طوكر الكبرى تبايع الشريف
17 March, 2010
الأمل هو الشمعة التي تضيء دروبا مليئة بالهم والحزن والخوف فيشرق فيها الرجاء، والتفاؤل حديقة فواحة من ورود بين شجر الشوك ، والشرف الشيء الوحيد الذي لا يجوز أن يفقده المرء أبدا ولو مرة واحدة ،والضمير إشارة حمراء توقف الإنسان أمام نفسه ليصدق معها ولو لحظات . بين هذا الأمل وذاك التفائل وعبر وخزات الحمية والضمير لاسترداد شرف منطقة طوكر التاريخ وعقيق الصمود أرسل ضمير طوكر وعقيق رسالة قوية لحكومة الوحدة الوطنية بولاية البحر الأحمر تفيد بأنهم يرفضون الظلم والهوان والاستبداد والقهر السياسي والاقتصادي. استقبلت كل طوكر الكبري السيد عبدالله ابوفاطمة رغم انه لا يملك سلطة ولا ثروة. طوكر أثبتت مبدأً كاد أن يندثر وهو أن الناس لا يلهثون وراء من معه السلطة والثروة والمال. طوكر رفضت كل الإغراءات وأعلنت تمردها انتصارا للمبادئ والقيم.حاولت طوكر الكبري أن تصلح ما بينها وبين المؤتمر الوطني من عثرات وجفوة وقطيعة ولكن الأخير تجاهل أنات وآهات وآلام شعب طوكر الذي ذاق الأمرين. حسِبَ وظن المؤتمر الوطني إن التفقير والتجويع يمكن أن يجعل من شعب طوكر كلبا يلهث ويتسول، وحسب المؤتمر الوطني إن المثل الذي يقول جوع كلبك يتبعك يفيد في تركيع قبائل طوكر ونظاراتها. نسي المؤتمر الوطني إن الأحرار في طوكر يرفضون الانحناءة ويرفضون التملق والمداهنة مهما كانت قوة السلطة ومهما ضاقت الظروف. استقبلت طوكر الكبرى الشريف عبد الله أبو فاطمة لأنها رأته وردة بيضاء بين شوك كثير زرعه المؤتمر الوطني الذي نسي أنه سيحتاج الي أصواتهم في الانتخابات. المؤتمر الوطني يجني ثمار تصرفاته السياسية الغبية التي لا تنظر الي المستقبل. كل تصرفات المؤتمر الوطني كانت عبارة عن عنجهية وأنفة وكبرياء لا تستند الي شئ. لو كان المؤتمر الوطني يفهم جيدا في السياسة لفهم إن الذي بينه وبين طوكر هو طلاق بائن وأن شراكتهم مع طوكر قد آلت الي الفشل بعد أن اصبح رصيد المؤتمر الوطني فيها صفرا كبيرا. متي يفهم المؤتمر الوطني ان طوكر الكبري وغيرها من المحليات يعتبرون الاستسلام ضعف يؤدئ الي الذل والمهانة. من الغريب أن يطلب المؤتمر الوطني من شعب طوكر المساندة والمؤازرة والتأييد وهو الذي أهملهم عمدا حين من الدهر وحرمهم كل الخدمات الأساسية والضرورية. في طوكر لمن لا يعرف، الصور مقلوبة منذ الاستقلال، كانت طوكر تدعم الاقتصاد الوطني وكانت بورصة لندن لا تكتمل إلا بإعلان أسعار قطن طوكر، أما بعد الاستقلال تم إهمال طوكر ودلتا طوكر، واستمر الحال هكذا حتى جاءت الإنقاذ فظن وحسِبَ أهل طوكر خيرا بأهل الإنقاذ ولكن جاء ظلم الإنقاذ اعتي وأشد وأكبر. لم تكن طوكر وحدها التي ذبح مشروعها الزراعي فقد ذبح مشروع الجزيرة معها وقد تزامن كل ذلك مع محرقة مشاريع الذرة في القضارف. هذا هو حصاد الإنقاذ في قطاع الزراعة رغم كل الصياح والهتاف الذي كان يقول فلنأكل مما نزرع. الإنقاذ تواجه يوميا عدم وفائها بوعدها فنحن حتى اليوم لا نأكل مما نزرع ولا نلبس مما نصنع.
وصلت الحالة في طوكر الي أهلك وأسوء مستوياتها في هذه الفترة. مستوي المعيشة في طوكر تحت خط الفقر، ومستوي الخدمات الأساسية والضرورية والمنقذة للحياة تحت خط (التحت) إن جاز هذا التعبير. هل يعقل يا شعب السودان كله أن يكون إسعاف المستشفي في طوكر هو عربة كارو يجرها حمار يعاني من سوء تغذية. هل يعقل أن نسمي مستشفي مكان ليس فيه كهرباء وماء ودواء. المغلوب علي أمره مضطرٌ أن يذهب الي ما يسمي مستشفي وحاله يقول مستجير بالرمضاء علي النار.
جاءنا السيد رئيس الجمهورية في زيارة خاطفة وأفادنا نحن أبناء الولاية بأنه قضي علي الفقر والجهل والمرض في ولايتنا المحظوظة، ويبدوا ان التقارير الولائية الملفقة قالت له ذلك ولكن الذي يعلمه الجميع إن الفقر والجهل والمرض قد زادت نسبتهم في الولاية خاصة في المحليات التسع. كل المصانع في الولاية توقفت. طوكر يتم وئدها جهارا نهارا بسبب آراء أبنائها الأحرار الذين رفضوا التجويع والتفقير والتركيع. هذه الأيام نري بعض المحاولات اليائسة لاسترضاء أبناء طوكر ولا يسعنا إلا أن نقول شكرا جزيلا للانتخابات التي أرغمت الحكومة علي الاعتذار جهرا وفي وضح النهار. والشكر أجزله للأخ عبد الله ابوفاطمة المنافس القوي والذكي جدا الذي بدأ حملته الانتخابية الولائية من محلية طوكر. في الحقيقة استقبال طوكر الحاشد وغير المحشود للأخ عبد الله ابوفاطمة سبب حرجا كبيرا لحكومة الولاية. مما جعل الحكومة تسارع الي اقتفاء أثر عبد الله أبو فاطمة وتقوم بزيارة متعجلة وشبه فاشلة الي طوكر. الفرق بين برنامج زيارة عبد الله أبو فاطمة وبرنامج المؤتمر الوطني هو إن الأول حشده حاشدٌ وتلقائي وعفوي وبرئ، أما الثاني محشود ومصنوع وغير برئ. سبق وقلت أنى أتوقع أن يغير الشريف عبد الله أبو فاطمة الموازيين في الولاية وهاهو الشريف قد بدأ حملته الذكية من طوكر التي بادلته التحية بأحسن منها وبقية المحليات تشرأب وتتأهب لمبايعة الشريف..........................................
Taha Bamkar [tahabamkar@yahoo.com]