وداعا أيها السكر … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
30 June, 2010
بعد ان ودعت جماهير الشعب السوداني المغلوبة الكثير من السلع و الخدمات نسبة لارتفاع أسعارها و تحليقها بعيدا عنها باعتبارها سلع وخدمات تخص ابناء كوكب اخر لا يمت لهم بصلة القرابة، ها هي اليوم تودع سلعة السكر ناظرة اليها في حسرة متذكرة طعمها اللذيذ مكتفية " بالتمطق".عندما نقول جماهير الشعب السوداني نقصد نسبة ال 95% او 97% الله اعلم التي اصبحت تتمتع بنعم الفقر تاركة الرفاهية للنسبة المتبقية. المطمئن في الموضوع هو كبر حجم "الشريحة" المغلوبة علي امرها مما يجعل الموت وسط (الكتيرة) عيد و في مقولة اخري عرس و لا اعرف أيهما أكثر تكلفة من الأخر حتي انسب اليه الحكمة الشعبية المعروفة. يبدو ان هذه هي الهدية الجديدة التي تقدمها الحكومة المنتخبة للشعب لتذكره بحلول الذكري السنوية للإنقاذ.
ذهبت قرية لنا الي المدرسة بمناسبة "الموسم" الجديد للمدارس فوجدت ان الرسوم تكاثرت بسرعة تفوق توالد الأرانب في سنوات الخصب فعلقت علي ذلك قائلة " عيد " فاستنكر احد الأساتذة قولها ، قائلا لها متي تنفقين مثل هذه الأموال في الأعياد ؟ هل تشترين ملابس لأبنائك بمليونين غير المصاريف الاخري (الملاحق)؟ كان ذلك في مدرسة في حي شعبي ب(ضاحية) من (ضواحي) الخرطوم. لكن بالطبع لم تترك (جماهير الشعب) المدارس للنسبة التي تم ذكرها سابقا و انما لا زالت متشبثة بالمدارس و بعض العلاج و شيء من الكهرباء و الماء و بعض المواصلات و مثلها من التعليم العالي ، بدون بحث علمي . تفعل الجماهير المنكوبة ذلك بكد و ( في كبد ) وهو امر محتوم اراده الله لها لكن تذكروا (أيحسب أن لن يقدر عليه احد) ، البلد، الآية5.
بالمقابل تخلت الجماهير السودانية (الغبشاء) عن كثير من الأشياء منها الاسترخاء ، التواصل ، الكثير من الكرم و التسامح و طول البال مثلما تخلت عن الطماطم و البصل ، المانجو و الجوافة ، تربية الحمام و الحيوانات الأليفة ، حتي القطط كادت تختفي من المنازل و المستشفيات و لا ادري ما فعلت غربان بورتسودان ، اذ لا أخبار عنها. وصل الحد بالناس ان تشتهي الموز فتقوم بشرائه بعد حصولها علي دخل مباغت فيفرح الأطفال و يهتفون (مووووووووز). أخيرا جاء الدور علي السكر بعد ان أخذت أسعاره ترتفع و ترتفع و ترفرف في الهواء. اخيرا تم احتكار سلعة السكر بشكل مكشوف و تم تسليمها لعدد بعينه من التجار ، عدد محدود تم تصنيفه الي ثلاث فئات . في هذا الاطار حددت شركات السكر سعره بمبلغ 118جنيه للجوال ، حسب "الاحداث ، الاربعاء ، 30 يونيو" ، لكن الصحيفة تشير في نفس الخبر الي " .. عدد من الوسطاء بعد شرائهم للسكر يبيعونه جوار المركز ب (135جنيه)" ، نعم الوسطاء الذين من غير المعروف توسطهم بين من و من؟ هذه الزيادة التي تحدث امام مراكز التوزيع مباشرة تعادل نسبة 14.4% فما بالكم عندما يبتعد السكر عن المراكز ، سيلحق (بالمنقة) التي وصلت اسعارها الي ما يتجاوز اربعين جنيها (الفا) للدستة ، عندها سنقول للسكر وداعا كما ودعنا غيره الكثير من احتياجاتنا بأسف شديد. هذا الحال يحدث قبل شهر تقريبا من حلول رمضان. ما يستنتج من جوهر الخبر الوارد "بالاحداث" يتناقض تماما مع ما عنونت به خبرها الرئيس ( الشركات تتدخل لمحاصرة سماسرة السكر) ، اذا صح ذلك و نجح الحصار سيسجل السودان سابقة تاريخية تدخل ضمن النظريات الاقتصادية و هي:- ان الاحتكار و الندرة و تقاعس الدولة في القيام بوظائفها الأساسية يمكن ان يؤدي الي تخفيض الأسعار ( السكر كمثال).
اقتنعنا بان السودان اكثر بلدان العالم غلاء فيما يتعلق بالسلع و الخدمات الأساسية ، بشكل يطال الخبز ، زيوت الطعام، اللحوم،الخضر و الفواكه ، كذلك بالنسبة لاسعار الكهرباء و الوقود اضافة لخدمات التعليم و الصحة ، لكن اليس من امل في ان يثبت الحال علي ما هو عليه من سوء و ضنك في العيش ؟ الي متي تظل الحال في تدهور مريع من سيء الي أسوأ؟ نتمني ان يكون هناك عقلاء يدركون خطورة هذا المنزلق الخطير الذي (تتدحرج) فيه البلاد الي درك لا يعلم مداه الا الله.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]