ملتقى كادوقلى التشاورى حول قضايا السلام. وسط مبادرات غير مكتملة ومخاوف حاضرة . بقلم: آدم جمال أحمد
بقلم / آدم جمال أحمد - سيدنى - استراليا
تحتضن مدينة كادوقلى حاضرة ولاية جنوب كردفان والعاصمة التاريخية والإستراتيجية لإقليم جبال النوبة فعاليات مؤتمر أهل أصحاب المصلحة بالولاية خلال الفترة مابين ( 6 -7 ) أكتوبر المقبل بمبادرة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى بجنوب كردفان ، والذى سوف يستمر لمدة ثلاثة آيام ، وتنظمه حكومة الولاية بمبادرة من حزب المؤتمر الوطنى الحاكم ، وبإشراف كامل من الوالى أحمد هارون وتحت رعايته ، ولقد إكتملت كافة الترتيبات الفنية والإدارية واللوجستية لإنعقاد مؤتمر ملتقى كادوقلى فى موعده المحدد له ، والهدف والغرض من المؤتمر هو إستصحاب أهل المصلحة والإستماع لآراء المجتمع لإشراكهم فى تجاوز كافة أشكال الحزبية الضيقة والقبلية البغيضة لأجل إنسان الولاية ، ويمكن أن يحقق لبنة أساسية للسلام فى الولاية دون أن ممارسة أى مؤثرات خارجية على المؤتمرين لرسم خارطة طريق ، وتهيأة أهل جنوب كردفان بمختلف شرائحهم لإستثمار فرص السلام.
بالرغم أننا أصحاب الفكرة ولنا الفضل والسبق وليس فخراً فى طرح فكرة إنشاء منبر لإقليم جبال النوبة للتفاوض ، ومشاركة أهل المصلحة من الولاية فى التفاوض بإعتبارهم أصحاب الوجع والمصلحة الحقيقيين ، وفك الإرتباط السياسى والعسكرى للحركة الشعبية مع دولة الجنوب والتمييز الإيجابى لجنوب كردفان على كافة المستويات ، والعمل لعقد مؤتمر حوار لأهل المصلحة يشارك فيه جميع أبناء ولاية جنوب كردفان ، دون إستثناء من أحزاب ومنظمات مجتمع مدنى وفعاليات سياسية وإدرات أهلية وقطاع الشباب والطلاب والمرأة وشخصيات بارزة وأبناء النوبة بالخارج لدورهم وتأثيرهم المتعاظم على مجريات الأحداث ن وتقديم دعوة للحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى ، وذلك بغرض توحيد رؤية أهل ولاية جنوب كردفان حول كل القضايا التى تهم الإقليم ، ودعوة للشورى لملتقى أهل المصلحة لبلورة توافق سياسى وإجتماعى حول قضية الحرب والسلام بالولاية ، ولكن المؤتمر الوطنى ومنسوبيه تعاملوا بذكاء فى تبنى هذه الأفكار وإنتسابها إليهم ، وحتى اللجنة التحضيرية لملتقى كادوقى برئاسة يوسف بشير لقد شكلوا وفداً قام بجولات ووجه دعوات لكثير من الجهات ، وخاصة رؤساء الأحزاب بالمركز وبعض الفعاليات والشخصيات لحضور الملتقى ، وأكد الكثير منهم سيشارك وسيقدم أطروحة ومبادرة بأمل فى أن تشكل دفعة إيجابية للملتقى والمساهمة فى حل مشكلة جنوب كردفان ، ولكن للأسف تم تجاهل سواء كان بقصد أو بدون قصد بعدم تقديم دعوة حتى لأصحاب الفكرة ولو من باب المجاملة ، وكذلك تم إستثناء وتجاهل متعمد لدعوة أهم شريحة وهم أبناء النوبة بالخارج والحركة الشعبية ، بإعتبارهم ركيزة أساسية فى محور عملية السلام والتفاوض ومؤثرين على مجريات الأحداث ، إذاكان الغرض من الملتقى هو توحيد الصف والرؤى والخطاب السياسى والإعلامى فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها الولاية ، ومحاولة توحيد الجهود لإنتشال الولاية من مأزق الحرب وجلب السلام لها ، والإستماع لصوت مغاير وأراء ورؤى لا تعبر عن مزاج ورؤية المؤتمر الوطنى ، كما إعتادت هذه الأحزاب والفعاليات بما فيها القائمين على أمر الملتقى واللجنة التحضيرية بأن لا ينظرون لمجريات الأحداث إلا وفق رؤية الحزب الحاكم ولا ترى المسائل وتعبر عنها إلا بعيون المؤتمر الوطنى ، فلا تسطيع أن تخرج عن المألوف ، فلذلك سوف تأتى كل هذه المبادرات وفق رؤية المؤتمر الوطنى ، فعدم دعوة أبناء النوبة بالخارج والحركة الشعبية يدلل عدم رغبة المؤتمرين فى الإستماع لرؤى تخالف ما تخطط له الحكومة ، فهؤلاء جمعيهم لا يستطيعون نقد ما يحدث خوفاً على مواقعهم ومناصبهم ومصالحهم مع النظام ، فإذا لم يتدراك أعضاء اللجنة التحضيرية للملتقى أهمية ذلك ، وإلا سوف يكون ملتقى كادوقلى التشاورى حول قضايا السلام ما هو إلا ديكور ومسرحية تراجوكوميدية وإستهلاك سياسى ، مثله مثل الملتقيات والمؤتمرات الكرتونية التى سبقته شكلية لا تعبر إلا عن رؤية حزب المؤتمر الوطنى الحاكم.
فلذلك نعتقد بإن فكرة ملتقى كادوقلى يجب أن تهدف إلى حشد الطاقات وإستنهاض الهمم ، وإذكاء لروح المبادرة لتهيئة المناخ الملائم لخدمة ولاية جنوب كردفان نحو السلام والوطن بجانب إستقطاب الدعم الشعبى والسياسى والدبلوماسى اللازم لتفاوض وللسلام فى جنوب كردفان ، وتحقيق السلام والإستقرار والتنمية المستدامة ، وترسيخ مفاهيم العمل الاجتماعى ومبدأ الشوري والديمقراطية والحوار علاوةً على تعظيم قيم التداخل الاجتماعي وتهيئة البيئة اللازمة بالإقليم ورتق النسيج الاجتماعي ، وخلق البيئة المناسبة لمؤتمر الحوار لأهل جنوب كردفان النوبى - وغير النوبى ، إذا أردنا بأن يكون ملتقى كادقلى خطوة في الإتجاه الصحيح ، والهدف الأسمى للملتقى أن يكون رأي أصحاب المصلحة بالولاية حضوراً في المفاوضات حول المنطقتين بأفكار كل أهل الولاية وذلك من خلال ممثلين يكونون جزءاً أصيلاً في عملية التفاوض بأديس أبابا ، يتوجب على اللجنة التحضيرية للمؤتمر إستثناء أحد وخاصة الحركة الشعبية والتى تم تقديم الدعوة لها مؤخرا على أستحياء بعض أن أعلن حزب المؤتمنر الشعبى عدم مشاركته بعدم تقديم الدعوة للحركة الشعبية ولأبناء النوبة بالخارج عبر مراكزهم ومنظماتهم وفعالياتهم المختلفة ، حتى تكون خطوة وتوافق نحو الإتجاه الصحيح تمثل تقدماً إيجابياً في اتجاه حل مشكلة جنوب كردفان ، لأن أهل الولاية بالداخل والخارج هم من يتولون عبء الدفاع عن جنوب كردفان ، ومن هذا المنطلق حريٌ بهم أن يوحدوا كلمتهم بوصفهم أهل الشأن وأهل الوجعة ، حقيقة إذا كنا صادقين كما يقول يوسف بشير رئيس اللجنة التحضيرية من الحزب الاتحادى بمشاركة كل أصحاب المصلحة من سياسيين وتنفيذيين ومنظمات المجتمع المدنى ، أكاديميين ، خبراء ، ومتخصصين وممثلين لأبناء الولاية بدول المهجر ، وتم تكوين لجان متخصصة من الأحزاب والقوى السياسية بمعاونة متخصصين من مركز دراسات السلم بجامعة الخرطوم ومركز دراسات السلام بجامعة الدلنج ، لضمان الإعداد الجيد للمؤتمر حتى يحقق الأهداف المطلوبة ، وسوف يتم مناقشة كل قضايا الولاية من خلال عدة محاور تشمل السياسى ، الأمنى ، الإجتماعى ، الإقتصاىي ومحور خاص بالدروس المستفادة ، ويتوقع المراقبين والمهتمين بشأن الولاية أن يمثل ملتقى كادوقلي إجماعاً سياسياً وطنياً عريضاً حول كافة قضايا الولاية ودعماً لمنبر التفاوض الجاري بأديس أبابا بين الحكومة وقطاع الشمال ، لخلق حالة من الإجماع الوطني للوفود المفاوضة من الطرفين فى سعيها لحل قضية جنوب كردفان ، ولكن يبدو أن ملتقى كادوقلى التشاورى حول قضايا السلام وسط مبادرات غير مكتملة ومخاوف حاضرة بهذه الشاكلة لا يعزز من فرص الحل سيما أنه لا يستصحب رؤية كل أهل الولاية قد تمضى بالأحداث إلى نقطة صفرية من الأحلام والأمانى ، لا تتساوى فيها الخيارات ولا تتماثل فيها البدائل مثل ريال ناظر القبيلة الذى دعى أعيان القبيلة ومكوكهم وشيوخهم وكان يحمل فى يده ريال (مدور) ، فقال لهم أنظروا لهذا الريال إنه معوج غير مدور ، رغم أن الريال مدور ، فمر عليهم جمعياً ، فوافقوه الراى فكل واحداً منهم يقول نعم والله هذا الريال معوج ، إلا آخرهم قال والله أنا فى نظرى هذا الريال مدور غير معوج .. لكن ما دام ناظر القبيلة قال معوج .. فإن هذا الريال معوج !!..
ولنا عودة .......
آدم جمال أحمد – سيدنى – أستراليا - 27 سبتمبر 2012 م
Adam Gamal Ahmed [elkusan67@yahoo.com]