفذ بسرعة أدهشت الكثير من المراقبين. في فبراير من العالم الماضي ألقى نيكولاي ساركوزي خطابا شهيرا في كيب تاون أعلن فيه أن فرنسا ترغب في التواجد في أفريقيا بشكل مختلف، وقال (لاتدخل ولاتجاهل)، مما عدّه امبيكي (إنهاءً للوجود الاستعماري الفرنسي في القارة الافريقية). من وقتها الى الآن أعادت فرنسا النظر في ثماني اتفاقيات دفاعية من جملة خمس عشرة اتفاقية كانت قد وقعتها في عهود مختلفة مع دول مختلفة في القارة، وأتمنى على التنفيذيين المغادرين الى باريس إلقاء نظرة عليه قبل الإقلاع.أعجبني تصريح للدكتور كمال عبيد عندما اتخذ مدخلا صحيحا للتعامل في ترميم العلاقة الفرنسية السودانية، إذ استبعد ملف المحكمة الجنائية عن طاولة الحوار قائلا: (ملف الجنائية طُوي تماما ولن تشمله مباحثات الجانب السوداني مع الحكومة الفرنسية). هذا المدخل صحيح تماما في التعاطي مع فرنسا في هذه الآونة بالذات. طي هذا الملف مؤقتا يسهل الولوج لمداخل أخرى أكثر أهمية لفرنسا وللسودان. المتابعون للسياسة الفرنسية يدركون أن فرنسا التي تنسحب بهدوء من القارة، تصر على لعب دور السمسار العالمي في قضاياها. فرنسا بإرثها الاستعماري مؤهلة تماما للعب هذا الدور، وخاصة بمناطق مستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا. والغريب أن فرنسا تنسحب من ممالكها السابقة فى وقت تتسابق فيه الشركات الإنجليزية والأمريكية على دول غرب أفريقيا. فرنسا انسحبت حتى من حقل دوبا التشادي حيث أهم قواعدها العسكرية في أفريقيا. الآن لابد أن يجد السودان مدخلا للتعاطي مع فرنسا في دورها الجديد في القارة. كيف يمكن أن يكون السودان مدخلا للسمسرة الفرنسة في القارة. فرنسا كما عبّر ساركوزي لاترغب في التدخل الخشن في أفريقيا، كما أنها لاترغب في تجاهل أفريقيا. فرنسا ترى أن السودان بدلا من مساعدتها في هذا الدور الذي اكتفت به، وراغبة في تقديم نفسها بأنها رسول العناية بأفريقيا، بدلا عن ذلك فالسودان يسعى لتخريب هذا الدور، بل يحاول أقصاءها عن أي دور في المنطقة. وهنالك ثلاث محطات يمكن سوقها في إطار هذا الجدل.  

 

 

آراء