البشير وسلفاكير وهتلر وشامبرلين و23 سبتمبر ؟

 


 

ثروت قاسم
22 September, 2012

 


Tharwat20042004@yahoo.com


1 -  محاكمة الزعيم عبدالخالق محجوب !
في يوم الخميس 22 سبتمبر 1927 ، صرخ طفل عظيم وهو يلج دنيا البشر ، في حي ود المكي في امدرمان !
وفي  الساعات الأولى  من صباح يوم الأربعاء 28 يوليو 1971 ،  انتهت حياة   رجل  عظيم على حبل مشنقة سجن كوبر في الخرطوم بحري ... عن عمر يقل ب 56 يوما  عن  44 سنة !
كانت 16 ألف يوم و4 أيام  حافلة بالمثير الفريد  الخطر !
بالمقارنة توفي الإمام الأكبر ( عليه السلام ) عن 42 سنة ( 15 ألف يوم غيرت بلاد السودان )  ، والأستاذ العظيم  عن 76 سنة ،  والمهاتما غاندي عن 78 سنة  ، والقس مارتن لوثر كنغ عن 38 سنة !
نحتفل اليوم  السبت  22 سبتمبر 2012 ،  بعيد ميلاد الأستاذ عبد الخالق  محجوب   ال 85 ومرور 41 عاما على استشهاده  !
سأل السفاح نميري ، في غباء ،   الرجل العظيم  عبد الخالق في محكمة يوليو 1971 :
(  ماذا فعلت للسودان؟ )  ؟
قال الرجل العظيم :
(  قليل من الوعي ) !
وكانت تلك شهادته التي  سطرها التاريخ بأحرف من نور !
ثلاثة كلمات سارت بها الركبان  ، كما خمس كلمات صديقنا الأثير ابن العشرين (  طرفة بن العبد ) في زمن قصي ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود !

شاهد فيديو محاكمة الزعيم عبدالخالق محجوب ( يوليو 1971 ) على الرابط أدناه :
http://www.youtube.com/watch?v=EPBH5N9vZrw
وعلى الرابط أدناه :
http://www.youtube.com/watch?v=k1nz7CxzseM&feature=related
لنا لقاء مؤجل ، في حلقة قادمة ،  مع الزعيم عبدالخالق محجوب ، وغيره من الزعماء الذين  غمطهم التاريخ  حقهم ، وبخسهم بعض الناس أشياءهم !
2 - البشير وسلفاكير ؟
يذكرنا لقاء القمة بين الرئيسين البشير وسلفاكير ( أديس ابابا – الأحد 23 سبتمبر 2012 ) بلقاء قمة آخر حدث قبل 74 سنة ( اليوم باليوم )  في يوم الجمعة الموافق 23 سبتمبر 1938 في منتجع هتلر خارج مدينة  ميونخ في المانيا بين هتلر عزيز الألمان ، ونيفلين شامبرلين ، رئيس وزراء بريطانيا العظمى !
كان فشل لقاء قمة واتفاقية ميونخ إحدى أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية !
وصارت قمة ميونخ مرجعية مفتاحية في الدبلوماسة الدولية ، لتجنب عقد قمة بين فرقاء متشاكسين ، دون الأعداد القبلي الكافي لها ؟
بعد لعنة متلازمة ميونخ ، صار لقاء القمة بين الرؤساء ، أي قمة رؤساء  ، يتم عقده لمباركة ما يتفق عليه  ، قبليا ،  الخبراء والوزراء المعنيين ! يتم عقد لقاءات  القمم ،  (   خصوصا الثنائية )  للعلاقات العامة والبسمات وكاميرات التلفزيون ، وليس للمفاوضات حول التفاصيل ، حيث تقبع شياطين الإنس والجن !
فشل الخبراء والوزراء ، في مفاوضات  في أديس أبابا استمرت ، متقطعة ، لمدة 144 يوما ( منذ الأربعاء  2 مايو 2012) ، في التوصل الى حلول قطعية للمسائل المدرجة في قرار مجلس الأمن 2046! وكان الخبراء والوزراء ، وهم في أديس أبابا على اتصال يومي مع الرئيسين البشير وسلفاكير، بل توقفت المفاوضات ثلاث مرات لتمكن الخبراء والوزراء من الرجوع الى الخرطوم وجوبا ،  لأخذ الحكمة من أفواه البشير وسلفاكير !
هل يستطيع البشير وسلفاكير وبما يحملون من عصي سحرية تحاكي عصا موسى أن يحلوا ، في يوم واحد ، عقدا وغلوطيات عجز الخبراء والوزراء ، بمساعدتهما  المغتغتة ، من حلها في 144 يوم ، بعد أن أنتهت المهلة الثانية  ( السبت 22 سبتمبر 2012 )  التي حددها مجلس الأمن دون الوصول الي أي أتفاق نهائي ؟
دعنا نأخذ 3 عقد كأمثلة :
+   هل يتمكن الرؤساء البشير وسلفاكير في لقائهم يوم الأحد 23 سبتمبر 2012  من الإجابة على السؤال البسيط أدناه ... بنعم أو لا :
هل سيشارك مسيرية أبيي في الإستفتاء أم لا؟
سوف يفقد البشير كرسيه إذا كانت الإجابة بلا ، وسوف يفقد سلفاكير كرسيه إذا كانت الإجابة بنعم ... رغم أنهما من الطواغيت  ؟
في هذه الحالة ، هل سوف يتجرأ أي منهما على الرد على هذا السؤال القنبلة ، الذي لم يستطع الخبراء والوزراء الرد عليه في فترة ال 144 يوما الماضية ؟
وهل يقبل الرئيس البشير بأيلولة أبيي للجنوب مقابل ضمان مرور المسيرية للرعي في الجنوب دون الحاجة لفيزات لأبقارهم ، كما يقترح مبيكي ؟
+ حلف الرئيس البشير (بالتقطعو) بأنه لن يوقع على الإتفاق النفطي قبل الإتفاق على الملف الأمني ، حتى لا تدلق قروش النفط الجنوبي في عب مالك عقار وعبدالعزيز الحلو ودبجو وتور الخلا !
وحلف الرئيس سلفاكير (بالتقطعو) بأنه (ما عندو شغلة مع الناس ديل) ؟ رغم أنه لم ير أي قنابير على رأس الرئيس البشير ؟
كيف تحل ، يا هذا ، هذه العقدة ، في يوم واحد  ،  والتي فشل الخبراء والوزراء في حلها طيلة 144 يوما من المفاوضات ؟
+ عقدة شريط  الميل 14 جنوب بحر العرب ...  أبيي ( 2 ) ! الفرق فقط في ان القبيلة الشمالية المعنية هي الرزيقات ، بالأضافة الي أحتلال قوات سلفاكير للشريط  حاليأ ؟
ضغطت إدارة اوباما على الرئيسين البشير وسلفاكير للإجتماع في أديس أبابا للتوقيع على أي ورقة هوائية ، حتى تعطي مجلس الأمن مسوغا لتمديد فترة المفاوضات تمديدا ثالثا ، بدلا من قفل ملف المفاوضات وانزال العقوبات  ... القحة ولا صمة الخشم !
نتمنى أن لا يكرر الرئيسان البشير وسلفاكير في أديس أبابا  يوم الأحد 23 سبتمبر 2012 ، ما فعله هتلر وشامبرلين في ميونخ في يوم الجمعة 23 سبتمبر 1938 ؟
في هذا السياق :
+   سوف يقابل الرئيسان البشير وسلفاكير ، رئيس الوزراء الأثيوبي الجديد هايلي مريم ديسالقن ، الذي أعتمده  البرلمان الأثيوبي كخليفة لملس زيناوي يوم الجمعة 21 سبتمبر 2012 ! ويتفق المراقبون علي ان سياسة أثيوبيا تجاه دولتي السودان سوف لن تتغير برحيل ملس زيناوي ، الذي كان يكن كثيرأ من التقدير والمحبة للسودانيين !


+ رددت عنقالية من نواحي الدروشاب الآية الفاتحة في سورة النحل :
( أتى أمر الله ، فلا تستعجلوه ! سبحانه وتعالي عما يشركون ! ) !
نتمنى أن لا يستعجل الرئيسان البشير وسلفاكير أمر الله ، فيوقعان على ورقة تحاكي ورقة ميونخ ، تكون خميرة للحرب ، ولا تكون بلسما للسلام ؟
3 – كوديسا الصادق المهدي!

كتب الدكتور عبد الله علي إبراهيم مقالا بعنوان ( كوديسا الصادق المهدي ) ، أمسك فيه بجذوع الأشجار ، بل بأغصانها الدقيقة ، وصرف النظر عن النظر الى الغابة ! أدخل الدكتور عبدالله نفسه في جحر ضب التفاصيل  غير ذات الصلة ، فأغرقه شيطانها في  بحر لجي يغشاه موج من فوقه سحاب ، ظلمات بعضها فوق بعض !

قصدنا التعقيب على مقالة  الدكتورعبدالله ، حتى لا تشوش ، بما حملت من مغالطات ، على ذوي النظر والسائرين في الظلمة ، على السواء !

في اقتباسه للكوديسا ، قصد السيد الإمام  (  روحها) وليس تشابه الوضعين ، وبالتالي تشابه الحلين ، وقع الحافر على الحافر !  فالغافل من السابلة ، دعك من هرم كالسيد الإمام ، يعرف أن الوضعين مختلفان ، ولا يمكن تطبيق حل المشكلة في جنوب افريقيا  ، عميانا ، على المشكلة في بلاد السودان ، وبين دولتي السودان !

قصد السيد الإمام  المثودلوجيا والفكرة المتمثلة في التفاوض السلمي بين الأطراف السودانية  المتشاكسة للوصول الى حل سياسي وسلمي للمسألة السودانية !

رمى السيد الإمام الى سودنة المفاوضات السياسية بين السودانيين ، شمالهم وجنوبهم ، وداخلهما    ، وخطفها من الأجنبي الدخيل !

رأى السيد الإمام أن الكوديسا  (2 )  السودانية  ، تجنبنا أسمرة ( 2 ) ، أي اصطفاف  دولة الجنوب والمعارضة السياسية والمسلحة في جانب ، ضد نظام البشير في الجانب المقابل ، وبدون تواصل  وحوار بين الجانبين  ككلاب الشمع  ، بل حرب باردة وساخنة بين الجانبين !


اعتبر السيد الإمام الكوديسا ( 2 )  السودانية  كمفاوضات سياسية في اطار الخطة ( أ ) ، التي تستبق وتلغي :

+  الحاجة للخطة ( ب ) ، أي الإنتفاضة الشعبية السلمية وبدون تدخل خارجي !

+ الحاجة للخطة ( س ) ، أي استنساخ النموذج الليبي  ، الملطخ بالعنف والتدخل الأجنبي !

+  الحاجة للخطة ( ج ) ، أي صمة الخشم !

أعلاه ما قصده السيد الإمام بالكوديسا ( 2 ) السودانية !


لم يدخل السيد الإمام في تفاصيل المفاوضات  في جنوب افريقيا التي قادت الى الإنتخابات الحرة النزيهة والشفافة لكل مواطني جنوب افريقيا من البيض والسود ؛ ولم يقاربها بالحالة السودانية ! مع العلم بأن آلية عملية التفاوض المتعدد الأحزاب ، التي قادت للإنتخابات ( لكل مواطن صوت انتخابي )  والمصالحة الوطنية ، وأنهت الفصل العنصري في جنوب افريقيا ...هذه الآلية قد تأسست على المفاوضات الثنائية التالية للكوديسا ( 2 ) ، وقد تأسست المفاوضات الثنائية بدورها على  الكوديسا  ( 1 و2 )  الفاشلتين  !

إذن الكوديسا ( 1 و2 ) ، رغم فشلهما  في حد ذاته ، قد لعبتا دورهما في المصالحة الوطنية في جنوب افريقيا ، علي الأقل بتحديد نقاط الخلاف والأختلاف !

بحكمته ، لم يغرق السيد الإمام ويغرق غيره  ، ومثلهم معهم  ، في هذه التفاصيل  ، غير ذات الصلة ،  والتي تخص جنوب افريقيا حصريا !

أمسك السيد الإمام بسمكة جنوب افريقيا ونزع الشوك منها ، وقدم اللحمة الطرية لمواطنيه في بلاد السودان ! ثم جاء الدكتور عبدالله من اقصي المدينة يسعى معيدا الشوك لسمكة جنوب افريقيا !

ساء ما يفعلون !

كان يحسن بالدكتور عبدالله التقاط روح اقتراح السيد الإمام ، بدلا من اغراقنا في تفاصيل كان يمكن له أن يعطينا رابطها المذكور أدناه ، حتى لا يشوش على السائرين في الظلمة ! وربما يتذكر الدكتور عبدالله أن الكاتب النجم  فريد زكريا قد خسر موقعه وعقده الذهبي مع مجلة تايم الأمريكية لأنه قد نسي أن يذكر مصدره في مقالة من مقالاته ! وارتكب الدكتور نفس الخطأ عندما نسي أن يشير الى مصدره المذكور أدناه :

http://en.wikipedia.org/wiki/Negotiations_to_end_apartheid_in_South_Africa


لم نشأ أن نناقش محتويات مقال دكتور عبدالله بالتفصيل ولكن هناك ثلاث ملاحظات واجبة :
+ يقول دكتور عبدالله عن مشروع الفصل العنصري ( الأبارتيد) :
(  فهو تفرقة نص الدستور عليها لفصل جنوب أفريقيا إلى بلدين منفصلين للبيض والسود.) !
لم يقل الأبارتيد بفصل جنوب افريقيا الى بلدين منفصلين ، وإنما بأن يسكن البيض في العمارات والطائف ، ويسكن السود في أم بده والكلاكلات !
+ يذكرنا   دكتورعبدالله   أن السيد الامام متهم  عند البعض  :
(  ... بأنه ممن يكتفي بالعبارة دون العمل منذ أن استحدث في قاموسنا السياسي مصطلح "السندكالية" في الستينيات.) !
ومن ذا الذي كتب مانفستو ثورة اكتوبر 1964 ، وقاد المفاوضات ، مع أخرين ،  حتى رحيل الرئيس عبود الى منزله ؟
ومن ذا الذي كتب مانفستو انتفاضة ابريل  1985 ، وقاد المفاوضات ، مع أخرين ،  حتى رحيل  نظام نميري  ؟
هل هذه ( عبارات ) أم  هي ( أعمال ) ؟
أم أن الغرض  عند البعض أعمى ؟
ثم أن اختزال السيد الإمام للمسائل المعقدة في عبارة من عدة كلمات ... هكذا اختزال يوضح الصورة حتى لذوي النظر ، دعك من السائرين في الظلمة ! الم تخلد عبارة من 3 كلمات  ( قليل من الوعي ) البطل عبدالخالق محجوب ؟ الم تسير الركبان بعبارة صديقنا طرفة بن العبد  ( ويأتيك بالأخبار من لم تزود )  ، وهي من 5 كلمات ؟
عبارات السيد الامام تزينه ولا تشينه ، ولا يقول بها الا موسوعي الفكر والنظر !
+ قال الدكتور عبدالله :
وخلافًا لذلك فالإنقاذ، برغم صنوف التفرقة بين عناصر الأمة، قاتلت بالظفر والناب ليكون السودان، على نقصه، واحدا. وهي بهذا أشبه بالحركات الوطنية في سائر أفريقيا ... ) !
وهل بقي السودان واحدا ؟ وهل نظام البشير يشبه الحركات الوطنية الأفريقية ؟
قابلني يا دكتورعبدالله يوم القيامة العصر ؟

 

آراء