الدكتور عبدالله علي ابراهيم وافتراؤه علي بخت الرضا (2- 3) … بقلم: هلال زاهر
16 April, 2010
أساتذة المعهد :
كان يدرس بكلية المعلمين الوسطي أسانذة كبار ذوو كفاءة علمية وتجربة ثرة وعلي خلق رفيع من السودانيين والبريطانيين أذكر منهم الدكتور عبدالله الطيب والدكتور أحمد الطيب والأستاذ صلاح الدين المليك في اللغة العربية والأستاذ أحمد محمد سعد في العلوم والأستاذ متوكل أحمد أمين ومستر ماكبين في الجغرافيا ومستر هوبسن في الرياضيات والأستاذ رحمة الله عبدالله ومحمد خوجلي في التاريخ والأستاذ الفذ والعالم مستر برايت في اللغة الانجليزية ومعه مستر جورج ومستر درم وشيخ الجيلي في التربية الاسلامية والأستاذ حسن أحمد يوسف ومستر وليمز وبدرالدين عبدالرحيم في التربية البدنية والطاهر شبيكة في المسرح ومستر كوليستوك في الفنون وأخيراً وليس آخراً الأستاذ عبد الحيلم علي طه مراقب الكلية وكان عميد المعهد هو الرجل المرموق مستر هودجكن .
وسبق هؤلاء في عهد العميد قريفيث أساتذة أجلاء مثل عبدالرحمن علي طه ومكي عباس وسر الختم الخليفة والذين تركوا بصماتهم في تاريخ السودان . ويقتضي الانصاف والعرفان بأن نذكر بكل الخير مستر هودجكن آخر عميد للمعهد فقد كان رجلاً سمحاً بسيطاً متواضعاً وعالماً , وكان يجيئنا في نادينا ويجلس معنا ونتحدث معه بكل حرية , ومن مآثره وحبه للسودان والسودانيين أنه تبرع بكل ماله الذي أخذه كتعويض عن خدمته عند الاستغناء عن المستخدمين الانجليز واحلال السودانيين مكانهم وذلك عندما طرحت أول حكومة وطنية علي الشعب دفع مال أسمته مال الفداء لإتمام السودنة لكل وظائف البريطانيين وكان مبلغ التعويض كبيراً للعميد بمقياس ذلك الزمن . وكان بالمعهد مكتبة كبيرة تتيح استعارة الكتب حتي بالبريد وكان أمينها الأستاذ الشاعر عمران العاقب .
كانت حياة المعهد تعج بالحيوية والنشاط , ففي العصريات كانت هناك الساحة الخضراء وبها ميادين خضراء من النجيلة تحوي ملاعب للتنس والكرة الطائرة وكرة السلة وأجهزة الجمباز من عقلة ومتوازيين وحصان القفز ,وبها حوض كبير للسباحة و رياضات الماء , كما كان يوجد جمنيزيوم به تشكيلة من الألعاب . وكان هناك نادي للمعلمين وآخر للمدرسين المتدربين به جيمع ألعاب التسلية من طاولة وكوتشينة والضمنه وتنس الطاولة ومكتبة بها الصحف والمجلات وكان يقام بها المحاضرات والليالي الشعرية .
وضع المناهج الدراسية أو المقررات والكتب المدرسية :
كان وضع المناهج الدراسية التي تدرس بالمدارس الأولية والمتوسطة منوط بتأليفها معهد بخت الرضا وكانت شعبة كل مادة تضع المقرر لمادتها وتستهدي في ذلك بأحدث نظريات التعليم والتربية وبخاصة ما تضعه منظمة اليونسكو من أسس , وبعد أن يكتمل اعداد المقرر يطبع في ملف كمسودة قابلة للتعديل بالاضافة أو الحذف وترسل الملفات لمدارس المعهد حيث تخضع للتجربة ويطلب من المدرسين المعنيين ابداء آراؤهم كتابة في المقرر , وتدرس الشعبة المعنية هذه الملاحظات والآراء ومن ثم تجري تغييرات اذا كانت الملاحظات وجيهة وموضوعية , وأخبراً يعتمد المقرر الجديد ويرسل الي الوزارة لاجازته ويطبع كتاباً مدرسياً وتوزعه الوزارة علي المدارس في السودان ويصحب كل مقرر كتيب مرشد للمعلم يبين بجلاء كيفية تدريس كل درس من المقرر , ولقد عاصرنا ودرسنا المقرر الجديد للغة الانجليزية وكتبها التي وضعها مستر رايت والتي وظف فيها أحدث طريقة لتدريس اللغة لغير الناطقين بها , وكذلك استبدل كتابة الحروف القديمة بأخري جديدة سهلة الكتابة واقرب لحروف الطباعة , وجعلنا نخط كتاب الخط الجديد من الغلاف الي الغلاف , ونتيجة لهذه الطريقة الجديدة Direct Method , كان الطلاب يستطيعون التحدث باللغة الانجليزية ويستطيع طلبة الصف الرابع متوسط من كتابة موضوعات الانشاء ولقد قمت بتدريس هذا المقرر لمدة ست سنوات , وبعد الاستقلال وإحلال السودانيين في وظائف الانجليز عاد مستر برايت العالم في طرق تدريس اللغة الانجليزية الي انجلترا واستخدمته مؤسسة لونجمانز الشهيرة للنشر , وقد عمل مقررات دراسية لتدريس الانجليزية لعديد من الدول الاسيوية .
وأما مقرر الجغرافيا الجديد فقد تأسس علي ما قررته منظمة اليونسكو من أهداف أولها هو أن الغرض من تدريس الجغرافيا هو تعزيز التفاهم بين دول وشعوب العالم , والانتقال في القطر من المحيط المحلي الي الاقليمي ومن القطر الي دول الجوار ومنها الي دول العالم , وهذا ما تعلمناه في دراسة الجغرافيا بالكلية , وإذاً فإن كتاب سبل العيش في السودان فقد سبق اليونسكو التي لم تكن قد ولدت بعد , فمرحباً بمنقو في الجنوب ومحمد القرشي في الشمال .
مهام أخري لبخت الرضا :
تتولي بخت الرضا عقد دورات تنشيطية Refresher Courses لقدامي الخريجين من المعهد وقدامي المعلمين بإطلاعهم علي الجديد في العملية التعليمية والتربوية , أو ما استحدث في المناهج كل في مواده التي تخصص في تدريسها, وذلك حتي لا تتكلس معلوماتهم القديمة وحتي يظلوا مواكبين بإستمرار لما يستجد في التعليم والتعلم , وكذلك يرسل المعهد النشرات الخاصة بالعملية التعليمية وتدريس المواد الدراسية للمدراس ليستفيد منها المدرسون , كما كانت الوزارة تمد المدراس بالمجلات العلمية المتخصصة كالناشونال جيوقرافيك ماقزين والجيوجرافيك ماقازين , وكذلك تمد المدارس بالكتب العربية والانجليزية للمكتبة في كل حجرة دراسية والمصاحبة للكتب المقررة التي أعدتها شعبتا العربي والانجليزي ببخت الرضا .
وكان رؤساء الشعب في بخت الرضا يقومون سنوياً بجولات في مديريات السودان الشمالية لزيارة المدارس المتوسطة في المدن والتي يدرس بها خريجو كلية المعلمين الوسطي ليتابعوا أدائهم وتقويمهم وترشيح المتميزين منهم للتدريس بالمدارس الثانوية أو للإبتعاث الي انجلترا .
من هم المدرسون المتدربون ؟
يأتي الي كلية المعلمين الوسطي ببخت الرضا المدرسون الذين لم يتلقوا تدريباً من المعينين مدرسين تحت التمرين بعد أن أمضوا سنتين أو ثلاث أو الذين تلقوا تدريباً أولياً لمدة شهر بالمعهد بعد التعاقد معهم , ويأتون من المدراس الحكومية أو الآهلية , فكانت الفرصة متاحة للجميع وكانت معظم المدارس الوسطي متمركزة في المدن في عواصم المديريات كالخرطوم وأمدرمان وبورتسودان وعطبرة والفاشر وحلفا , وكنت أنا موفداً من مدرسة الأحفاد الأهلية بأمدرمان في الدفعة الرابعة بكلية المعلمين الوسطي وكان عددنا ثمان وعشرون مدرساً متدرباً نمثل جهات السودان الشمالي شرقاً وغرباً ووسطاً وان كان يغلب عدداً القادمين من العاصمة المثلثة وضمت الدفعة أول متدرب من جنوب السودان .
وفي الستة شهور الاخيرة من الكورس الذي استغرق سنتين والتي كرست لدراسة الطريقة (Method) وللتدريس العملي في مدارس المعهد والدويم انضم الينا ستة من خريجي الاداب بالمدراس العليا (جامعة الخرطوم فيما بعد) , وهؤلاء يدرسون بعدها في المدراس الثانوية أو يدرسون في الصف الرابع المتوسط في البداية لمدة عام ثم ينقلون للتدريس في الثانوي , ,اذكر منهم الأستاذ العالم محمد الأمين كعورة والشيخ بليل وأحمد عبدالحليم وبعضهم ترك مهنة التدريس وانتقلوا الي مهن اخري . وكان من زملاء الدفعة الرابعة أديبنا الكبير الطيب صالح والذي ترك التدريس وانتقل للعمل مذيعاً في القسم العربي بهئية الاذاعة البريطانية بلندن , ولم يكن يكتب شيئاً حينذاك ببخت الرضا .
وأما المتدربون في كلية المعلمين الاولية فإنهم يأتون من مدرسة مبروكة المتوسطة بالمعهد ويمكثون بالكلية أربع سنوات يعملون بعدها معلمين بالمدارس الاولية . وكانت ميزات بخت الرضا تتمثل في النشاط والجدية والالتزام والاتقان في كل شئ . أليس إتقان العمل هو ما وجهنا اليه نبينا (صلعم) في حديثه ( ان الله يحب اذا عمل احدكم عملاً أن يتقنه ) , وهذا ما تعلمناه في بخت الرضا وعملنا علي أن ننقله لتلاميذنا , ألم لديك رأي آخر يا دكتور عبدالله ؟ . وكان الذي يرسب في نهاية التدريب يفصل ولا يمنح فرصة ثانية أو ملحق , وللأسف فقد فصل أربعة من زملاء الدفعة لهذا السبب .
helalzaher@hotmael.com zaher [helalzaher@hotmail.com]