عدم الهجوع في جمعة لحس الكوع
سارة عيسى
30 June, 2012
30 June, 2012
في جمعة التاسع والعشرين من يونيو حدثت استدارت في تاريخ العمل الوطني في السودان ، ليس لأنها هي الجمعة الوحيدة التي عزف فيها رجال حزب حزب المؤتمر الوطني عن دخول المساجد لـتأدية صلاة الجمعة ، ولو فعلوا سوف تجدهم خائفين ويخشون أن يقطعهم الناس ، لكن الحدث المهم أن هذه الجمعة القت بظلالها على عيد الإنقلاب المشؤوم في 30 يونيو 1989 ، هذا العيد قضاه رجال الإنقاذ مثل عيد المتنبئ – في قصورهم – وهم يتابعون الحدث من خلال الفضائيات ، وهم في قصورهم يدعون الله تضرغاً وخشيةً بأن لا تنقلب الأمور وتخرج عن السيطرة كما حدث في ليبيا ، هذا هو العيد الوحيد الذي إنعدمت فيه مظاهر الفرح والإحتفال بالسيطرة على السلطة حيث يعرض عبد الرحيم محمد حسين قواته أمام الرئيس البشير ، فهذا عيد بلا فرعون أو هامان ، فلا سلم يرقيهم إلى رب السموات ولا عربة مكشوفة يتجولون بها بين الجماهير .
في صبيحة يونيو 89 كان يونس محمود يصف الشعب السوداني بالبطولة ، وفي يونيو 2012 وصف المشير البشير شعبه بأنهم شذاذ آفاق ، في يونيو 89 كان الرئيس البشير يتحدث عن سحق الحركة الشعبية عن طريق الجيش في الجنوب ، وفي يونيو 1989 قام المشير بتهديد المتظاهرين بأنه سوف يستخدم قوات المجاهدين لسحقهم في الديم والثورات وود نوباوي ، إنه اسلوب زنقة زنقة وحارة حارة ، فالنظام المتهالك لم يحتمل سماع صوت الشعارات التي تنادي بالحرية والعدالة ، فحتى المستشار نافع الذي اشعل بتصريحاته هذه الثورة توارى عن الأنظار ، ولعلهم أخرسوه حتى تهدأ الأحوال وتمضي هذه السحابة الممطرة سجيلاً وحمماً من السماء.
لم يبقى من أبواق النظام سوى ربيع عبد العاطي ، فهو اشبه بمسجلة الرد الآلي ، فلا زال يعتقد أنه في ليلة الجمعة منذ عام 1989 ، وربيع عبد العاطي من المستشارين الذين نجوا من التصفية والإبعاد بسبب إفلاس خزينة الدولة ، فحالة الصحاف في العراق وموسى إبراهيم في ليبيا لم تنتهي بعد ،
عندما قبض الثوار في رومانيا على السيد/شاوسيسكو وكريمته الدكتورة/أيلينا أخذوهم لغرفة الإعدام ، عندها سألت إيلينا الحراس : كيف يعدم الشعب أمه ؟؟ وكان القذافي يتحدث عن الملايين الذين سوف يدافعون عنه ، هكذا يتحول الطغاة بمرور الزمن في سدة الحكم إلى مرضى نفسيين ، ولقد اشفقت على الرئيس البشير عندما قال أنه تجول في شوارع الخرطوم ولم يجد سوى مواطنين قابلوه بالهتاف والتكبير ، عندها ايقنت أن الرئيس البشير قد اصيب بهذا الوهم ، فالرجل يعتقد أنه طفرة في الحياة البشرية لن تكرر ، أنه لا يعرف عن الشعب السوداني سوى جموع خانعة ومطيعة تهتف لقائدها في الصباح والسماء ، ونسى الرئيس البشير – حسب زعمه أنه رئيس منتخب بنسبة 74 % - فلو خرج هؤلاء ال 26 % إلى الشارع وفق العرف الإنتخابي ..فلماذا يكونوا شذاذ آفاق ؟؟ ولو كانت أعدادهم محدودة ولا تضير الحكم شيئاً فلماذا خرج البشير بنفسه ليتقصى عددهم ؟؟
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]