سيذهب القذافى … وتبقى ليبيا …. بقلم: أسماء الحسينى
Alshareefaasmaa224@hotmail.com
أكثر ما أثر فى وأبكانى منذ إندلاع الأزمة الليبية وحتى الآن ليس فقط هو هذا القصف والإجرام الوحشى الذى يتعرض له الشعب الليبى ،بل هو إكتشاف معدن الشعب الليبى نفسه ،الذى أبهر الدنيا بشجاعته وبسالته الفائقة وإصراره وعزيمته فى مواجهة أكثر الحملات دموية من حاكم ضد شعبه ...وأبهرنى وأبهر غيرى كذلك أبناء ليبيا وقياداتها ورموزها الذين أصبحنا نطالعهم مبهورين بوطنيتهم وصدقهم وثقافتهم ،وكأننا نكتشف شعبا جديدا لم يكن له وجود من قبل ،رغم قربه الجغرافى الشديد على حدودنا الغربية .
ولاغرو فى ذلك فقد طمس الزعيم الليبى معمر القذافى الذى حكم وتحكم فى مقادير ومقدرات بلده على مدى أكثر من أربعين عاما صورة شعبه ،حتى أصبح كثيرون لايعتقدون أن فى هذا البلد بشر يعقلون ويتألمون ويأملون لوطنهم كباقى شعوب الدنيا ،وقد كان لايطالعنا من ليبيا حتى وقت قريب قبل إندلاع الثورة سوى أصوات مشوشة ووجوه ممسوخة تتحدث عن الكتاب الأخضر وتشيد بإنجازات الزعيم المعجزة قائد الثورة والزعيم الأممى وملك ملوك أفريقيا كما أراد لنفسه أو أوهمها ....وفى ظل سفه القائد الأممى فى إنفاق أموال الشعب الليبى وتبديد ثرواته على طموحاته المجنونة ومغامراته الرعناء وأفعاله الإرهابية ضاعت صورة ليبيا وتشوهت صورة شعبها وأصبحت البلد فى عهده غير السعيد مقرونة بالإرهاب والحروب التى شنها القذافى فى كل إتجاه ،حتى لاتخلو أى مصيبة أو كارثة فى الدنيا من غير مبالغة من تدخل للقذافى فيها بشكل أو بآخر .
وقد وجدت مشاعرى هذه تماثل مشاعر الأطباء المصريين الذين تدفقوا على ليبيا منذ بداية الأزمة فى 17 من الشهر الماضى أو بالأحرى العدوان الوحشى على ثورة الشعب الليبى ،إذ لم يتمالك الأطباء المصريون الذين دخلوا ليبيا يحملون أرواحهم على أكفهم لنجدة وإغاثة إخوانهم وأجهشوا بالبكاء فى أحضان إخوانهم الليبيين فى كل مكان ،وكأن كل منهما يكتشف الآخر ،بعيدا عن هذه الأنظمة التى حجبتنا عن بعضنا البعض طويلا ،وشوهت صورة كل شعب على حدة ،عاد الأطباء المصريون يحملون مشاعر الحب والإعزاز والفخر تجاه أشقائهم فى ليبيا ،وكذلك يحملون شعورا عظيما بالمسئولية عنهم ،ويؤكدون على ضرورة الوقوف إلى جانبهم لحمايتهم ونصرتهم وتعزيز أوضاعهم ،عادوا وهم يحملون فى قلوبهم صورة كبيرة لأحفاد عمر المختار وكل المجاهدين الأبرار فى ليبيا العظيمة الذين جاهدوا وقاوموا الإستعمار الإيطالى الفاشى الشرس ودفعوا الغالى والنفيس من أجل إجلائه ،وهاهم اليوم يعيدون الكرة ثانية ،بقلوب يملؤها الإيمان وأرواح تتوق إلى الخلاص من القهر والإستبداد ،وهم يوقنون أن دماء شهدائهم الزكية ستكتب نهاية الطاغية وأبنائه وأعوانه ،وتخط الطريق نحو فجر جديد طال إنتظاره .
آخر الكلام :
يقول الشاعر فاروق جويدة :
ارحل وعارك فى يديك
لاشىء يبكى فى رحيلك
لاشىء يبدو فى وجودك نافعا
فلا غناء ولاحياة ولاصهيل
وأضواء الشوارع أغلقت أحداقها
ووجه الصباح مكتئبا
وأحلاما بلون الموت
ارحل هذى سفينتك الكئيبة
فى سواد الليل تبحر فى الضياع
تمضى وحيدا فى خريف العمر
لاعرش لديك ...ولامتاع
لا أهل ..لا أحباب ..لا أصحاب
لاسندا ..ولا أتباع
كل العصابة تختفى صوب الجحيم
وأنت تنتظرالنهاية ...
بعد أن سقط القناع