أقاصي الدنيا (59) حيرتني دارفور
محمد محمد خير
24 May, 2011
24 May, 2011
ذات منام حلمت بأنني رزقت بولد وهذا أمر طبيعي يمنحه الله لكل ذكر قادر على الإرسال ولم يتوقف بثه إلا إذا انقطع التيار الكهربائي ، لكن الغريب في ذلك المنام أنه كان يجسد واقعا متخيلا إذ أن أصغر أبنائي يبلغ من العمر (23) عاما يدرس الإعلام بإحدى كليات ( الميديا ) بمدينة تورنتو إضافة إلى أن طبيب العائلة الدكتور غانم إدريس عبدالسلام ( الحازمي العدنان ) نسبة للحوازمة الطبيب السوداني الذي تقع عيادته بغرب تورنتو وهو نطاسي يشهد على براعته كل مرتادي مركزه الطبي من الصوماليين الذين تسببت الحرب الأهلية الدائرة هناك في إصابتهم بأمراض استعصت على فقه الطب الكندي فاستل غانم من شاربه العلمي سيفا استأصل به شأفة العلة الصومالية فطابوا وباتوا يلهجون بالثناء .
قطع غانم قبل سنوات بأن الزوجة حين تتجاوز الخمسة وأربعين عاما يصبح أملها في الإنجاب كأمل التجمع الوطني في الانتفاضة الشعبية المحمية الواسعة ومنذ ذلك الحين اكتفيت بما قسمه الله لي من ولدين وبنت واحدة بيد أن التجمع ما زال يحلم بالشهب الشريفة ورضيت بأن أكون (مقلا) في الانجاب وفي الشعر.
حلمت تلك الليلة بقدوم ذلك الولد المستحيل الشبيه بهاملت والأكثر شبها بسرحان محمود درويس الذي يشرب قهوته ويضيع وحلمت بأن ( نسيبتي ) الحاجة طيبة محمد علي التي توفيت قبل عشر سنوات تزغرد حتى تلمع شلوخها المطارق ويتهدل لحمها الثقيل وتصيح بي ( مبروك الوليد يا أبو الزبير ) ويمضي المنام والتفاصيل على ذمة الحلم رأيت زوجتي ممدة يتكور أمام صدرها باستقامة الطفل ، كان شديد الشبه بالشفق وبه مس من غموض الأصيل ، صيغة بشرية تنوس بين التأسي والانبهار وهنا ابتسمت سعاد فضجت أسنانها بذلك اللؤلؤ الذي ظل يسهدني !!
امتلأ المنزل بإخواتي وخالاتي وبناتي وأبناء عمومتي وببعض رجالات الأحزاب الكثيرة التي تركتها وزملاء المعتقلات وكتاب الأعمدة وبوفد رفيع من المؤتمر الوطني وباليوناميد واليوناميد وكان من بينهم الوسيط المشترك ومركز الخاتم عدلان وبشلة من جزاري الفتيحاب مع قطعان من الخراف ( النضيفة ) ميزت من بينهم حامد الدواشي يصيح بي ويزج بالخراف ( يلا يا محمد صل لربك وانحر ) !!
وسط هذا الجمع المختلف المشارب والاتجاهات والأغراض هب الطفل الذي ولدت عن طريق المعجزة ولبس ( عراقي وسروال ) وتقدم نحو هذه الجموع ففروا جميعا وزهلوا أما أنا فأصبت بحالة تنتمي لبعض ملامح الموت وتتشبث ببرق الحياة ، كان قلبي يلقط النبض المجفف كالحمامة وكل و ما بين جسدي جمر يطوف !!
اختفى الوليد واختفى كل من حضروا من رجالات الأحزاب والصحافة وكتاب الأعمدة ومراكز الاستنارة والجزارين وبقيت أنا وزوجتي والخراف وظللنا على هذا الحال لأسبوع كامل ، كان المدهش لي في منامي أن الصحافة لم تنشر هذا الخبر المرعب ولم أقرأ عنوانا يحمل ( الطفل المعجزة ) لأي كاتب عمود أما القوى السياسية فقد لاذت بصمت غريب كأنها ترتب لفترة انتقالية.!!
وفي ذات المنام عاد طفلي وكنت لحظتها أواسي زوجتي في الهزيع الأخير من الليل فإذا بالباب يطرق بأصابع حليبية وحين فتحته وجدت الوليد الشفقي الأصيلي الغامض ضممته لصدري وبكيت وصحت به ( كت وين يا ولد ) فابتسم بلا أسنان وقال لي ( كت في دارفور ) ثم مضى خطوات مني والتفت نحوي وسألني ( أمي وين ) ( أنا عايز أرضع ).
Mohammed Ahmed [sudaninexile195@yahoo.com]