حارة السقاين …بقلم: د. حسن بشير
23 September, 2009
كل عام و انتم بخير. لقد مر الشهر الكريم بكل خيره و كذلك عيد الفطر المبارك رغم المعاناة و شدة الحياة. تحولت العاصمة الخرطوم خلال شهر رمضان و عطلة عيد الفطر المبارك الي حارة للسقاين. عاني الناس في معظم احياء العاصمة من قسوة العطش التي لم يتذوقوها حتي في نهار شهر رمضان الذي شهد ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة. الخرطوم التي حباها الله بمياه تجري في كل الاتجاهات ، النيلين الأزرق و الأبيض و هما يلتقيان فيها ليكونان نهر النيل العظيم. النيل الذي قدسه سكان حوضه و قامت عليه حضارات كوش و نبته و مروي و شهد وجود ملوك كبار مثل تهراقا و بعانخي. الخرطوم التي لديها رصيدا كبيرا من المياه الجوفية و امتلأت شوارعها و ميادينها بمياه الأمطار كما تفيض مجاريها بمياه الصرف الصحي تعاني في أنحاء كثيرة من انقطاع المياه لأيام و ليالي و أصبح الشغل الشاغل للمواطنين فيها السهر في انتظار قطرة ماء. اكتفت السلطات المختصة بالوعود و عقد الاجتماعات المكلفة غير المفيدة لغير الذين يحضرونها و يتلقون المقابل علي انعقادها. الا يشكل ذلك فشلا صريحا في الإدارة العامة؟. كمان امسكوا الخشب فقد ذكرت الأنباء ان المسئولين عن المياه اشتكوا من انخفاض منسوب النيل الأزرق و انحسار الماء عن الطلمبات. لكن مهما كان انخفاض منسوب النهر في هذا الشهر ( سبتمبر ) فلن يكون مستوي المياه اقل مما يكون عليه الحال في ابريل من كل عام ، فما هو الداعي للحديث عن هذا الموضوع الآن؟ الله يستر.
الظاهرة الملفتة للانتباه هي تكدس أكوام النفايات في شهر رمضان الكريم مما شكل جبالا من "الكوش" أكملت المشهد المريع لبيئة العاصمة حتي اضطر الناس الي حرق النفايات مما زاد من مستويات التلوث لتشكل اضافة للمياه الآسنة و انبعاث الروائح الكريهة. المضحك المبكي هو إرسال المحليات لبناتها حملة الإيصالات المالية المحلية ، التي لا تمت لإيصال التحصيل الحكومي المعروف باورنيك 15 بصلة ، للمطالبة برسوم النفايات في الوقت الذي تحيط فيه أكوام الأوساخ بالأحياء و تغطي ما تبقي من الشوارع التي لم تغمرها المياه. ألا يخشي أولئك القوم من غضب الله و دعوات الناس في هذه الأيام المباركة؟ أصبحنا نعيش حياة بدائية بالمعني الدقيق للكلمة ، فنحن نعاني من انقطاع المياه في المنازل بينما تحيط بنا أكوام القمامة و المياه الآسنة في الخارج بانبعاثها السام و تهاجمنا جيوش الذباب و الناموس و لا أمل لدينا غير انتظار وعد الولاية بالرش بالطائرات. مع ملاحظة مهمة و هي ان المياه التي ذكر احد الوزراء الولائين بأنها قد تم "شفطها" بنسبة 75% لم تشفط في محيطنا و لا بنسبة 1% و انما تكفلت الشمس و الحيوانات و السيارات بتجفيفها.
حتي لا تغيب الايجابيات بشكل تام فقد كان هناك خبر مفرح عن المياه و هو الخاص بالتعاقد مع جهة صينية حول إنشاء خط ناقل للمياه من النيل الي بورتسودان مما يعتبر حلا شافيا لمشكلة المياه بمدينة الثغر التي ظلت تعاني طوال تاريخها من أزمة المياه. أخيرا سيعيد سكان المدينة اكتشاف النيل و الاعتراف بفوائده. لا يفوتني ان أتقدم بالشكر للأستاذ السر احمد قدور و كوكبته الممتازة الذين ادخلوا الحبور الي نفوس السودانيين خلال الشهر الكريم و قدموا مسك الختام يوم العيد. لقد أصبح كل من عصام، نادر ، عاصم و جمال من الفنانين الراسخين في الوجدان السوداني. جاء الأستاذ السر هذا العام بإضافات جديدة أسعدت المشاهدين خاصة " حسب زوقي الخاص " منار و الشابين ، شكرا لكم و مزيد من النجاح.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]