في الصورة والكتابة !!

 


 

منى أبو زيد
12 February, 2012

 



"كل رجل ليس وحشاً أو عالم رياضيات أو فيلسوفاً مجنوناً هو عبد لامرأة ما" .. جورج إليوت ..!
كان الفيلسوف اليوناني سقراط زوجاً عاطلاً عن العمل، يتجول في الشوارع بلا هدي، ويحدث الناس عن الفلسفة، ويعيش عالة على تلاميذه الموسرين، ويترك أسرته تعاني، الأطفال جياع، والزوجة تعيسة تكافح لإطعامهم، وهو مشغول بالتنظير ..!
لكن التاريخ ظل يذكر سلاطة لسان زوجة سقراط، وعدم تقديرها لعبقرية زوجها الفيلسوف العظيم، وكيف أنها صبت يوماً ماء الغسيل القذر فوق رأسه، وكيف كانت ردة فعله الهادئة "أبرقت ثم أرعدت ثم أمطرت!"، وصيته الساخرة لطلبة علمه الملتفين من حوله "لا بد من الزواج على أيه حال .. فإذا رزق الواحد منكم بزوجة حكيمة مخلصة غدا سعيداً، وإذا حكمت عليه الأقدار بزوجة شريرة مشاكسة أضحى فيلسوفاً " ..!
أما زوجة الأديب الروسي تولستوي فقد خلدت أضابير الأدب شتائم زوجها ونعته إياها بأقبح الصفات "لا أحد يستطيع أن يقول رأيه في زوجته صراحة إلا إذا احكموا إغلاق قبره!" .. وظل عشاق الأديب الفذ يشفقون عليه من تسلطها ويخلقون له ألف عذر، ولكن الذي يتأمل واقع الحال من زاوية تلك المرأة الأرستقراطية - التي وجدت نفسها فجأة وبلا مقدمات في العراء، تعاني مسئولية تأمين لقمة عيش أولادها شأنها شأن الفلاحين – سيجد نفسه أمام زوجة تعيسة تقاتل لتأمين مصدر دخل ثابت لأسرتها بعيداً عن دهاليز الفلسفة وأروقة الأدب وأضابير التاريخ التي لا تطعم خبزاً ..!
سيدة منعمة من أسرة أرستقراطية لم تخبر خشونة العيش التي ينادي زوجها بها، ولا تعرف كيف تحيا وأولادها في كنف نظام آخر غير الإقطاع الذي يحاربه هو بدءاً بأملاكه، ودونما تفكير فيما قد يصير إليه حال أبنائها الذين ترعرعوا في القصور وبين أقارب وأفراد أسرة القيصر ..!
لكن التاريخ لا يذكر لها سوى أنها خاضت حرباً شرسة للحفاظ على حقوقها وحقوق أولادها التي كان الأديب الكبير يقوم بتوزيعها على الفلاحين، تاركاً أولاده للذعر والمجهول ..!
معظم الناس الذين يلتفون حول الكاتب أو المفكر العظيم يرون فقط الجانب الفكري منه، ويسقطون ما عدا ذلك على رؤيتهم لجدارته بالتقدير والتعظيم والتهليل، ويستنكرون ما قد يصدر عن شريكته في مؤسسة اجتماعية مقدسة، لها إشكالاتها وقضاياها ومتطلباتها التي تجبر الطرفين على الاهتمام بشئون عائلية أكثر خصوصية وأقل اكتراثاً بما يدونه التاريخ ..!

منى أبو زيد
munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء