عندما تأتي المساء بلا ألوان
15 November, 2009
ونســـــة جمعـــة
الأسبوع الماضي كنا على موعد مع العبارة الأنيقة والأحاديث الشجية المنثورة على صفحات المساء. أطلت المساء على عالم صحافي قفر باخت فيه الكلمة وبعض الذين اعتلوا صهوتها جهلاء نشطون فاضت الأركان والأعمدة بغثائهم فعهروا اللغة العربية وأفقروها وأفسدوا ذائقة قرائها.
أطلت المساء بطلعتها الألوانية مزدانة بصورة حسين وعبارته الذكية، فعادت أجواء تلك الأيام حينما كانت ألوان تصدر فتتنفس الخرطوم هواءً عليلا. ولو أن المساء أطلت وبيدها ألوان لتلون أفق الصحافة السودانية بذلك الشفق المضئ، ولكن المساء جاءت بغير الألوان التي ستطل من فوق المساء حين يحين الفجر.
المهم أننا استعدنا في المساء قلم حسين خوجلي فاستعدنا نضارة الكلمة ورائع الشعر والدوبيت والحكايا الممتعات. كنت ولا زلت أذكر أول عهدي بحسين جئته من جامعة الخرطوم راجلاً فتركت على منضدة الاستقبال ظرفاً وغادرت، وفي اليوم الثاني وجدت المقال قد نُشر ومعه طلب بمقابلة رئيس تحرير الجريدة. استقلبني حسين كأن بيننا معرفة سنين وحضَّني على الكتابة بعد أن أغدق عليَّ الثناء بشكل أخجلني فبدأت مسيرة طويلة مع ألوان كاتباً ومحرراً ورئيساً لقسم التحقيقات حتى غادرتها إلى تأسيس مجلة سنابل أنا ورفيقي د. محمد محجوب هارون في العام 1988م. كتبت لحسين خطاب استقالة من سطر واحد قلت فيه (الآن ياحسين أنهي كل ألوان العذاب) وغادرت غاضباً. في اليوم التالي وجدت العبارة منشورة على الصفحة الأخيرة وحسين يعلِّق عليها ضاحكا. أستاذي وصديقي حسين مساءك بخير وإلى غد مشرق بالألوان.
أوباما يكذب ولا يتجمل!!
ليس خبراً أن أوباما قد جدد العقوبات على السودان فهذا حدث قديم لكن ما أفاد به أوباما حول الأسباب التي أدت لإبقاء العقوبات هو الخبر. قال أوباما (إن تحركات النظام السوداني وسياسته معادية للولايات المتحدة ولمصالح الولايات المتحدة، وتشكل تهديداً دائما وغير مألوف واستثنائياً للأمن القومي والسياسية الخارجية للولايات المتحدة). هل صحيح ان هذا الحديث يخصُّ النظام السوداني بتاعنا ده ولا حاجة غيرو؟. هل بالفعل يقود السودان سياسة معادية للولايات المتحدة وهي التي أثنت على تعاونه معها في مكافحة الإرهاب أكثر من مرة؟ كيف يقود النظام سياسة معادية لأمريكا وهو في قمة تعاونة معها في واحدة من أخطر القضايا التي تواجهها الآن في العالم.
ما هي مصالح الولايات المتحدة التي يهددها السودان وأين هي؟ لا أعرف مصلحة لأمريكا يهددها السودان في القارة الافريقية ولا خارجها بل ان أوباما نفسه لا يعرف أين تلك المصالح المهددة. السودان لم يستطع أن يهدد مصالح تشاد وهي تعربد في غربه فكيف يستطيع تهديد مصالح أمريكا في غرب الدنيا أو حتى في أوسطها الشرقي. ما داعي أن تكذب دولة عظمى وتتحايل بالكذب لتجدد العقوبات على السودان. يمكن تجديد العقوبات بلا كذب وخلاص. أما ثالثة الأثافي هي قوله إن الإبادة مستمرة في دافور. رغم كل التقارير التي تملأ الدنيا، وجرت إذاعتها في أروقة الأمم المتحدة بأن العنف انخفض في دافور، ويصر أوباما أن الإبادة مستمرة. هذه أكاذيب لا تليق بدولة عظمى،
الحقائق الواضحة والمثبتة لا تُثني إدراة أوباما عن ترديدها. كتب الرئيس كارتر كتاباً مهماً حول قيم أمريكا (قيمنا في خطر) فضح فيه أكاذيب السياسية الأمريكية وخطورة نزع الأخلاق منها إذ ستصبح القوى العظمى خالية من القيم وهو مكمن الخطر. تذكرت الكتاب وأنا أقرأ تصريحات أوباما الأخيرة.
تفاءلوا بالوطن.... لن تجدوه
صمت مريب خيم على كل السلطات الولائية والاتحادية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني على ما جرى في ليلة تدشين افتتاح مركز دكتور عبد الله علي إبراهيم. كنت هناك ليلتها جاء أصدقاء وأهالي حلة كوكو لحضور ندوة يقيمها المرشح الرئاسي في الهواء الطلق آملاً رؤية ليلة تنعش أجواء التنافس الانتخابي، ولكن تحول فجأة حلمهم لكابوس. فعلت السلطة ما فعلت بالندوة تسندها قوة لم يوقفها تصديق مهرته بإمضائها ولم يمنعها من فضِّ الليلة رجاءاتنا للضابط بوقف التنفيذ. كنت أتحدث للضابط حين كان أحدهم يطوي خلفية الندوة التي كُتب عليها (تفاءلوا بالوطن تجدوه). ها هو دكتور عبد الله تفاءل بالوطن وعاد من جنة أمريكا ولكن لم يجد الوطن، وجد المنع والفض، فأين الوطن؟. ماعجبت له بعد تلك الليلة وبعد التغطية التي قامت بها هذه الصحيفة لما جرى لصمت الأحزاب والمدافعين عن حقوق الإنسان والحكومة كأن ما جرى لا يهمها. اهتم الإعلام العالمي ببنطلون لبنى أكثر بكثير من عملية التحول الديمقراطي التي ظلوا ينبحوننا بها.
2 مليار دولار أين هي؟
السيد ديفيد دينق اتوربي وزير مالية حكومة الجنوب كشف أمس أن يتعقب مبلع 2,700,000 (اثنين مليار دولار وسبعمائة مليون دولار) أي والله. وهو حتى الآن لا يعرف أين ذهبت!! هذه الأموال خُصصت لشراء حبوب وحتى يبعد شبح المجاعة عن الجنوب أو كما قال الوزير السابق كول اثيان لبرلمان الجنوب.!! قال الوزير إن هنالك 200 مليون دولار دفعت لتجار لم يتمكنوا من معرفة سجلاتهم!! أي أنهم زاغوا بالمبلغ. ولكن الأدهى أن وزارة المالية لم تعرف حتى الآن إذا ما كان هؤلاء التجار مجهولي الهوية قد سلموا الحبوب هذه أم لم يسلموها.!! هناك أشخاص استلموا القروش ولم يسلموا الحبوب وتركوا الجنوبيين يواجهون المجاعة.
لطفك يارب اثنين مليار دولار تتبعزق بهذه البساطة ولا أحد يعرف أين هي؟. لا تعليق على ما حدث وليهنأ ياسر عرمان وصحبه بنضالهم على ضفاف النيل وأموال شعب الجنوب تنهب وباقان مستمر في دوامة صرعاته التي لا تنتهي في وقت تقتل فيه المجاعة شعب الجنوب بسبب الفساد والصراعات القبيلة. أخشى أن يتهم أحدهم غداً المؤتمر الوطني بتشجيع الفساد وتحريض الفاسدين في الجنوب لأجل افتعال مجاعة. على المؤتمر الوطني أن يكف عن تساؤلاته الغبية عن مبلغ السبعة مليار دولار التي حولت للجنوب فها هي اثنين مليار وسبعمائة مليون دولار قد عرف مصيرها والبقية تأتي بس شوية صبر!!.