عام 2009 ، عام التغير الاقتصادي

 


 

د. حسن بشير
29 December, 2009

 

شهد العام 2009م الذي يسجل ساعاته الاخيرة تغيرات عميقة كان ابرزها في الجانب الاقتصادي. لقد غيرت الازمة المالية العالمية توازن القوي الاقتصادية في العالم بشكل مذهل. سددت متغيرات الاقتصاد ضربة قاضية للهيمنة الامريكية علي الاقتصاد العالمي و زعزعت مركزها الدولي علي الصعيد السياسي و العسكري و انزلت ثقلها الاستراتيجي درجات مرجحة لن تتم استعادتها مرة اخري. ابرز سمات التغيير كانت في النظم المالية و المصرفية من انهيارات و تدخلات و انقاذ و عوامل الرقابة و المحاسبية و الافصاح، خفف ذلك من الاعراض و لكنه لم تعالج المرض. فقد اثرياء العالم اكثر من 20% من ثرواتهم جراء الازمة المالية ، و هذه نسبة تكفي لمعالجة الفقر في العالم بشكل نهائي و الي الابد اذا تم استخدامها في التنمية و التعمير و حقن اقتصاديات الدول النامية باستثمارات مجدية. اعترفت مجموعة الثمانية الاغني في العالم بانها لن تستطيع التصدي للازمة المالية العالمية و تداعياتها لوحدها فتخلت عن عرشها و تنازلت لمجموعة العشرين لتأخذ محلها. صحيح ان الثمانية يشكلون النفوذ الاقوي في العشرين مدعومين بدول بالاتحاد الاوربي الاخري غير الداخلة في عضوية الثمانية. لكن تم الاعتراف بالدور المؤثر و الحاسم لما يسمي بالدول الصاعدة التي لا يمكن ان تحل أي عقدة اقتصادية دون مشاركتها. علي ذلك الاساس دخلت دول مثل الصين ، الهند ،البرازيل ، جنوب افريقيا بقوة في اللعبة الاقتصادية الدولية. مع ذلك يجب ان لا ننسي عمالقة مثل الارجنتين ، المكسيك و كوريا الجنوبية التي تحولت لاسود اقتصادية كاسرة.

جاءت قمة المناخ لتبرهن قوة  التغير العالمي فتم تلقين الدول الرأسمالية درسا في فن التعامل مع شعوب العالم الاخري و احترام مواقفها. بعد ان حاولت الدنمارك استخدام اسلوب مارق علي الإجماع ، تم تمزيق جميع اوراقها و مشاريع قراراتها و اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية ان تعقد صفقة منفردة متعجلة مع مجموعة من الدول الصاعدة لإنقاذ ماء الوجه و قد كان ذاك درسا بليغا لم ينفع معه التذمر و شكاوي دول مثل الدنمارك ، فرنسا و بريطانيا التي وقفت عاجزة امام تحدي القوي الصاعدة الجديدة.

   مثال اخر ساطع علي تغير العالم هي الصفقة حول بناء محطات لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة النووية. تلك الصفقة التي قدرت ب 20 مليار دولار لبناء أربع مفاعلات نووية كانت فرنسا ضامنة الفوز بها و اذا بخبراء مؤسسة الأمارات للطاقة النووية  يبرمون اتفاقية مع تحالف كوري جنوبي كان قد تنافس ، بالاضافة  لفرنسا  مع شركات امريكية و يابانية. وجد الخبراء الإماراتيون ان العرض الكوري هو الافضل من حيث النوعية و التكاليف و شروط الصيانة و بالتالي لم يترددوا في اختيار المجموعة الكورية مسجلين بذلك عهدا جديدا للتعاون التجاري و الاقتصادي في منطقة الخليج بعيدا عن المؤثرات السياسية و الاعتبارات الاخري المعروفة عن ابرام الصفقات التجارية في المنطقة. علينا ان ندرك ان العالم قد تغير فعلا و الكل يبحث عن مصالحه بأفضل الطرق لكننا للأسف خارج الإطار و يمكننا ان نري ذلك من خلال الأحداث الأفريقية للعام المنتهي.

 

 

Dr.Hassan.

hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]

 

آراء