لم يكن الله إلهاً دكتاتورا لكنه كان متكبرا جبارا

 


 

 


الاستاذ علي يس لقد اطلعت على مقال لك في عمودك والذي جاء في صيغة حوار مابين ابليس ومحاوره والذي خرجت به من هذا الحوار خلاف لما خرج به بعض القراء وذلك انك اردت ان توضح (ابلسة ) ابليس ومكره للعظة والعبرة كما اردت ان تذكر الناس انهم في رمضان مع تصفيد ابليس بالسلاسل وجنده هناك بعضهم يظل يرتكب الجرائم ولا يراعي حرمة الشهر وقد وصف الله سبحانه وتعالى في الحوار بانه دكتاتور ووصف الملائكة بانهم انتهازيون وعملاء وسيدنا ادم بانه وضيع  لكن الاستاذ علي يس لم يوفق في انتقاء الكلمات واختيار العبارات التي تليق بالله سبحانه وتعالى وملائكته وسيدنا ادم،والذي خلق لبسا واشكالا تبادر لذهن القارئ و لعلي اوفق في هذا المقال في ازالة هذا اللبس والاشكال  وفيه نقول لم يكن الملائكة انتهازيين وما كان ادم وضيعا ولم يكن الله سبحانه وتعالى إلها دكتاتورا لكنه متكبرا جبارا  (هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له مافي السموات والارض وهو العزيز الحكيم ) سبحانه العليم الخبير القوي العزيز خلق كل شئ فأتقنه وشرع شرعا فاحكمه لا يتصور في الخيال وليس له كيف ولا مثال ولا زوجة ولا عيال لاجهة ولا مكان ولا يغيره زمان ولا تعتريه زيادة ولا نقصان لا عرش يقله ولا سماء تظله ولا تحجبه سماء دون سماء ولا يقال اين هو وكيف هو ولا يقال لماذا فعل ما فعل فأنه لا يسأل عما فعل له الاسماء الحسنى والصفات العلى يفعل ما يريد وتذل له العبيد فعله لا علة له وكونه لا ا مد له تنزه عن احوال خلقه ليس له من خلقه مزاج ولا في فعله علاج باينهم بقدمه وباينوه بحدوثهم وحقه على عباده ان يطاع ولا يعصى ويذكر ولا ينسى ويشكر ولا يكفر وحقهم عليه ان لا يعذب من شهد له بالوحدانية ويغفر لمن أذنب وتاب فمع اجتماع كل تلك الصفات الكبريائية القهرية السلطوية العلمية الاحاطية الجبروتية لله سبحانه وتعالى والتي تستلزمها الربوبية والتي لابد لكل من يدعي الالوهية والكمال ان يتصف بها وهي تزينه ولا تشينه  وما كان له أن  يستحي أن يقول العظمة ازاري  والكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما ادخلته النار ولا ابالي وتخلف أي صفة من صفات الكمال تلك تعني النقص والضعف والجهل والذي يستحيل على الله سبحانه وتعالى ومع كل الصفات التي ذكرناها لله سبحانه وتعالى فقد كتب الله على نفسه الرحمة وحرم عليها الظلم وبالعدل أقام السموات والأرض فكل ما يصدر من الله سبحانه وتعالى من قول اوفعل او أمر اونهي محفوفا بهذه  الرحمة مقيدا بالعدل لا ظلم  فيه ولا هضما حتى لو لم ندرك ما وراء هذه الاقوال والافعال والاوامر والنواهي من حكمة لأنه لا ينبغي لمن هو قاصر في عقله قاصر في علمه وسمعه وبصره ظلوم جهول  ان يسال الله سبحانه وتعالى عن افعاله فكل ما ذكرناه من صفات تقتضيها الربوبية والعظمة  والكبرياء تلك الصفات  لم تكن مانعة لله سبحانه وتعالى وله ذلك ان اراد لم تمنعه تلك الصفات ان يشير للملائكة وابليس ليس بمعزل منهم لاعلامهم واكراما لهم لا ليأخذ منهم رأيا يفيده فيما هو مقبل عليه لأن الله يعلم وهم لا يعلمون ما منعته صفاته ان يشير اليهم قائلا (اني جاعل في الارض خليفة )فجاء رد الملائكة استفهاميا وليس اعتراضيا وابليس معهم جاء ردهم (اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) فجاء رد الله تعالى (اني اعلم ما لا تعلمون ) وكان لله سبحانه وتعالى ان يكتفي بهذا الرد (اني اعلم ما لا تعلمون ) لكنه اراد ان يثبت جهلهم ويعطي مزيد من الحوار( فعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين )فكان ردهم (سبحانك لاعلم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم ،قال يا ادم انبئهم باسمائهم فلما انبائهم باسمائهم قال الم اقل لكم اني اعلم غيب السموات والارض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) حدث كل هذا الحوار وابليس لم يطرد ولم يعزل ولم يكن له اعتراض واضح على خلق ادم فجاء الامر بالسجود (فسجد الملائكة كلهم اجمعون الا ابليس لم يكن مع الساجدين ) فكان سجود الملائكة سجود طاعة وازعان وليس انتهازية كما قال ابليس في مقال الاستاذ علي يس لان الطاعة صفة ملازمة لهم وقد قال الله تعالى (ان الذين عند ربك لايستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) (لايعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ) اما ابليس كان رده على الامر الالهي(لم اكن لاسجد لبشر خلقتني من نار وخلقته من طين )(انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )فمعصية ابليس لم تكن في عدم السجود وحده بل نازع الله سبحانه وتعالى قي كبريائه وعظمته وعلمه فقالت الملائكة (انك انت العليم الحكيم )وابليس بتصرفه هذا كانه يقول (انا العليم الحكيم )لاني اعلم اني خير منه لانني خلقتني من نار وخلقته من طين وجهل ابليس ان مادة الصنع لجميع الخلق واحدة منذ ان استوى الله سبحانه وتعالى الي السماء وهي دخان وهو الايدروجين لكنها تشكلت حسب ما اراده الله والخيرية ليست في المادة ولكن فيما كان من صفات حسنة في تلك المخلوقات واهمها واولها  الطاعة له فالله سبحانه وتعالى لا يقبل الشرك معه او به ولا يغفره ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ولذا جاء رد الله سبحانه وتعالى لابليس (اخرج منها  فانك رجيم وان عليك اللعنة الي يوم الدين ) فالله سبحانه وتعالى مارس الشورى فعلا باشارته للملائكة في خلق ادم ومارسها قولا بان امر بها فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم  (وشاورهم في الامر ) وامتدح اهلها بقوله (وامرهم شورى بينهم ) وامر ان تكون الدعوة اليه بالحكمة والموعظة الحسنة ،فقال لنبيه( صلي الله عليه وسلم)(ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ) (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وامر بالقول اللين مع اشد الناس استكبارا وكفرا وهو فرعون فقال لموسى وهارون (اذهبا الي فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى ) والذي يفعل ذلك لايمكن ان يوصف بأنه ديكتاتور   فالله سبحانه وتعالى مارس الشورى وامر بها وامتدح اهلها لاحبا في ا ن ياتي احد ليثني عليه بانه ديمقراطي ولا خوفا من احد اذا تركها ان يصفه بانه ديكتاتوري لانه ليس معنيا بها اصلا ولانه ليس بحاجه لمشير او وزير من الذل وكبره تكبيرا وقد قال سبحانه (ما اشهدتهم خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا )فانه لم يشهد الخلق على ما فعل اويفعل مجرد شهادة ناهيك عن ان يشاورهم فيما يريد فبالله كيف يكون الكون اذا افسح الله سبحانه وتعالى لخلقه مجالا ان يجادلوه ويناقشوه في كل ما صدر او يصدر عنه من قول اوفعل   اوشأن وكل يوم هو في شأن فاذا حدث هذا لم يكن هناك كونا  ولبدأ الجدل منذ ان استوى الله سبحانه وتعالى الي السماء وهي دخان وقال لها وللارض ا ئتيا طوعا اوكرها فما كان لهما ان  يقولا اتينا طائعين ولو كان الناس يتعاملون مع الاوامر والنواهي الالهية ويسلمون بها ولها كما يتعاملون مع قوانين المرور واشاراته التي لم يشاركوا ولم يستشاروا في سنها لانصلح الحال ولتجنبنا كثير من الحوادث والكوارث .

ahmed altijany [ahmedtijany@hotmail.com]

 

آراء