مع النائب الأول …. ثلاثة مقابل واحدة!!
عادل الباز
14 December, 2011
14 December, 2011
في مؤتمر الإعلام الذي اختتم فعالياته أمس الأول بفاشرالسلطان بعث السيد النائب الأول برسائل متعددة لمن يعنيهم الأمر بحقل الإعلام. الرسالة الأولى دعا فيها لرفع مستوى الكفاءة والمهنية في أوساط الإعلاميين، والثانية طالب فيها الإعلام بالانضباط بأخلاقيات المهنة مشيرا إذا ما التزمنا اخلاقيات المهنة لن نحتاج لقوانيين صحافة .الرسالة الأخيرة هي تلك التي أعلن فيها أن سيوفهم مشرعة للقضاء على أي فساد يظهر .قبل أن نبدأ حوارنا مع سيادة النائب الأول نقول إن ما دعانا للرد على ما أثارة السيد النائب هو حرصة الذي لمسناه في أكثر من موقف على الإعلام بل وسعيه الجاد لترقية العمل في مناحية المختلفة. الأمر الثاني يتعلق بمصداقية الرجل فحين يتحدث علي عثمان عن محاربة الفساد فالأمر يختلف، إذ لم تعلق ثياب النائب الأول طوال عمره السياسي معارضا وحاكما شبهات فساد ولا عرف عنه أنه يقرب الفاسدين. ولذا تكتسب دعوته لدينا مصداقية وتستحق الرد عليها بما يليق بجدل مسئول بين صحفيين والمسئول الثاني بالدولة.
أما دعوتة لرفع الكفاءة المهنية واستخدام التقنيات الحديثة فهي دعوة لتطوير أدائنا الصحفي وهو ما يسعدنا أن يتهم السيد النائب بتطور المهنة الشيء الذي سينعكس بالتأكيد على مجمل الأداء الصحفي. فصحافتنا بالفعل تعاني تخلفا تكلنولوجيا مريعا. حتى اليوم بيينا صحفيون لايعرفون كيف يستخدمون الكمبيوتر ولا يعرفون فنون التعامل مع الإنترنت ناهيك عن استخدام طرائق البحث المتقدمة التي تتيحها الشبكة العنكبوتية. على أن هذه الدعوة سرعان ما تتعرض لسؤال حول: دور الدولة في تمليك الصحفيين ما يعينهم على رفع كفاءتهم المهنية والتقنية؟. مثلا ماذا لو انتدبت الدولة الصندوق القومي لدعم المعلوماتية بالإسهام في هذا الجانب متضامنا مع المركز القومي للمعلومات في تمليك الصحفيين أجهزة وتدريبهم على كيفية الاستفادة منها لتجويد أعمالهم الصحفية .هذه خطوة عملية بإمكان النائب الأول أن يوجه بها غدا فتنجز .الصندوق لا تنقصة الموارد ولا القدرة على تدريب الكوادر الصحفية.
الرسالة الثانية وهي دعوتة لصحفيين للالتزام بأخلاقيات المهنة. دعوة في جوهرها صحيحة ومواكبة في عالم يصرخ من تعديات الصحافة على الخصوصة الشخصية
( فضيحة التصنت في بريطانيا) للأفراد وإثارة النعرات والفتن وعدم التدقيق في قضايا حساسة فى المجتمعات ذات التعدد الإثني والقبلي ( رواندا نموذجا) .المشكلة أنني أحسست أن هذه الدعوة تستبطن اتهاما غير مباشر بأننا كصحفيين غير ملتزمين بأخلاقيات المهنة. والصحيح أن الصحافة السودانية في مجملها لم تتجاوز أخلاقيات المهنة بشكل يمكن دمغها بعدم الأخلاقية. صحيح أن هناك خرواقات وصحف تنزع للإثارة والفتن وهذه يجب أن يأخذها سيف القانون مباشرة ولن يتعاطف معها أحد صحفي أو غيره. إعمال القانون مهم لانضباط الذين يسعون لتشويه صورة المهنة وهم نشاز في الوسط الصحفي. للالتزم بأخلاقيات المهنة أبعاد أخرى متعددة تتعلق بالأوضاع الصحفية الاقتصادية والمرحلة التي تمر بها الصحافة كما لها ذات صلة بالتدريب المستمر إلى ما يجب أن يتعرض له الصحفيون. وذلك حديث يطول.
الرسالة الثالثة هي إعلان السيد النائب أن سيوفهم مشرعة لمحاربة الفساد .يبدو أن هذا الإعلان في هذا التوقيت مقصود في أعقاب تفجر الجدل هو قضية المستسار مدحت وتضامن الصحفيين في كسر حظر النشر .سيدي النائب إنا والله لنصدقك أن السيوف مشرعة ولكن السؤال الذي يؤرقنا متى عملت؟ ومتى ستعمل في رقاب الفاسدين!!. هل يعقل يا سيادة النائب اثنان وعشرون عاما والدولة ليس بها فاسد واحد يتعرض للمحاكمة “هي دولة ملائكة”. لقد أثارنا في هذه الصحيفة عشرات القضايا التي تتعلق بالفساد وبالمستندات ولكن لا سيف طال رقبة أجد أفراد العصابة الذين لا يزولوا يتبوأون مقاعدهم!!. ليس هناك قانون في الدولة مشرع لمحاربة الفاسدين !! الفساد في قوانين الدولة أن تدخل يدك في خزينة الشركة العامة وتنهب أموالها. أما إذا أنشأت شركة تتاجر مع الشركة التي أنت مديرها أو رئيس مجلس إدراتها ونهبت ملايين الدولارات تحت عنوان( أحل الله البيع) فليس هنالك قانون يمنعك أو يجرم فعلك. من هنا تسرب الفاسدون للشركات العامة ليؤسسوا حولها عشرات شركات للخدمات( 900 شركة) ليمارسوا النهب المصلح بحد قول السيد الرئيس!!.
سيدي النائب طالبتنا بثلاثة نطالبك بواحدة فقط. وهي أن تتمتع الدولة بالشفافية اللازمة في إدارة شئونها وقتها لن تجد صحافة تقتات من الشائعات لتضعف مهنيتها بل ستجدها عونا للدولة في محاربة الفساد لا لأجل الإثارة وتشويه وجه الدولة بل لغسله من أدرانه. وقتها يا سيادة النائب سيتضح حجم الفساد وإذا فتحت أنوار الشفافية سنرى جيدا ووقتها لن نحتاج لأن نقتل ذبابة بصخرة!!.
عادل الباز