قراءه في خبر صحفي
20 October, 2009
بمجرد ان يقرأ أي شخص خبر في أي صحيفة كانت سيتولد له رأي و ردة فعل عن محتوي الخبر. بالطبع فإن معظم الناس يقرءون الأخبار التي تسترعي انتباههم. من أفضل السبل للتعليق علي الخبر هو الكتابة عنه بدلا عن الاكتفاء بالونسة او التذمر. حتي وكالات الأنباء و القنوات الفضائية و المحطات الاذاعية و المواقع الالكترونية تهتم بالتعليق علي الأخبار و تحليلها و قتلها بحثا. تلك مقدمة ضرورية حول معرض تحليلي للخبر الذي جاء بصحيفة" الوسط الاقتصادي" في عددها (585) ليوم امس الموافق 19 اكتوبر 2009م. هما في الحقيقة خبران لكنهما مترابطان في المحتوي و كأنهما خبر واحد لان جوهرهما القطاع الزراعي.
الخبر الاول يعبر عن جملة من المشاكل و قد جاء بعنوان "مليار جنيه لإنشاء صندوق استثمار زراعي" ، جاء بمطلع الخبر " طالب اتحاد مزارعي الرهد و السوكي بتمليك الاراضي الزراعية للمزارعين و إعفائهم من ديونهم المتراكمة علي المشروعين نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي .." انظروا فقط في هذا الجزء من الخبر توجد ثلاث مشاكل كبيرة تعترض الزراعة بالمشروعين و هي ، مشكلة ملكية الأراضي ، مشكلة الديون المتراكمه و مشكلة انقطاع التيار الكهربائي و التي لم يوضح الخبر سببها او علاقتها بتراكم الديون و لكن في كل الأحوال فان الزراعة في السودان عبارة عن مستودع لا ينضب من المشاكل. يمضي الخبر ليقول و العهدة علي الراوي " ... كشفت شركة سكر كنانه عن إنشاء أول صندوق استثمار خاص بالزراعة" هذا يعني انه لا توجد صناديق خاصة للاستثمار الزراعي بالسودان ، اذا كان الامر كذلك فلأي غرض تنشأ الصناديق؟ . تم كل ذلك حسب ما ورد في سياق الخبر خلال مراسم توقيع " اتفاقية ادارة مشروعي الرهد و " كنانه" و يبدو ان الأصح هو " السوكي" بين شركة سكر كنانه و اتحادي المشروعين برعاية السيد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان. الادهي من ذلك ما ورد بالخبر من تصريح لوزير الزراعة و الغابات دكتور المتعافي الذي ذكر " ... ان الاتفاقية اول خطوة عملية في تحويل الزراعة من مشاريع للإعاشة الي مشاريع اقتصادية ذات عائد مجزي .." لأول مرة في السودان بعد ثلاثة و أربعين عاما من الاستقلال و بعد عشرين عاما من "الإنقاذ " تتحول المشاريع الزراعية من مشاريع إعاشة الي مشاريع اقتصادية.
لكن بالطبع لا يعني التصريح بان الوضع كذلك فكل العالم يعلم بان مشروع الجزيرة و المناقل لم يكن مشروع اعاشة و انما مشروع اقتصاديي متكامل كان هو العمود الفقري للاقتصاد السوداني لعقود من الزمان ، كما ان مشروع كنانه نفسه مشروع زراعي – صناعي يتكامل فيه العمل مع رأس المال و الكد مع العائد المجزي. اما كون ان مشاريع الرهد و السوكي قد تحولت من مشاريع اقتصادية الي مشاريع اعاشة فهذا موضوع يحتاج للبحث عن أسبابه و عن الأسباب التي أدت الي تخلف الزراعة عن تحقيق الأمن الغذائي و عن الحداثة و العائدات المجزية للمزارعين.
الخبر الثاني و الذي جاء بنفس الصفحة الاولي لصحيفة "الوسط الاقتصادي" بعددها ذاته هو " الحكومة تتعهد بإزالة معوقات الاستثمارات التركية " مناسبة هذا الخبر هي لقاء وزير المالية و الاقتصاد الوطني بوفد لرجال الأعمال الأتراك. و مشكلة معوقات الاستثمار هذه أصبحت مشكلة مزمنة في السودان حتي في إطار " ..تعزيز العلاقات الاقتصادية مع تركيا " التي يسعي السودان " .. لخلق تعاون مشترك معها في قطاع الأمن الغذائي و التصنيع الزراعي و بناء شركات صناعية لزيادة الإنتاج " ، ذلك حسب ما نسب للوزير في سياق الخبر. جميع الجوانب المشار اليها في التعاون المنشود بين السودان و تركيا في غاية الحيوية للاقتصاد السوداني و في رأي فان التعاون مع تركيا في مجال الاستثمار الزراعي - الصناعي يعتبر من أفضل الخيارات المتاحة أمام السودان في الوقت الراهن و من المفترض ان تحظي باولوية كبري ، من اهم الدلائل علي ذلك مساهمة القطاع الخاص التركي في صناعة النسيج بجمهورية مصر العربية. السؤال هو ما سبب "معوقات الاستثمار التركية"؟. عموما هذه الأخبار و الكثير غيرها يوضح عمق المشاكل التي تعاني منها الزراعة في السودان و هي أخبار تستحق التعليق.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]