كلام في الصميم … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
25 August, 2009
ما جاءت به صحف الخرطوم صباح الثلاثاء الرابع من رمضان 1430ه الموافق 25 أغسطس 2009م من حديث للسيد نائب رئيس الجمهورية اثناء مخاطبته للاحتفال الذي نظمه المجلس التشريعي لولاية الخرطوم بمناسبة التوقيع علي قانون شرطة الولاية ، يعتبر بكل المقاييس كلام في المليان و هو ما يفيد و يبقي في الأرض. لم نتعود ان نسمع كثيرا من المسئولين في اعلي هرم السلطة مثل ذلك المنهج الناقد الذي يشرح الأخطاء و العلل بشكل واضح و شفاف و هو ما يعتبر اول الخطوات نحو إصلاح الاخطاء و التقدم الي الإمام نحو الافضل. قال السيد نائب الرئيس ان " سوء النظر و ضيق الافق و الرغبة في الاستحواذ أصبحت وسيلة طاردة للمستثمرين و أدت الي تعويق و تأخر إكمال مشروعات التنمية .." ، الصحافة ، العدد ، 5799 ، بالتاريخ أعلاه.
من المعروف ان التنمية تحتاج الي فكر تنموي و قوة دفع و إرادة سياسية و اذا قام السياسيون بتزيين الأخطاء و التكتم عليها يكونوا شركاء في التخلف و تدهور الاداء الاقتصادي ، لكن عندما تكون هناك مؤشرات واضحة من المسئولين بتحديد الاتجاه الذي يجب ان تسير فيه الامور و عندما تربط تلك الاقوال بالافعال فان الوضع لا محال سيتبدل الي الاحسن . لم تجدي الشعارات و التصريحات المتفائلة في تحسن وضع الاستثمار في السودان. لا اعني فقط الاستثمار الأجنبي و انما الاستثمار الوطني في المقام الاول و الشراكات مع المستثمرين الاجانب في شكل مؤسسات او شركات او دول او حتي افراد علي الصعيد الثاني ثم الاستثمار الاجنبي الصرف. هناك الكثير من العبارات الجميلة و الشعارات مثل " موارد طبيعية هائلة .. قطاع مصرفي متمدد .) و غيرها لكنها غير كافية لان المستثمر لا يهتم بالشعارات و انما تهمه الانفعال و ما يواجهه في الواقع.
الواقع يقول ان هناك العديد من المعوقات التي تواجه الاستثمار و التي حدت من حجمه و نوعه و كفاءته و مردوده التنموي. قوانين الاستثمار ظلت تعدل المرة تلو الاخري منذ تسعينيات القرن الماضي و حتي اليوم. يعني ذلك ان الاصلاح التشريعي بقوانينه و لوائحه لم ينجز بعد. هناك معوقات تنظيمية و ادارية و إجرائية يعاني منها المستثمر منها التعقيدات الإجرائية في الحصول علي التصديقات و الاوراق الرسمية و ضياع الوقت في الركد بين مختلف المؤسسات و المصالح و دفع الرسوم المتعددة التي لا تزال تعديلاتها و تخفيضاتها جارية. هناك بطء الاجراءات في العمل الاداري و في عمليات التخليص و النقل و اكمال المعاملات. من المعوقات ايضا سوء الخدمات و ارتفاع تكلفتها مثل ارتفاع تكاليف الكهرباء و المياه و تدهور البنيات التحتية و تردي الخدمات الصحية و التعليمية و الترفيهية مقارنة حتي بالمستوي الاقليمي. لا زالت مشكلة المعلومات تشكل عائقا للاستثمار ، اذ من الصعب الحصول علي معلومات دقيقة عن السوق السودانية و التعرف علي فرص الاستثمار المتاحة و للمفارقة بعد النهضة التي شهدها قطاع الاتصالات في السودان عادت البلاد لتتذيل الدول العربية من حيث خدمات المعلومات و انتشارها. ليس ذلك بغريب في ظل خروج الشبكات عن الخدمة و التكلفة العالية التي تعوق انتشار الاتصالات في الريف و المناطق النائية مع سوء شبكة المواصلات و الطرق القومية و تواضع السكك الحديدية.
من اهم معوقات الاستثمار في السودان عدم كفاءة سوق العمل و ارتفاع تكاليف الإنتاج و انتشار معدلات الفساد المالي و الاداري . و تأتي السياسات الاقتصادية العامة لتضيف الي المعوقات ابعادا جديدة بالرسوم و الضرائب و تذبذب السياسة النقدية و التمويلية و بارتفاع معدلات التضخم . للتخلص من كل ذلك يحتاج الامر الي بعد نظر في سياسات الاستثمار بشكل يستوعب جميع متطلبات الحزم الخاصة بمناخ الاستثمار. و هي بالطبع معلومة للجهات المختصة سواء ان كانت في التشريع و النظام القانوني او في الجوانب التنظيمية و الادارية و المعلومات او اذا كانت في السياسات الاقتصادية الكلية و محاربة الفساد. للتخلص من معوقات الاستثمار يجب الاهتمام بالبنيات التحتية و تحسين شروط السوق و التنافسية و ترقية الخدمات و فتح المجال لبنيات ما بعد الاستثمار عنها ستكون لمواردنا قيمة و للاستثمار جدري و مردود تنموي.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]