مضامين خطابات السلطة المنهارة واللاحقة … بقلم: د.الفاتح الزين شيخ إدريس

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اجتاحت البلاد العربية ثورات عاتية قضت على كل براثن الظلم والقهر والاستبداد وقلعت جذور حكام ظنوا أنهم لن يقدر عليهم احد اقتلعتهم اقتلاعاً بذلة وسخرية أصبحت الآن تبث يومياً معلنة عن زوال طاغية لا بارك الله فيه ولا بارك الله في كل ظالم والملك لله والحكم لله ينزعه ممن يشاء نزعاً كخروج الروح من الجسد ، إن الطغاة مهما تجبروا وتسلطوا يمد  المولى لهم مدا وعندما تأتى ساعة الخروج المهينة يصبح صاحب الصولجان في غيبوبة وكأنه لم يجلس على كرسي الحكم لحظه . صيحات أطلقها الحكام الذين ذهبوا والذين في طريقهم تمثل هوس السلطة القائد الاممى بدت صيحاته متقلبة لايصدقها هو نفسه ويصر أنه ليس بقائد وأن السلطة لدى الشعب أمر غريب مريب في تفكير هذا القائد الملهم وفى الجنوب تأتى صيحات سعادة الصول بصوره ليست اقل غرابة من سابقيه إنها نشوة السلطة ونزوة المتسلط ورغم ذلك من الغريب تتقارب مضامين الخطابات التي جاءت على ألسنة الحكام الذين آلت سلطتهم إلى الانهيار وأصبحت حقبه تاريخية سيئة للقيادة العربية الطويلة التي تصيب صاحبها بتخمة لا فكاك منها ابداً . أنظمة زالت وأخرى تنتظر دورها لمواجهة ثورة شبابها وشعوبها ضد سياسات الظلم والفساد الذي أصبح من أهم مميزات الحكام العرب فالشعوب شعارها واحد اتفقت عليه كل الثورات السابقة والقادمة هو الشعب يريد إسقاط النظام أو إسقاط الرئيس ورحيله وهذه الشعارات لها معنى واحد في كل الثورات لان النظام هو الرئيس والعكس كذلك وجميعها تعبر في النهاية عن الاستبداد والفساد والظلم والغبن وهذا يعنى بالطبع مقومات الثورة . الأنظمة ركزت في خطاباتها على حزمة من القضايا الأساسية يأتي في مقدمتها اتهام الفئات المعارضة لها بأنها مدعومة بسند خارجي يصوره الحاكم كيفما شاء أي كل القادة الذين رحلوا اكتفوا بإشارت عامة عن الدور الخارجي في دعم الثوار وفى إدارة التمرد الشبابي والشعبي وهذا الأسلوب ادخل الحكام في حالة من الهستيريا التي جعلت بعض القادة يقولون قولاً يوضح ضحالة فكرهم السياسي والادارى مما يجعلك على يقين بأننا في مؤخرة العالم "فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمت أهل البيت الرقص والطرب " بل آخر تصريح سمعته من رئيس رحل يقول فيه أن هذه العمليات تديرها غرفة عمليات أمريكية بتنفيذ اسرائيلى  . المسألة الثانية المشتركة في خطابات السلطة المنهارة اتهام الثوار بالتخريب بل وصل ابعد من ذلك باتهامهم بالارهابين من جماعة القاعدة . كذلك من مضامين هذه الخطابات تركيز السلطة على تحميل معارضيها ما يلحق بالبلاد من أضرار اقتصادية وسياسية ومنهم من يحملهم مسئولية التدخل الخارجي وتقسيم البلاد والحروب الاهليه علماً بأن كل ذلك صنعه القادة واختزنوه في صدور شعوبهم ولا يعلموا متى خروجه ؟ وماهى غايته ؟ مع ملاحظة أن القادة استهانوا بمعارضيهم وبشعاراتهم وأهدافهم وعندما اشتدت جذوة الثورة بدأ أسلوب التهديد والوعيد ثم غاب عقل الساسة وبدأ الانفعال شعارهم واضح في كل القادة في مخاطبة شعوبهم . كذلك ظهر مضمون اتفقت عليه كل الثورات حينما ينجلي النور وتنهار قوى الحاكم ينفض السامر من حوله ويصبح الحاكم كجنازة غبرت وانفض الناس عنها بمعنى يصبح وحده لا رفيق ولا خليل حتى القوات النظامية تلفظه ويتضح كذلك في أن رجال القوات النظامية عسكرية وأمنية ينضمون للثوار وهذا بالطبع أمر طبيعي فهم جزء من المجتمع يعانوا كما يعانى غيرهم من المدنين مما دفعهم للتضحية بأنفسهم وأرواحهم لخدمة الثوار هذه أمور محيره شملت عدة مضامين اتفقت عليها كل الثورات وأصبحت تتطبق بوتيرة واحده نهايتها رحيل البطل . إضافة إلى مضمون آخر فيه الكثير من الدهشة هو كل هؤلاء الحكام فازوا بانتخابات رسمية دافعوا عن نزاهتها وحيدتها ومنهم من قال والله لا اطلب حكماً مزيفاً ولكن للأسف خرجت كل الشعوب غاضبة تعبر عن صوتها الحقيقى بخروج الرئيس وعليه تكون الانتخابات الرياسية صوره من صور الفساد الذي قامت من اجله الثورات وهى صناعة التطبيل التي أوهمت الحكام بأنهم  تحت مظلة وحماية الشعوب والحمد لله وقفوا على حقيقة أمرهم وقفوا على حقيقة حكمهم وجورهم وظلمهم . واختم حديثي بأن لكل شيء نهاية حتى الأقوياء لهم نهاية يقول عز من قائل "ولكل امةٍ أجلٌ فإذا جاءَ أجلُهُم لا يستأخِرُون ساعةً ولا يستقدِمون" لكل امة اجل محتوم معروف لان الباطل أن لم يعض الناس عضاً جعلهم يصرخون فهم لا يستشرفون إلى الحق ولا يتطلعون إليه . والألم وسيلة للعافية لأنه يؤكد للشخص بأنه في وضع غيرطبيعى لذلك على المظلومين أن لا ييأسوا لان الظالمين لهم أجل في القوة بل في الحياة نفسها ينتهي بمجيئه وبانتهاء مهمتهم في الحياة والتاريخ يبين أمماً وحكاماً وقادة بلغوا من القوة مبلغ حكموا شعوبهم ثم بعد فترة من الزمن حل بهم الضعف  والوهن والهوان بل حكمهم ضعاف استضعفوهم من قبل وأهانوهم وأذلوهم فإذا جاء اجل النهاية فلا احد يستطيع تأخير الرحيل لان هذا التوقيت في  يد قيوم الكون والقادة والحكام لا يستطيعون تعجيل أو تأجيل أجل النهاية .

Elfatih eidris [eidris2008@gmail.com]

 

آراء