جهاز الأمن والاستفتاء

 


 

عادل الباز
25 October, 2009

 

 

الأسبوع الماضي قال الفريق محمد عطا في ندوة بمدني إنهم يرغبون في تحويل جهاز الأمن إلى مركز أبحاث!!. وقال اللواء حسبو محمد عمر  في لقاء مع (الأحداث) أمس إن نيفاشا حملت نصا يشير إلى إمكانية أن  يؤدي الجهاز أغراضا أخرى.

هذا موقف المؤتمر الوطني، أما الحركة  فهي ترفض أن يعطي القانون صلاحيات لجهاز الأمن تخوّل له اعتقال الأشخاص. المعارضة  قريبة من موقف الحركة، بل هي اندغمت في موقف الحركة بعد إعلان جوبا. معلوم أن الحركة والمعارضة تتخوفان من أن تؤثر صلاحيات جهاز الأمن في العملية الانتخابية باستخدام بند الاعتقال التحفظي ضدهما. لا أعرف ما إذا كانت الحركة جادة في معارضة القانون أم أنها تضغط به للمساومة على ملفات أخرى، إذ أن ممارستها في الجنوب كشفت عن حاجتها لجهاز أمن بأنياب غليظة، أما حجة المؤتمر الوطني ألا مخابرات في الدنيا بلا أسنان. والديمقراطية نفسها تحتاج إلى جهاز أمن بأنياب. ليس لديّ رغبة في الخوض في هذا الجدل المتطاول ولكني أرغب في طرح فكرة لعلّي أجد من يشتريها.

هل يمكن تجميد النص المختلف عليه في قانون الأمن لما بعد الانتخابات.؟ ولكن بأيّ أسس وماهي الضمانات لعدم استغلال القانون الحالي في التأثير على الانتخابات؟ بالإمكان أن يقع اتفاق سياسي تلتزم فيه القوى السياسية بعدم استخدام الاعتقال التحفظي لمنع المتنافسين من التنافس بنزاهة وحرية. مايمنع ذلك؟ في الانتخابات غالبا ما تتفق الأحزاب على قوانين أخلاقية تضمن نزاهتها حتى بعيدا عن القوانين الرسمية، بل هو أنجع وأفضل من القوانين العادية التي يمكن التحايل عليها. يمكن الاتفاق أيضا بإرجاء كافة القوانين لإجازتها في برلمان ديمقراطي منتخب تشارك فيه كل القوى السياسية بدلا من تركه لبرلمان نيفاشا. ما يضير الشريكين والمعارضة أن يصلا  لاتفاق سياسي كهذا؟.

بالأمس هددت الحركة الشعبية بالنزول للشارع في حال عمل المؤتمر الوطني على منع تمرير قانون الاستفتاء بالنسبة التي تقررها الحركة الشعبية. بالطبع هذا ابتزاز سياسي لن تقوى الحركة على الإقدام عليه، وإن هي أقدمت على ذلك فإنها تمارس عملية انتحار سياسي وتنحر نيفاشا في ذات الوقت. دعك من هذا التهريج السياسي ودعني أطرح على القوم فكرة أخرى. ماهي الدوافع وراء العجلة في الإسراع بإجازة قانون الاستفتاء الآن؟ معلوم أن الاستفتاء سيجري في العام 2011 أي بعد الانتخابات. إذن يمكن الانتظار بقانون الاستفتاء لمرحلة مابعد الانتخابات ليُجاز ويمرر بواسطة برلمان منتخب.. فإذا ما أقرّ البرلمان المنتخب ديمقراطيا نسبة الـ50 %+1 كما تهوى الحركة فخير وبركة وكفى الله الحركة شر القتال مع المؤتمر الوطني. ما يضمن للحركة عدم تنصل القوى السياسية من تقرير المصير ونسبة الانفصال هو مقررات مؤتمر جوبا الذي وافقت فيه القوى السياسية بأجمعها على نسبة الخمسين في المائة زائدا واحد لفصل الجنوب. إذا صوّتت القوى الشمالية والجنوبية داخل البرلمان لصالح روية الحركة لن يقوى المؤتمر الوطني على فرض رؤيته إلا إذا كان حائزا على أغلبية مطلقة وهذا ما نستبعده. المشكلة الأساسية في هذه الفكرة أن الحركة تعتبر مكاسبها في نيفاشا غير قابلة للتأجيل، ولايمكن أن تُترك لبرلمان منتخب أو غير منتخب،  وتعتبر أي فكرة للخروج من حالة التأزم الحالي وخاصة إذا جاءت من الشمال هي محاولة جديدة في مسلسل نقض العهود والمواثيق. الحركة ترغب أن يخضع الجميع الآن لرؤيتها وإلا ستشعل الشارع!!. هذا ضد نيفاشا نفسها ولن يجدي. أدعو الحركة أن تفكّر في تأجيل طرح موضوع نسبة الاستفتاء إلى ما بعد قيام الانتخابات، خاصة وأن هنالك زمنا كافيا للتوصل لمساومة، وليس مستحيلا أن يصل الفرقاء داخل البرلمان المنتخب لنسبة معقولة في حدود 60% مثلا كنسبة تسمح بالانفصال بلا مشاكل ولا تعقيدات، وخاصة أن الحركة تراهن أن نسبة الانفصاليين بين الجنوبيين ستتجاوز الـ90% . فكّروا في استنهاض البدائل لا الشوارع!!

 

آراء