الملتقى الجامع: اختلاف الأجندة يباعد المسافات … تقرير: خالد البلولة ازيرق
بعد ان ارتفعت نبرات الملتقى الجامع بعيد دعوة الرئيس البشير التي قدمها لقادة الاحزاب مطلع الاسبوع الماضي، عاد السكون مجدداً لساحة السياسة، وخمد معها الحديث حول الملتقى الجامع بعد المقاطعة والاشتراطات التي دفعت بها احزاب المعارضة الي طاولة المؤتمر الوطني للمشاركة في الملتقى الجامع الذي دعا له رئيس الجمهورية بتنسيق مع الحركة الشعبية، وان خبأت أصوات الملتقى الجامع في الاجهزة الاعلامية الا انها تبدو عالية داخل الغرف المغلقة والحوارات الثنائية التي يجريها المؤتمر الوطني مع الاحزاب السياسية المختلفة، بعد أن كشف المؤتمر الوطني رفض المؤتمر الشعبي المشاركة في الملتقى وتأكيده علي موافقة الاحزاب السياسية الاخري.
وكان المؤتمر الوطني قد قدم لقادة الاحزاب السياسية دعوة للمشاركة في ملتقى جامع لبحث قضايا الاستفتاء وترتيبات دعم الوحدة بالتنسيق مع الحركة الشعبية والنائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق سلفاكير ميارديت، علي ان يعقد الملتقى يوم السبت الرابع والعشرين من يوليو المنصرم، بعد لقاءات ثنائية اجراها السيد رئيس الجمهورية بكل من السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ومولانا محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، ولقاء نائب الرئيس علي عثمان محمد طه بالاستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، الا أن اجتماعات لاحقة لأحزاب المدعوين توصلت الي مقاطعة تلك الاحزاب للملتقى الجامع الذي دعا له رئيس الجمهورية، وتم ابلاغ النائب الاول لرئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت بالقرار، والذي بدوره ابلغه لرئيس الجمهورية في مطار الخرطوم عند عودته من تشاد بعد مشاركته في قمة الساحل والصحراء، ليقوم بتأجيل الملتقى لأجل غير مسمى، ويبدو ان المشاورات الثنائية مازالت جارية لعقد الملتقى الجامع للاحزاب السياسية. ولكن الدكتور أسامة زين العابدين استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، قال لـ«الصحافة» ان جميع الاحزاب موقفها المعلن أنها مع الوحدة حيث يؤيدها «81» حزباً من جملة «83» حزبا، والحزبان المناصران للانفصال هما الجبهة الديمقراطية في الجنوب ومنبر السلام العادل في الشمال، ووصف الخلاف بين الاحزاب المعارضة والمؤتمر الوطني بأنها خلافات اجرائية وليست جوهرية متعلقة بالمسائل التي تحقق الوحدة، وطريقة العمل لها هل تكون جماعية أم فردية، داعيا الاحزاب في هذه الجزئية للاتفاق وابعاد الأجندة الخاصة لها وتتجه للجند الكبير وحدة السودان، وعزا زين العابدين رفض المؤتمر الشعبي المشاركة في الملتقى الي رؤيته القائمة علي ان القضايا لاتجزأ، واضاف «لكن المشكلة الرئيسية للوطن الآن هي مشكلة الوحدة» ، واشار زين العابدين الي ان الاحزاب المعارضة محقة في تحفظها علي طريقة الدعوة التي قدمها لها المؤتمر الوطني كونها قدمت لأفراد ولم تقدم باسم احزاب وانها لم تقدم لكل الاحزاب السياسية ووصف رفضها بالحجج المقبولة، لكنه دعا الي تجاوز المسائل الاجرائية والاتجاه للقضية الكبيرة «الوحدة» مشيرا الي ان الاحزاب لديها الرغبة في عمل برنامج مشترك مع المؤتمر الوطني لتحقيق الوحدة».
وتسببت الخلافات بين المؤتمر الوطني من جهة وأحزاب تجمع جوبا من ناحية اخري حول أجندة الملتقى الجامع في تأجيل الملتقى السابق ومقاطعته، حيث رهنت احزاب المعارضة مشاركتها في الملتقى الجامع الخاص بالاستفتاء، بالاتفاق مسبقاً مع المؤتمر الوطني على اللجنة التحضيرية والموضوعات والاجراءات وآليات تنفيذ مخرجات الملتقى، وحددت أربعة أجندة للحوار في الملتقى الجامع هي «الوحدة، دارفور، الحريات، الاحوال المعيشية» ، لكن المؤتمر الوطني بالمقابل قطع بأن الملتقى غير معني بتلك القضايا «وانما يبحث في قضية الاستفتاء دون سواها»، وكانت أحزاب جوبا انتقدت في مؤتمر صحفي عقدته الاسبوع الماضي الطريقة التي قدمت بها دعوة المؤتمر الوطني للملتقى الجامع بأنها دعوة لأشخاص وليست للاحزاب، مؤكدة موافقتها علي تلبية دعوة المؤتمر الوطني شريطة الاتفاق علي الموضوعات والاجراءات مسبقاً، في وقت وصفت فيه دعوة المؤتمر الوطني للملتقى الجامع بأنها التفاف علي دعوة «نداء الوحدة» التي اطلقتها أحزاب تجمع جوبا للاحزاب السياسية، متهمة المؤتمر الوطني بالسعي لاتخاذ الاحزاب «ديكوراً» لدعم مواقفه. واتهم الامين السياسي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر، المؤتمر الوطني بالسعي لتحطيم تحالف جوبا، ووصف الدعوة للملتقى بأنها «كنانة 2»، وقال ان هذه الدعوات كانت في اطار حملات النفرة، ولا يمكن ان تصبح هذه القوى جزءا من الأزمة التي يصنعها المؤتمر الوطني، واعتبر ان المؤتمر الجامع الآن في يد القوى السياسية وليس المؤتمر الوطني، وقال «هي التي تشكل اللجنة التحضيرية لتحدد موعد اللقاء والآليات والموضوعات»، واضاف«اننا سنبدأ بالقضايا الأساسية وقضية الحريات ستكون رقم واحد».
وقال الدكتور حمد عمر الحاوي، استاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا، لـ«الصحافة» ان احزاب المعارضة ما يعنيها من الملتقى الجامع هو وضعيتها في تقرير مصير السودان، ووضعية الحريات العامة واتحاة الفرصة لها لممارسة حقوقها السياسية ولعب دورها في المجتمع، وهي تنتقد هيمنة المؤتمر الوطني علي السلطة والدولة ، فهذه هي اجندتها للملتقى الجامع، لكن المؤتمر الوطني قال ان هذه الأجندة ليست قضيته، لأن قضيته هي ان اتفاقية نيفاشا وصلت مرحلتها النهائية واصبح واضحا أنها ستقود لانفصال الجنوب، وواضح من خلال السياسات المتبعة ان المؤتمر الوطني سيحمل مسؤولية وزر فصل الجنوب، بالتالي القضية الأولي بالنسبة له هي الا يتحمل منفرداً وزر انفصال الجنوب ويريد ان تشاركه الاحزاب السياسية في الساحة السودانية في المسؤولية حتي لا يقع عليه اللوم لوحده مستقبلاً، وأضاف حمد «واضح ان هذين الجندين للمعارضة والمؤتمر الوطني مختلفان ولا يلتقيان مطلقاً، لأن المعارضة تري بأن القضايا لاتجزأ، وتري بأن المؤتمر الوطني يريد ان يستخدمها متي ما اراد، لذا تريد ان تقايض ذلك بالحريات لأنها ليست رافضة لمبدأ المشاركة في الملتقى لكنها لا تريد ان يختار المؤتمر الوطني القضايا التي يريدها» ، وقال الحاوي انه مع اختلاف الأجندة بين الطرفين انه لا يتوقع تفاعلا حقيقيا بينهما يمكن ان يؤثر بصورة فعالة في تقرير مصير البلد».
اذاً محطة الخلاف بين المؤتمر الوطني واحزاب تجمع جوبا حول أجندة الملتقى الجامع، والتي قادت لتأجيل الملتقى يبدو أن هناك حواراً يجري لتجاوزها لعقد الملتقى، وأكد بروفيسر ابراهيم غندور، ان الملتقى الجامع حول الاستفتاء سيقوم، وقال في حواره مع «الصحافة» بأن المعارضة فيما عدا المؤتمر الشعبي اكدت مشاركتها في الملتقى الذي دعا له الرئيس دون قيد او شرط، واضاف «وافق السيد الصادق المهدي ومولانا محمد عثمان الميرغني عند لقائهما بالسيد الرئيس، ووافق الاستاذ محمد ابراهيم نقد عند لقائه نائب الرئيس علي عثمان» ، وقال ودكتور الترابي التقيت به واكد ان حزبه قرر عدم المشاركة خلاف ذلك ليس هناك حزب قد رفض المشاركة، مشيرا الي ان الحركة الشعبية التي تم التشاور معها ابتداء في جوبا بواسطة نائب الرئيس علي عثمان محمد طه، وفي مؤسسة الرئاسة حين تم الاتفاق علي موعد الملتقى والترتيبات أكدت مشاركتها بالتالي فان القوي السياسية لم تقاطع وان شاء الله لن تقاطع». وكان نائب الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان، قال في تصريحات صحافية بعيد اجتماع تحالف قوي جوبا ان المطالبة بتأجيل الاجتماع كانت بغرض التحضير للموضوعات والاجراءات بشكل جيد، وعمل مزيد من التحضيرات في مسألة الحريات ودارفور وتدني مستوى المعيشة، مشيرا الى ان الموضوعات التي طرحت في اجتماع الرئيس عمر البشير وسلفاكير لم يحضر لها بشكل جيد لذا تأجل الاجتماع بالاتفاق مع القوى السياسية. واضاف « نريد ان ندخل الاجتماع كأنداد وشركاء في التحضير والاعداد».
khalid balola [dolib33@hotmail.com]