9 يوليو… صباح الخير يا وطني… سلمت
\\\\\\\\\\\\\\
8/7/2011
(1)
بلى كل ذي قولة قالها وكل اخي ميلة مالها
وكل طموح جموح الخيال اتيحت له جولة جالها
وما بدلت حاله حالها
ولا قيل عن شهقة يالها
عبد الرزاق عبد الواحد
(2)
كيف سيصبح الوطن غدا... هل منكم من يجرؤ أن يقول صباح الخير يا وطني... هذا اليوم قاتلت أجيال من السودانيين لكي لا تشرق شمسه... وقاتل فيه آخرون هنالك ليروا شمسه مشرقة. كان في أحلامنا وطن واحد... على أية حال.. الأوطان ليس حدوداً جغرافية متى تقلصت مساحتها تنقاصت في نفوسنا...
(3)
شمس الغد ستسلمنا لخريطة جديدة... وسيبدأ سودان جديد، لا بل سودانيون جددا... اختار السودانيون بكامل وعيهم وإرادتهم أن يكونوا في وطنَيْن.... وطنَيْن خيرٌ من وطن يطفح بالضحايا والدماء الغانية....
(4)
صباح السبت سيكون صباحاً استثنائيا.. ستملأ الدموع المآقي شمالاً حزناً على وطن تشظى وستملأ المآقي جنوباً فرحاً بوطن جديد... سيفرح الفرحون وسيبكي الباكون في وطن واحد وعلى وطن كان واحد وتلك هي المأساة!!. في كلا السودانَيْن سيبقى شعب السودان في وطنية يتذكر ذاك اليوم لأجيال قادمة.. وسيذكر قادمون أي حبٌ حمله الجميع لوطنهم كل بطريقته... ستملأ كتب التاريخ في ذاك اليوم وفي أيامٍ تالية بالاتهامات وسيتساءلون كيف زلزلت أرض السودان زلزالها في ذلك اليوم.
(5)
في صباح التاسع من يوليو 2011م سيُنكَّس علم السودان القديم ويُطوى ويسلَّم.... سيعلوا سارية ساحة جوبا علم لسودان جديد مولوداً للتو ولكنه - على أية حال - سيكون علماً تحت سماء السودان القديم المتجدد، لن يغير التاريخ وإن غير الجغرافيا.. بل ليس باستطاعته أن يغير الجغرافيا.... فسيبقى الشعبان جغرافيةً وثقافة... على خارطة ذات الوجدان وإن تبعثرت خرائط الأرض!!
(6)
قبل شروق شمس السبت... سيصلِّي أهل المنبر فجر الخلاص حاضرا... وعند الأذان سيرفع المؤمنون بزهو أوطانهم ووحدتها... أكفهم.... أنْ سلمت يا وطني - على أية حال -.
(7)
سيمر يوم السبت كما تمر أيام الله... وسيبدأ سودان الجنوب يكافح قدره كما كافحت شعوب كثيرة أقدارها بعد أن تخطَّتْ عتبة الاستقلال.... سيواصل سودان الشمال مسيرته كما بدأها منذ آلاف السنين.... لقد عاش حيناً من الدهر بلا جنوب وبلا نفط وسيواصل حياته لآلاف السنين قادمة.... سيبقى الجنوب ذكرى للشماليين بحلوها ومرها.... وسيذكر الجنوبيون بعد حين أي حبٍ حملناه لهم رغم كل شيء!!.
(8)
في ذاك اليوم سيهبط الزعماء السودانيون لآخر مرة في أرض السودان الكبير.... في الجو سيسرح الجميع في فضاء التاريخ ليذكروا ماذا فعلوا بالسودان طوال خمسين عاما.. ما حققوا وما أخفقوا وما فعلته صراعاتهم المتصلة بالسودان.... سيتذكرون كيف رفضوا للجنوبيين كياناً فيدرالياً ليكرهونهم على تقرير مصيرهم... سيذكرون مناوراتهم العقيمة واستهتارهم بكل اتفاق... سيراجعون أنفسهم قبل أن يهبطوا مطار جوبا لآخر مرة كزعماء في وطن كان موحدا!!
(9)
في أرض مطار جوبا المزدحم في ذاك اليوم سيذكر الترابي ندوته الشهيرة لأجل نُصرة الجنوب في أكتوبر، وسيذكر الميرغني أحاديث قرنق وصداقته مع مولانا... سيذكر المهدي مجادلاته المتطاولة مع قرنق حتى مغادرته التجمع الوطني وما بعده..... أما الرئيس البشير فذكرياته مع الجنوب لن تبدأ في يوم ولن تنتهي بنيفاشا. أما قرنق الراقد قريباً من ساحة جوبا... فلا يعرف ما إذا كانت روحه سترفرف سعيدة في سماء جوبا... أم أن حزباً دفيناً سيقلق منامها في صباح ذلك اليوم.
(10)
في ذلك اليوم سيحتفي الرؤوساء الأفارقة بميلاد دولة الجنوب وستعلوا الابتسامات وجوههم وستمتد الأيادي بالتهانئ على أن الحيرة والخوف سيربكان وجدانهم..... فآباؤهم المؤسسون طالما حلموا بوحدة إفريقيا، فكيف يحتفلون اليوم بلا حكَّة ضمير بتشظي أكبر أقطارها؟!. أما الخوف الذي سيجعلهم يرتعشون وهم يرتشفون الأنخاب... فعلى أوطانهم ومصائرهم سيخافون... فمثل هذا اليوم ليس عصياً على التكرار بذات السيناريوهات التي أدت إليه، فالمطالب القبلية والإثنية وجيوش حركات التمرد تكاد تعصف بدولهم الهشة..... يوم التاسع يبعث برسالة البصائر في المصائر لكل من ألقى السمع وهو شهيد من قادة إفريقيا ففي مثل ذلك اليوم عبرة لمن يعتبر!!.
(11)
في صباح التاسع... سأجرؤ وأقول صباح الخير يا وطني سلمت....
\\\\\\\\\\\\\