الحرب ليست حلا!!

 


 

عادل الباز
25 December, 2011

 


25/12/2011م
السياسة هي الحل لا الحرب... سنظل نصيح في البرية ...الحرب ليست حلا  ونعلم أن "المكتولة ما بتسمع الصايحة" ولكن قدرنا مع هذه المهنة أن نظل (ننبح بلا سميع). المؤسف أن السياسيين في المؤتمر الوطني إذا ما التقيت بهم  فرداى اتفقوا معك أن الحرب ليست حلا ولكن إذا ما خرجوا للصحف ارتدوا عباءة (جوبلز) وأعلنوا أن الحرب هي وحدها الحل!!.لا أصدق أن إخواننا في المؤتمر الوطني فقدوا حاسة البصر البعيد!!.هم وحدهم من يعلم أن كلفة الحرب قاتلة وليست باستطاعة الدولة أن تمضي فيها بلا نهاية خاصة في ظل وضع اقتصادي خانق، خزينة بلا موراد كافية، وتنمية متوقفة، والبلاد بلا صادرات ترهقها الديون داخليا وخارجيا، فكيف يا ترى ستخوض الدولة حربا في خمس جبهات!!. بالحساب السياسي الواقعي إن هذا مستحيل بل هو انتحار رسمي، فهل فضل المؤتمر الوطني الانتحار بديلا عن الاستقرار؟. إذا عفى الله النظام من عواصف الربيع العربي فلماذا تشعل الدولة النار بجسدها عمدا؟!. أكاد لا أفهم هل تغيب هذه الحسابات السياسية البسيطة عمن عرفوا السياسية نصف قرن وخبروا الحروب لعقدين من الزمان!!. لا أظن، ولكن فيما يبدو لي أن هناك سببا قاهرا يجعل إعلاء الصوت السياسي في هذه الآوانة خطرا على تماسك النظام. ولكن إلى متى؟. الأخطر هو رؤية الحريق يشتعل والجميع ينظرون وهم يدركون المآلات والنتائج المترتبة عليه. الأخطر هو التحديق في المجهول وانتظار المعجزة التي ستوقف الحرب دون أن تكون هناك إرادة سياسية لوقفها.
يعلم السياسيون في المؤتمر الوطني أن حروب السودان وبطبيعتها لن توقفها إلا المساومة السياسية. لقد استمرت حرب الجنوب خمسين عاما وبالرغم من الإدانات التي تنهال على نيفاشا إلا أن عظمتها لا تزال تتوهج إذ إنها أوقفت الحرب مما سمح بالتنمية والاستقرار زهاء سبع السنوات. ولذا كان ينبغي  استلهام دروس هذه التجربة الفريدة بإفريقيا بدلا عن الانزلاق في أتون حروبات جديدة. طال الزمن أم قصر سيعود المتقاتلون لمائدة التفاوض لكن بعد أن تهدر الموارد وتفنى الآلاف النفوس ويخرب ما تبقى من السودان هذا إذا بقي هناك سودان أصلا!!.
يخطئ جماعة المتمردين إذا ظنوا أنهم قادرون على إسقاط السلطة بحروبهم العبثية وقتل الناس في المدن والقرى النائية وتخريب ممتلكات الدولة. تلك أفعال قطاع طرق ونهابين ولا تليق بشخص يحمل قضية يقاتل من أجلها. كل ما سيفعلوه أنهم سيعبئون أهل القرى والقبائل ضدهم وستصبح حروبهم بدلا عن أن تكون ضد السلطة ستتحول لحروب أهلية بينهم وبين القبائل التي نهبوها وشردوها وخربوا ديارها!!. انظر للهجوم العبثي الذي شنته حركة العدل والمساواة في شمال كردفان أول أمس، يا ترى ما هدفه غير ترويع الآمنين؟. ماذا أنجز هذا الهجوم غير تخريب أبراج الاتصالات!!. سيتحولون في تلك الأصقاع إلى أعداء بدلا عن أن يكسبوا تعاطف الناس!!. لقد وصل المتمردون أمدرمان فماذا كسبوا؟. لم يكسبوا شئيا ولن يكسب أحد من الحرب شيئا. لو أن متمردي دارفور يدركون المأزق الذي قادوا إليه قضيتهم لكفوا عن مواصلة تعذيب أهلهم. فالحرب يدفع ثمنها أهلهم في دارفور وليس سواهم. فقد المتمردون تعاطف كثير من النخب التي كانت تدافع عن عدالة قضيتهم. المجتمع الدولي بدا زاهدا في أي علاقة مع تمردهم الذي هو بلا سقف وبعث لهم من الرسائل ما يكفي ليفهموا أنه غير قادر لا على دعمهم ولا على تفهم مواقفهم. لقد أنكر المجتمع الدولي التحالف الجديد كونه يتبنى العمل المسلح، ثم أسمعهم مندوب الولايات المتحدة في المؤتمر الأخير رأي واشنطون صراحة. لم يعد هناك من يتعاطف معهم في الإقليم، انتهى القذافي وتوابعه. رغم كل ما يجري من تغيرات سياسية في العالم من حولهم ولكن لا يزال المتمردون يعتقدون أن السلاح هو الحل.... تالله ليس حلا!!.

عادل الباز

 

آراء