هاييتي وليس دارفور

 


 

 

 

قيمة الإحترام التي نطالب بها وكالات الإغاثة ومنظمات العون الإنساني ، تظل هي قيمة إنسان هذا البلد في أي مساحة منه، قرية (هبيلا كناري ) وغيرها من القري في دارفور بولاياته الثلاث وأي تعامل يقع بين مدي الكرامة  والحوجة تلزمه خطوط (شديدة) الإحمرار.. وما قام به وفد الجامعة العربية بقيادة أمينها العام يقارب نموذج التعاون المطلوب مع أهالي دارفور فهؤلاء قوم لا تقبل العزة عندهم القسمة علي أي (كسر) ،مما دعا المخرجة الهولندية (بيير) الإستعانة في فيلمها (الإنتقام) بآراضي معسكرات ضحايا الإنتخابات الكينية ــ معسكر كيكوبي ــ وإستغلال المنطقة (تصويريا) لتبدو شبيهة بآراضي دارفور، فالسباق (الإستعاري) نحو دارفور تفضحه كثرة الأفلام المعلن عنها سواء بعرض الميزانية الضخمة التي وُضعت لها كما في فيلم المخرج (سعيد حامد) والذي كما ذكر في مؤتمر صحفي أن ميزانية إنتاج الفيلم من رجل أعمال إماراتي وسيكون (كاست) الممثلين من مصر بالتعاون مع ممثلين سودانيين (لاحظ المتعاونين سودانيين) وكاتب السيناريو مصري الجنسية ...! ثم يخرج بيان آخر من المخرج بأن البدء بتصوير الفيلم تعثر لمشاكل واجهت كتابة السيناريو ، أكيد ومؤكد أن معوقات ستواجه كتابة السيناريو فدارفور ليست صعيد مصر ولا حواري القاهرة القديمة ومع إحترامي الأصيل لكل هذه المناطق وساكنيها ولكن ما قصدته أن خصوصية أي منطقة ــ ومن عمق خواص الخواص دارفورــ  فهذا النسيج لا يحتمل التدخل الآن بأي تساهل يلمس ثقافته أويتحمل غض النظر عن أي منتوج درامي لا فائدة يجنيها الأهالي من وراءه. وعندما كتب الدبلوماسي والكاتب (خالد موسي ) عن زيارة حفيد (سلاطين باشا) لدارفور أشار الي فارق تاريخي ومفهوم ذهني صارخ في أن السودانيين يرون سلاطين باشا مستعمر أوروبي بينما يراه حفيده صورة للمصلح المدني ..! فطبيعي ستغلب الصورة الثانية عندما يقوم الحفيد بتصوير فيلم عن جده لا علاقة له بما يتصوره السودانيين. وعندما إشتعلت بذهن المغني الأسطورة (مايكل جاكسون ) كلمات أغنية (نحن العالم) وشاركه في كتابة الكلمات  (ليونيل ريتشي) ثم شرع في تلحينها في أوائل العام 1985 قدم ريع هذه الأغنية لضحايا المجاعة في إفريقيا في نفس العام دون أن يـُضطر المغنون الي السفر الي (إثيوبيا أو الصومال ) مثلاً .. والآن قام المغني (ليونيل ريتشي ) بإيقاظ نفس الفكرة لمساعدة ضحايا زلزال هاييتي وإستجاب له مجموعة جديدة من المغنيين الأمريكان، فالشاهد أن قيمة العطاء لا تبدأ بالإستغلال فليس لأنهم يريدون مساعدة هاييتي فيلزم ذلك تصوير مأساتها وحشر مشاهد الذين دُمرت منازلهم قسرا ضمن سياق تبرعهم للأهالي ومقطع جميل وراق أورده الرئيس الأمريكي (أوباما) في مقال له بعنوان (لماذا هاييتي مهمة )..( في أعقاب الكارثة يتم تذكيرنا بأن القدر يمكن أن يعاكسنا جميعاً، لكن في هذه اللحظات أيضا، عندما نشعر بمدي هشاشاتنا نكتشف أننا كلنا بشر).

 

zizetfatah@yahoo.com

 

آراء