هل ستؤثر أزمة دبي علي السودان؟
5 December, 2009
ما حدث في دبي ، في رأيُ هو واحدة من تداعيات الأزمة المالية العالمية و نتيجة لها و ليست أزمة قائمة بذاتها. بالتالي اذا كان هناك من تأثير علي السودان فسيكون نتيجة للازمة المالية العالمية نفسها و ليس نتيجة لانفجار فقاعة دبي العقارية. من جانب اخر هناك اثار غير مباشرة ناتجة عن تأثر الاسواق الخليجية بالازمة ، و تعتبر تلك الأسواق المصدر الرئيسي لمعظم الواردات السودانية. بما ان تأثير الازمة سيكون محدودا علي الاقتصاد الحقيقي ‘ غير الوهمي ( المعتمد علي الديون بشكل مؤثر ) فان تداعيات الأزمة ستكون قصيرة المدي و من المتوقع ان تتم السيطرة عليها في الربع الأول من العام القادم ، في حالة فاعلية إعادة الهيكلة و اعتماد الشفافية الضرورية. هناك ايضا اثر متعلق بالصكوك الإسلامية المصدرة في دبي و التي تأثرت بالازمة و تناقصت قيمها السوقية بشكل كبير مع العلم بان اكبر شركة ذات اصول مالية متداولة في السودان ، وهي سوداتل مدرجة في سوق ابوظبي ، حسب المعلومات المتوفرة و ليس في سوق دبي.
اهم المعلومات المتوفرة تقدر ديون دبي بين 80 و 100 مليار دولار. هنا ستساعد اعادة الهيكلة علي فرز الاصول الجيدة من السيئة. المشكلة هي ان صكوك نخيل العالمية المستحقة حتي ديسمبر 2009م قد انخفضت من 111 نقطة الي 72 نقطة وهو ما سيتسبب في فقدان نسبة كبيرة من القيمة السوقية لتلك الأصول. احدث ذلك و سيحدث هزة عميقة في اسواق المال العالمية بسبب المخاوف من انخفاض قيم الديون المستحقة علي دبي العالمية ، ستقوم الاسواق العالمية باستيعاب تلك الصدمة و امتصاصها ضمن الآثار الكلية الناجمة عن الأزمة المالية العالمية و ستتحول بالتالي الي عبء كلي يضاف لما سبقه من اعباء.
من الاسباب التي تحد من اثار ازمة دبي العالمية هي تنوع أنماط الاستثمار المتبعة في منطقة خليج. بينما يعتمد الاقتصاد السعودي علي النفط بشكل كبير نجد ان الاقتصاد القطري يعتمد علي تصدير الغاز المسال. في ابي ظبي رغم كبر حجم الاستثمار العقاري الا ان الاسلوب المتبع هناك يتمتع بقدر كبير من العقلانية باعتمادها تمويلا حقيقيا و تنويع استثماراتها ، فبالرغم من تكوين فائض كبير من صادرات البترول و كبر حجم الاستثمار العقاري بابي ظبي الا ان اقتصادها متوازن و اكثر صلابة. بالمقارنة فان امارة دبي قد أفرطت في الاستثمار العقاري القائم علي الديون و تفيد التقارير بان ديون الامارة قد تضاعفت تسع اضعاف عائداتها للعام 2008م ( تقريرالبنك السعودي الفرنسي ، الرياض الاقتصادية ، 3 ديسمبر ، 2009م).
ستتأثر مصداقية دبي الي حد كبير بهذه الأزمة و لن يعود لها البريق السابق علي ألمدي المنظور ، بالرغم من ذلك فان أمارة ابوظبي ستلعب دورا مهما في إنقاذ دبي من مأزقها الحالي مما يساعد علي تخفيف تداعيات الازمة علي أسواق الخليج و تداعياتها علي الاسواق العالمية. اما بالنسبة للسودان فلا يمكن ان يكون لازمة دبي تاثير مباشر يذكر علي اقتصاده القائم اساسا علي تصدير النفط ، اللهم الا اذا كان يملك ديونا مقدرة في شركات " مجموعة دبي العالمية " او في الصكوك الاسلامية المصدرة هناك. يضاف لذلك ان السودان لا يملك الكثير من الصكوك او الاصول المورقة القابلة للتداول و جل تلك الموارد ينحصر في شهادات شهامة و بعض الصكوك الاخري محلية الطابع ، يجعل ذلك تأثير الازمات المالية المباشر محدود و تكمن المشكلة في الاثار الاقتصادية الكلية التي تصيب الاقتصاد العالمي في مجمله. في النهاية فان غياب الشفافية لا يسمح بالتحليل العميق ، حتي ان ذلك العامل " انعدام الشفافية " اتضح انه متوفر بكثرة ، حتي في دبي ، و حتي في ما يتصل بكيفية سداد الديون ، فما بالكم بالسودان الذي يعاني من شح المعلومات و البيانات الاقتصادية الدقيقة التي تمنع ظهوره في الكثير من التقارير الدولية مثل تقارير التنافسية الدولية و تقارير الاستثمار الدولية و غيرها؟
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]