تغير مؤشرات الأداء التنموي … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم

 


 

د. حسن بشير
29 July, 2009

 

اصبح العالم يعتمد معايير جديدة لقياس الاداء التنموي و من اهم ما يوضح تلك المعايير تقارير التنمية البشرية التي درجت الامم المتحدة علي اصدارها سنويا. لم يعد النمو الاقتصادي هدفا في حد ذاته و انما وسيلة لتحقيق اهداف تنموية اخري . كما ان النمو الاقتصادي لا يشكل في حد ذاته وسيلة فعالة لتحقيق اهداف المجتمع في التمتع بحياة صحية و طويلة نسبيا و اكتساب المعرفة و المشاركة بفاعلية في الحياة الثقافية و الاجتماعية و التعبير عن الاراء بحرية و المشاركة في اختيار الحكام و محاسبتهم. يعني ذلك ان مؤشرات النمو قد تكون خادعة و هذا ما دعي الي تجاوز النظر في تقييم الاداء التنموي الي عوامل مثل تراكم راس المال و مستوي دخل الفرد وصولا الي التصنيع و استنفار فائض العمالة في الريف و التخطيط و الدولة النشطة. قد تكون مؤشرات النمو و مستويات دخل الفرد خادعة لانها لا تعبر عن المنافع الاجتماعية و مستوي توزيع الدخل و الثروة و معايير العدالة و المشاركة الاجتماعية و المحاسبة.

نتجت عن كل ذلك ضرورة توسيع معايير تحليل الاداء التنموي مثل التعريف الواسع للتنمية بما فيها مستوي دخل الفرد الحقيقي ( و ليس الاسمي ) و مؤشرات الحالة الصحية و الحالة المعرفية و مؤشر الحريات و المستوي المعيشي و تلك اهم مؤشرات التنمية البشرية المعتمدة من الامم المتحدة. نخرج من كل ذلك بان هناك مقومات للتنمية و النمو الاقتصادي ، اذ ان التنمية تعتبر مؤشرا كميا و نوعيا في نفس الوقت تشتمل علي مستوي الزيادة في الناتج القومي الاجمالي ، بشرط ان يترافق ذلك مع تغيرات هيكلية في البنية الاقتصادية الانتاجية و الخدمية. يأخذ النمو شكلا اعمق في التغير الهيكلي للاقتصاد القومي باعتباره متغيرا كميا و واحدا من المؤشرات الاقتصادية القابلة للقياس.

  في السياق الخاص بقياس مؤشرات الاداء التنموي يتم الاعتماد علي تحليل البنية الخاصة بالقطاعين الزراعي و الصناعي لان عليهما يعتمد عامل الأمن الغذائي ، و بالتالي فان تقييم نسبة النمو الانتاجي للقطاعين كقيمة مضافة للناتج القومي الاجمالي يعتبر مؤشرا مهما للأداء التنموي  و يمتد تأثيره الي التجارة الخارجية للبلد المعين.اذا اخذنا الاقتصاد الصيني كمثال في اطار الاهتمام المتزايد في السودان بتلك البلاد فإننا نجد من اهم مؤشرات القطاع الزراعي هي مساحة الاراضي الزراعية المزروعة بالمحاصيل دائمة الخضرة و المغطاة بالغابات و الاشجار اضافة للمحاصيل الحولية و الموسمية و التوسع في زراعة الخضر و الفواكه علي مدار العام. يضاف لذلك مصادر المياه المتنوعة التي تشكل عنصرا حيويا للنشاط الزراعي. اما في الجانب الصناعي فاهم المؤشرات هي تحفيز التصنيع بالمعلوماتية و تنمية قطاع المعلوماتية بالتصنيع، أي ان السمة الأبرز هي التكامل بين التصنيع و المعلوماتية من خلال تطوير السلوك الصناعي الجديد. تجري في الصين عمليات تسريع ترقية الهيكلة الصناعية خاصة صناعة المعلومات و الصناعة الحيوية و رفع مستوي الخدمات و يتم السعي نحو الوصول الي التنمية الكثيفة و النظيفة. يتبع في ذلك تعجيل التقدم التكنولوجي و العلمي و تقوية القدرة علي الإبداع الذاتي كإستراتيجية وطنية يتم التخطيط لها لفترات زمنية محددة.

 في الجانب التجاري وصلت الصين الي معدلات عالية من التصدير لمختلف أنواع السلع الصناعية و استطاعت ان تكون في مقدمة الدول المصدرة للسلع عالية التكنولوجيا. في القطاع الخدمي حققت الصين مستوي عالي من حيث مساهمة الخدمات في القيمة المضافة ، إضافة للقدرة الرفيعة في مجال خدمات راس المال الاجتماعي المرتبطة بجميع القطاعات التنموية. تلك هي الجوانب التي من المفترض مناقشتها مع الصين في الاحتفالات و المنتديات السودانية الصينية التي تشتد وتيرتها هذه الايام في الخرطوم. ذلك لاننا في امس الحاجة الي ايجاد الطريق الذي يؤدي بنا الي تلك المؤشرات التنموية.

hassan mn bashir <mnhassanb@yahoo.com>

 

آراء