(1 )
ذكر الاستاذ الطاهر حسن التوم لمحاوره للسيد ادريس عبد القادر كبير مفاوضي السودان مع دولة جنوب السودان ماقاله السيد ياسر عرمان من ان المنطقة المنزوعة السلاح في الترتيبات الامنية سوف تصطدم بالحركة الشعبية قطاع الشمال لانها تحتل جزء كبير من الحدود بين البلدين كامتداد لجنوب النيل الازرق وجبال النوبة , حاول ادريس الالتفاف على الاجابة بالقول ان اتفاقية التعاون بين البلدين افزعت الحركة الثورية واصابت التمرد في مقتل ثم عاد ليقول انه ينبغي ان يؤخذ كلام عرمان ماخذ الجد (كدا يا ادريس جيت في القاطر) من الذي يجب ان ياخذ كلام عرمان ماخذ الجد ان لم يكن كبير مفاوضي السودان ؟ هل سيد ادريس كان من انصار التفاوض المباشر مع قطاع الشمال ؟
(2 )
الواضح جدا ان الحكومة تعول على الترتيبات الامنية لتقليص فعالية قطاع الشمال فعلى حسب الاتفاق يجب ان يكف الطرفان عن الدعم المتبادل للمعارضين ثم يجب على جوبا فك الاتباط مع الفرقة التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي ويبدو في هذا الصدد ان ما اتفق عليه سرا يفوق المعلن بكثير لكن (المفاوض بيمسكوا من قلمه وليس من قلبه) نذكر الحكومة انها قالت قبل ايام ان هناك طائرات تهبط في كاودا وطائرات تسقط طعام واسلحة في المناطق التي يحتلها التمرد في جبال النوبة ونضيف هذة الطائرات ليست بالضرورة ان تكون قادمة من دولة الجنوب
(3 )
في تسعينات القرن الماضي استطات قوات السودان وبمتحركات صيف العبور ان تقضي على 90 % من قوة قرنق وحصرته في شروط حدودي ضيق وابدى قرنق لعلي الحاج رغبة ملحة لتوقيع اتفاقية سلام ولكن (الجماعة) اصروا على ان ياتوا بقرنق مقيدا للخرطوم فحدثت محاولة اغتيال حسني مبارك فانقلبت كل الاوضاع بما فيها العسكري وعادة الروح لقرنق فتمدد في كل الاتجاهات وعاد قرنق للسودان نائيا اولا لريئس الجمهورية مصوبا نظره للرياسة ذات نفسيها . كذلك بعد الاتفاق مع دبي قيل ان حركات دارفور لن تقوم لها قائمة وهاهي الان تهدد الامن والاستقرار في دارفور. فاعتبروا ياولي الالباب بهذا التاريخ القريب
(4 )
الحكومة في حاجة لانهاء الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ليس لاستطعام اتفاقية التعاون مع الجنوب بل لان هناك مواطنون سودانيون يموتون حربا وجوعا , حكومة الجنوب محتاجة لانهاء الحرب في المنطقتين ليس بدافع قصة الريدة القديمة انما لاستقرار جوبا ذات نفسيها من تفلتات العساكر المسرحين والمستوعبين , قطاع الشمال في الحركة الشعبية محتاج لانهاء الحرب في مناطق سيطرته ليس لانه فقد دعم دولة الجنوب المباشر والقوي بل لانه يجب ان يحافظ على وجود عضويته العضوي فالموت يغيب حتى قضيته فرياح السلام هبت من جميع الجهات فمن يعاكسها سوف يدفع الثمن غاليا
(5)منى ابو زيد
«إياك والخلط بين الحركة والفعل» .. إرنست همنغواي ..!
قراءة التاريخ تقول إن لكل المصائب والكوارث الاجتماعية، والمآلات الاقتصادية والسياسية إشارات أو مقدمات، تنذرنا قبل وقوعها بشيء من «القرقعة»، ونحن أمامنا اليوم ثلاث إشارات مقلقة (صور سالبة تحمل معولاً ما بمباركة الحكومة، بل وبسعيها الحثيث إلى تعميقها) أولها مساعي بعض الانفصاليين القدامى نحو «طلبَنَة» المجتمع بعد تقرير مصير الجنوب، وإصرار فقهاء الحكومة على تسييس الأحكام الشرعية، وأدلجة الفتاوى الدينية ..!
وثانيها تفاقم مظاهر أبلسة الآخر، وتعميق نعرات الصفوية القبلية، وأوهام النقاء العرقي، بمباركة الحكومة الرسمية لهذا النهج، في صور شتى، ليس آخرها العروض المسرحية لمبايعات القبائل للحكومة، وبيانات التضامن والتأييد بأسماء الزعماء والمشايخ والسلاطين، بقيادة بعض السادة المسئولين الذين يشكلون نماذج عنصرية تستحق الدراسة، إلى آخر ذلك الغبار السياسي الكثيف والمزعج حقاً - وإن بقى في النهاية مجرد غبار، لا يفسد طهارة ، ولا ينقض بيعة - ..!
هذه «المناظر» كان الشعب يتابعها بمزيج من السخرية وطيب الخاطر، لولا أن تلك الكوميديا قد تحولت اليوم إلى دراما عندما اكتسب صوت العنصرية شرعية سياسية بعد انفصال الجنوب..!
أما ثالثة الإشارات، فعمق واتساع الفجوة بين التصريح السياسي والواقع الاقتصادي، وإدارة البلاد بأكملها بطريقة المسايرة والتبرير، مسايرة التجاوزات المهلكة والقرارات الكارثية، وتبرير الفساد الإداري والأخطاء السياسية القاتلة، واتساع الفجوة بين التنظير والتطبيق، والمجاهرة بعدم احترام عقل المواطن، ومظاهر النفاق وتزييف المنجزات .. إلخ .. تلك السلوكيات التي بات الشعب يقابلها بمزيج من القرف والإحباط ..!
هذه ليست مجرد صور زائلة أو أحوال مؤقتة، ستمضي إلى حال سبيلها، بل هي مقدمات جادة لكوارث قادمة، ما أن تحل على رؤوسنا حتى يقول السادة المسئولون ? بعد فوات الأوان - إنهم قد فهموا جوهر الفرق بين الهدوء والسكون ..!
أتساءل بجدية، هل يستخدم السادة المسئولون في بلادنا شبكة الانترنت ؟! .. ليس بالضرورة أن تكون لهم مشاركات في مواقع الحوار، أو أن تكون لهم صفحات بأسمائهم على الـ «تويتر» والـ «فيس بوك»، أتساءل فقط، إن كانوا لا يجدون الوقت لقراءة المتغيرات التي طرأت على سلوكيات «الشخصية السودانية» في الشارع العام، فهل يجدون ما يكفي منه للاطلاع على متغيرات حضورها النوعي ? المتفاقم - في العالم الافتراضي ..؟!
قوة الشعب السوداني تكمن في مقدرته الفذة على التأقلم، هذا صحيح، ولكن تعاظم إحساس الشعب بأن السلطة في بلاده تنظر إلى مشكلاته وقضاياه وفقاً لتفسير خاطئ لمفهوم الشعب الهادئ المسالم هو الخطر - القادم - على تلك المقدرة ..!
يقال ان السياسة لعبة قذرة وهي فعلا كذلك الا انها كنشاط انساني لايمكن تجريدها نهائيا من المشاعر الخيرة فرفع الحرج عن دولة الجنوب يتطلب من حكومة السودان ان تسعى لحل قضية المنطقتين سلميا وتحترم قادتها , رفع الحرج عن حكومة الخرطوم يتطلب من حكومة الجنوب ان لاترفع يدها عن المنطقتين فسحب بل تسعى لوضع السلاح فيهما نهائيا , رفع الحرج عن دولة الجنوب يقتضي من الحركة قطاع الشمال العمل على انهاء حالة الحرب في المنطقتين . اها تاني في شنو ؟
[aalbony@gmail.com]