كفالة العشرين

 


 

د. حسن بشير
28 September, 2009

 

 

تحولت مجموعة العشرين الي منتدي اقتصادي شامل من اجل التعاون الاقتصادي الدولي و حلت بذلك محل مجموعة الثمانية الكبار في كفالة العالم و رعايته. ربما من الافضل لنا كعالم ثالث ان نقع تحت كفالة عشرين دولة تضم جميع الاقتصاديات الناشئة و تمثل جميع قارات العالم بدلا عن الخضوع لارادة ثمانية دول فقط. تمثل مجموعة العشرين 80% من الناتج الكلي العالمي كما يعيش فيها اكثر من ثلثي سكان العالم. بالتأكيد فان إفريقيا هي الحلقة الأضعف في عالم الاقتصاد حتي اليوم لذلك نجدها ممثلة بدولة واحدة في المجموعة هي جنوب افريقيا. في نفس الوقت تدخل اسيا بعدد من الدول هي - بالإضافة لليابان التي تحظي بعضوية الثمانية – كل من كوريا الجنوبية ، اندونيسيا ، تركيا و السعودية يضاف اليها الدولتان ذات الثقل الاقتصادي و السكاني المرجح ، الهند و الصين. بهذا الشكل نجد ان اسيا تتفوق علي افريقيا ببرازخ مما يحتم علي شعوب هذه القارة النهوض و الانتفاض من اجل احداث نقلة حقيقية في حياتها و اول الخطوات في ذلك الطريق هي الإصلاح السياسي و تغيير الانظمة السياسية نحو الافضل و السير بها في طريق الديمقراطية و الحريات و توسيع المشاركة الجماهيرية في صنع القرار. كذلك نجد حال امريكا اللاتينية افضل بوجود اكبر دولها في المجموعة و هما البرازيل و الارجنتين ، اما امريكا الشمالية فموجودة بسلامتها في المجموعة و كذلك استراليا.

اقرت المجموعة اربع توصيات رئيسية الاولي وضع الية للتعاون الدولي في وضع السياسات المالية ، الثانية العمل علي مراقبة اسواق كل الدول و وضع آليات مناسبة للشفافية لمنع حدوث ازمة مماثلة ، الثالثة سحب الإعانات الخاصة بالوقود الاحفوري تدريجيا و التي تبلغ 300 مليار دولار و التوصية الرابعة خاصة بإصلاح مؤسسات التمويل الدولية خاصة صندوق النقد الدولي. بخصوص التوصية الأخيرة تم اعتماد نسبة 8% من الاصوات داخل الصندوق مبدئيا للدول النامية.

  مع كل ذلك أقرت قمة بيتسبرغ تعزيز الضوابط المصرفية و زيادة نسبة الاحتياطات الزائدة في خزائن البنوك و تمت التوصية بتطبيق اتفاق بالي الذي اقر الاحتفاظ بنسبة 8% من قيمة أصول الموجودات الرئيسية . كما تم الاتفاق علي ان يلعب صندوق النقد الدولي دورا رئيسيا في تعزيز الاستقرار المالي الدولي و اعادة التوازن للنمو و مراقبة اختلال التوازن و تقديم النصح و التوصيات حول السياسة الاقتصادية الي الدول المحتاجة لتدابير تصحيحية. من جانب اخر تبنت القمة توصيات مجلس الاستقرار المالي " هيئة التنسيق بين جهات الضبط المالي و البنوك المركزية" ، بهدف ربط مكافأة العاملين بالمصارف و الأسواق المالية بالأداء طويل المدي بدلا عن المضاربات و المجازفات المفرطة. يمكن القول بان قمة بيتسبرغ لمجموعة العشرين قد سارت في طريق التحرك المشترك للدول ذات الاقتصاديات الأكبر في العالم لتقويم المعايير المصرفية و المالية و تلك الخاصة بما يعرف ب" الاموال النظيفة " التي تعتبر نقطة خلاف رئيسية بين أوربا و الولايات المتحدة الأمريكية. لقد خرج قادة الدول الكبري بارتياح واضح من القمة و علي قول الرئيس الأمريكي اوباما فقد تم وضع " أرضية للازدهار علي المدي البعيد " لكن " هناك الكثير من العمل". علي اية حال و كما ذكرنا بعد قمة لندن الماضية لنفس المجموعة فان " العالم عشرين " و لكن ان نكون تحت كفالة عشرين دولة أفضل لنا من كفالة الثمانية. سيستمر ذلك الوضع الي حين تشكل واقعا جديدا يعيد التوازن و العدالة المفقودين الي التعامل الاقتصادي العالمي و الي ان تنهض أفريقيا و تتخلص من تبعات الفقر و المسكنة.

 

hassan mn bashir [mnhassanb@yahoo.com]

 

آراء