حكومة مهمه خاصه … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
15 June, 2010
اعلن المؤتمر الوطني عن حكومته الجديدة كوليدة لنتائج انتخابات ابريل الماضي التي توصف في عدد من اجهزة الاعلام العالمية بانها ( مثيرة للجدل) ، المقصود هنا بالطبع الانتخابات و ليست الحكومة. تحرر المؤتمر الوطني من التزاماته تجاه حلفائه في التوالي السياسي و معظم ما يربطه بشريكه الأصغر في الحكم وفقا لاتفاقيات نيفاشا ، الحركة الشعبية. بذلك جاءت الحكومة الجديدة معبرة بشكل اساسي عن توجهات المؤتمر الوطني و ما يواجهه و سيواجهه من مهام بالغة التعقيد. و هكذا كان بناء الحكومة الجديدة ، كحكومة للمهام الخاصة التي تستدعي التنفيذ بشكل خاص ووفقا لملفات لا يمكن تعاطيها بشكل عام او من قبل أي شخص كان، من هنا جاءت طبيعة تولي الحقائب الوزارية. من اعقد الملفات احتواء تداعيات الجنائية الدولية التي اصبحت تتصاعد خاصة بعد دخولها دهاليز مجلس الامن ، وهي دهاليز يمكن ان تصيب أي داخل اليها بدوامة يصعب الخروج منها مما يستدعي "مكافاة شرها" بأسرع شكل ممكن ، اذا أمكن ذلك و الا فمن الأفضل الاحتياط لأسوا الاحتمالات.
لكن من جانب اخر ، هل من الممكن وصف الحكومة الجديدة بانها جاذبة للوحدة؟ الإجابة من وجهة نظرنا هي: لا. لا ، من قبل المؤتمر الوطني الذي يبدو انه لم ينجح في إقناع أي طرف مهم او ذي وزن من خارجه بالانضمام الي صفوف الحكومة الجديدة ، بل حتي بعض الحلفاء الذين كانوا يقوموا بمهام التغطية لم يظهروا بشكل واضح هذه المرة. في هذا الاتجاه فان تفتيت الوزارات بشكل يصعب معه التكهن بالهدف من ورائه ، غير "قسمة الموارد" لن يفيد في شيء و ذلك لسبب بسيط جدا ، هو انه لم يعد هناك وقت لتلك الوزارات حتي لتضع خططها قبل ان يدركها الاستفتاء. من جهتها فان الحركة الشعبية تبدو غير مكترثة لما يجري في الشمال نسبة لتحولها بشكل شبه كامل و بجميع أركان حربها من العيار الثقيل الي الجنوب ، دافعة بعناصر من الصف الثاني و تبدو لغالبية المتابعين للشأن السياسي الداخلي وجوها غير معروفة في معظمها. تحولت الحركة الي مراكز نفوذها و حكمها الحقيقي في الجنوب استعدادا لقيام الدولة الجديدة و التي لا اعرف شخصيا لها اسما حتي اليوم لأنه لم يكن لها اسم كدولة مستقلة في يوم ما ، اذا تمت تسميتها بالسودان الجديد فان ذلك لن يعدو ان يكون اسما مشتقا عن الأصل ، السودان. علي أية حال الحركة الشعبية مشغولة بترتيب بيتها الداخلي و تبدو غير مهمومة بما يجري في المركز ، اذا تبقي مركزا موحدا يجمع كل أطراف البلاد و يوحد الشعب حول سياسات عامة مشتركة.
مهما كانت الدوافع من وراء خروج الحكومة بالشكل الذي خرجت به فإنها ستتحمل كامل المسئولية عن ما سيجري للسودان من وحدة او انفصال ، من سلام او حرب ، من تقدم و تنمية و عيش بشكل كريم او الغرق في لجة من المعاناة و الشقاء و عدم الاستقرار. أي كانت الآراء حول الحكومة الجديدة فإننا لن نستطيع ان ندعو لها بالفشل اذا كانت مقاصدها خير للبلاد و العباد وإذا كانت تسعي للسلام و الوحدة وال تنمية و نشر قيم الحرية و الديمقراطية ، كما لن نستطيع ان ندعو لها بالتوفيق او لأي من أطرافها اذا كانت تسعي او يسعي ذلك الطرف الي شر او أي فعل يمكن ان يتسبب في عدم الاستقرار و المعاناة او السير في طريق القمع و الانفراد بالقرار و إقصاء الآخرين من ابناء و بنات الوطن الذين يتمتعون بحق المواطنة و بالتالي الحق في المشاركة في كل صغيرة و كبيرة تقرر مصيرهم او مصير وطنهم او أي جزء منه. أما الأفعال التي تدعو الي الحرب فننادي مع المنادين و الحادبين علي مصلحة الوطن بتجنبها و الابتعاد عنها مهما كان الثمن الذي يستحقه السلام غاليا ، لان أسوا خيار يمكن الوصول إليه هو الحرب ، مهما كان نوعها او حجمها او مكانها. في حالة الحرب فلن يكون هناك مستفيد حتي ولو وقف الكون باجمعه الي جانب من يشعلها لانها ستحرق الجميع. نتمنى ان توفق الحكومة الجديدة في الحفاظ علي وحدة البلاد و أمنها و استقرارها ، لأنه ببساطة لن تكون هناك حكومة أخري يمكن ان تقوم بهذه المهام بعد الحكومة التي تقف أمام الشعب السوداني اليوم او غدا لأداء القسم ، متحملة بذلك مسئولية تاريخية جسيمة تنوء بحملها الجبال. فعلا انها حكومة لمهام خاصة و خاصة جدا.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]