شركات الاتصال وتقرير الاستخبارات!!
13 June, 2009
في منتدى قطاع الاتصالات الذي انعقد الأسبوع الماضي، شكت شركات الاتصال مُر الشكية من كثرة الرسوم وتزايد الضرائب وسطوة المحليات التي تفرض رسوما لا أول لها ولا آخر على الشركات. هذه الشركات تستاهل هذه المعاملة من الحكومة لأنها ظلت باستمرار تخضع لابتزاز بقانون وبغير قانون. كنتُ قد حذّرت هذه الشركات أكثر من مرة بألا تخضع لابتزاز هيئة الاتصالات التي تفرض عليها رسوما دون سند قانوني، وظلت الشركات تدفع وهي صاغرة مما أطمع الحكومة في مواردها.
شركات الاتصال سددت رسوم رخصتها كاملة وبمئات الملايين من الدولارات ولكن الهيئة القومية للاتصالات رأت أن ذلك ليس كافيا فقررت أن تستخدمها في فرض رسوم تحت مسمى رسوم صندوق المعلوماتية، وهي رسوم غير قانونية فُرضت بقرار وزاري دون أن يجيزها البرلمان، ومررت بقدرة قادر!!. عندما رفضت شركة زين فرض هذه الرسوم على المواطنين دون سند قانوني تمت ملاحقة مديرها العام بواسطة سلطة نيابة المال العام!! وبعد أن تعقدت الأمور وكاد الكويتيون يهربون باستثماراتهم من السودان تدخلت جهات عليا لتسوية الأمر، وكان أن دفعت الشركة بضعة ملايين من الدولارات اعتبرتها صدقة لهيئة الاتصالات.
مرة أخرى عادت هيئة الاتصالات لتفرض 2% على شركات الاتصالات لمصلحة صندوق دعم المعلوماتية. ورضخت مرة أخرى شركات الاتصال لأمر الهيئة القومية للاتصالات ووافقت على الدفع. إذا كانت شركات الاتصال تعمل بقانون فلماذا تخضع لابتزاز الهيئة والمحليات، لا أعرف ممَ تخشى؟ إذا كانت شركات الاتصال تقول إن 42% من أرباحها تذهب للحكومة في شكل رسوم وضرائب فذلك يعني أن هذه الشركات تربح أرباحا خرافية أو إنها فعلا تربح 12% وهو رقم مهول، علما بأن السيد الرئيس ذكر في وقت سباق أن السودانيين يتحدثون بخمسة مليار دولار. فكم تساوى الـ12% من هذا الرقم.؟. إذا لم تتحرر شركات الاتصال من الخوف من سلطة هيئة الاتصالات، وتتعامل معها وفق القانون ستجد نفسها في كل حين عرضة للابتزاز وسيتنزل هذا الابتزاز الى المحليات.
نحذر شركات الاتصال من الاستجابة لفرض رسوم للطلبات بدون وجه حق على حساب المستهلكين، وإذا فعلت ستجد نفسها في دوامة قضايا متعددة لاقبل لها بها، أما إذا رأت أن تدفع من جيبها لأي جهة ترغب، فذلك شأنها. فقط عليها أن تكف عن الشكاية في كل منتدى ومحفل.وحدة الاستخبارات الاقتصادية بمجلة الايكونمست التي تأسست في العام1946 تعمل في مجال تقديم تحليل متعمق للأوضاع الاقتصادية والإدارية والصناعية في دول العالم. هذه الوحدة تقدمت بمعلومات ثرة وتوقعات حول مختلف السيناريوهات السياسية والاقتصادية التي من المتوقع ان يشهدها السودان خلال الفترة من الآن حتى الاستفتاء على الجنوب نختار منها ثلاثة لأهميتها:
السيناريو الرئيسي هو أن الأزمة السياسية المركزية سيتم تفاديها في العام 2009- 2010 بواسطة حزب المؤتمر الوطني الحاكم . إلا أن هنالك مخاطر لديها جوانب سلبية بادية للعيان.
والسيناريو الثاني هو أنه سيزداد العسر المالي على اتفاقية السلام الشامل عند إجراء الانتخابات في العام 2010 وخاصة أن الجانبين يجريان عملية إعادة تسلّح قبل الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان في العام 2011. عملية الإصلاح الاقتصادي ستكون محدودة بسبب انشغال الحكومة بالوضع السياسي، وعدم الرغبة في تعريض نفسها لخطر إضاعة الدعم في الدوائر الانتخابية الرئيسية. سيبلغ العجز المالي 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2009- 2010.
* أما السيناريو الثالث أو الخطر الرئيسي الذي يبدو على المدى المتوسط هو التوتر المتزايد حول اتفاقية السلام الشامل بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان. وربما تسوء العلاقة بينهما في إطار الانتخابات القادمة والتي ينوي فيها رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت الترشح للرئاسة. وكلا الطرفين يعيدان تسليح نفسيهما لتوقع مواجهات عسكرية في المستقبل. كما أن هنالك مخاطر من صراعات مستقبلية حول الحدود الشمالية الجنوبية المضطربة بما فيها إقليم أبيي الغني بالنفط، وجبال النوبة، وولاية النيل الأزرق. علاوة على ذلك, فإن أي سوء تقدير سياسي من قبل القيادات الجنوبية أو الشمالية سيؤدي إلى مزيد من العنف. الانهيار الحاد في عائدات الحكومة في العام 2009 نتيجة لانخفاض أسعار النفط سيسهم في إزدياد التوترات وخاصة في الجنوب حيث يشكل البترول الأغلبية من العائدات. وستزداد التوترات عندما يجهز الحزبان لاستفتاء انفصال الجنوب في العام 2011. ورغم أن الرأي العام الجنوبي يفضل خيار الانفصال, فإن هنالك وعيا متزايدا وسط القيادات الجنوبية أن هذا ربما يكون غير عملي بسبب البنية التحتية للبترول والعلاقة مع الشمال والانقسامات داخل الجنوب. إذا كانت هنالك علامات نحو نهاية الفترة المرتقبة فإن المؤتمر الوطني يخطط لمنع الانتخابات أو رفض نتائجها, وعندها من المحتمل تجدد اندلاع الحرب الأهلية.
* على المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أن يحصلا على هذا التقرير ويتأملانه جيدا عسى ولعل ينتفعان به، ويجنبان البلاد والعباد شرور أنفسهما وشحها.