فوز أوباما… صورة القيم
عادل الباز
8 November, 2012
8 November, 2012
قبل ان يذيع اوباما خطاب النصر فى اعقاب فوزه الداوى بالامس بعث عبر حسابه الشخصى بتويتر بصورة يظهر فيها وهو يحتضن زوجته «مشيل» بمزاج.تداولت وسائل الاعلام صورة تلك «الحضنة» بكثافة حتى غطت على أية صورة اخرى ومنها صورة الفرحة بالنصر التقليدية التى عادة ما تنشرها وسائل الاعلام باكرا للرئيس عقب الفوز مباشرة.
ماسر الاهتمام العالمى بتلك الصورة؟. التعبير عن القيم الامريكية كانت جوهر خطاب النصر ومحوره والصورة تشئ بذلك.
حين اطل اوباما على مسرح الاحداث بشيكاغو امس ظهرت بجانبه زوجته وهى تمسك ببنتيه وهى دلالة مهمة تتعلق باعلان الرئيس تمسكه بقيم الاسرة والاعلاء من اهميتها فى الثقافة الامريكية وهو ما ظل الامريكان يفاخرون به المجتمعات الاوروبية التى تعانى من التفكك الأسرى. من خلال تلك الصورة اراد اوباما ارسال رسالته الاساسية التى تؤكد انتمائه العميق للقيم الامريكية، وهو الذى ظل طيلة فترة الحملة متهما فى ولائه لامريكا.لم يواجه رئيس حملة تشكيك طالت دينه وأصله وقيمه وانتماءه لامريكا مثل ما واجه اوباما.كانت تلك رسالة اولى من اوباما وستتالى الرسائل المتعلقة بالقيم فى ذات السياق لتؤكد على جوهر ومعنى الصورة.
القيم الاخرى التى سعى اوباما وعبر اغلب مفردات خطابه لتكريسها هى قيم التشاركية والوحدة والمستقبل المشترك للامريكان، قال« قد نختلف في الرأي وقد يكون الاختلاف كبيرا جدا وهذه كانت الحال في القرون الماضية، لكن الاعتراف بأن أحلامنا مشتركة سيمكننا من حل المشاكل والوصول الى حل وسط للدفع قدما بالبلاد . لدينا دولة تملك ثروة أكبر من أية دولة، ولدينا أقوى جيش ، ولدينا ثقافة ولكن هذا ليس مصدر قوتنا ولا هي التى تجعلنا أقوى دولة، بل علاقاتنا مع بعضنا والحب والوطنية وهذا ما يجعل أمريكا عظيمة»..
قال اوباما معلقا على الحملتين الانتخابيتين له لميت رومنى «اننا قمنا بحملة شرسة ضد بعضنا ولكنها كانت تنافسا من اجل امريكا». من يجرؤ فى السودان ان يتفوه الان بمثل تلك العبارة.؟ هل يجرؤ احد ان يقول ان الحرب التى خضتها من اجل السودان؟او الانتخابات التى اجريتها من اجله او الاتفاقيات التى وقعتها من اجل بلدى، او مواقفى التى اتخذتها كلها كانت لاجل الوطن.انظر الان لاية قيمة من قيم السودانيين التى ظللنا نفاخر بها وتأمل ماحدث فى اى جانب سياسى اجتماعى ثقافى وسترى العجب.
في مقال نشرته له صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قال الكاتب روجين كوهين فى تأكيد ذات المعانى المتصلة بالروح الامريكية وقيمها « ان الروح الأميركية يمكن أن توصف بأنها تعني التجديد، وان الولايات المتحدة هي تلك البلاد التي تجد فيها القصص المستحيلة مكانا للكتابة، الروح الأميركية تعني التغلب على التاريخ، تعني الابتكار والتجديد، وتعني استيعاب هوية الناس في جو أكثر رحابة، وان الأميركيين أناس شرفاء، فهم لا يعنيهم مسقط رأس المرء، ولكن يعنيهم من هو المرء وما يمكنه فعله».
بغض النظر عما تعانيه امريكا من انقسام حاد الان فى مجتمعاتها دينيا واثنيا وعرقيا الا ان تلك الروح استطاعت ان تنتج امريكا قوية وامة عظيمة سادت العالم خلال قرن من الزمان ولازالت بها طاقات خلاقة بامكانها النهوض والاستمرار كدولة عظمى ضمن آخرين.
هل نحن كسودانيين بحاجة لاستلاف قيم تلك الروح اليوم؟. بالفعل نحن بحاجة لاستيعاب الناس والثقافات فى جو اكثر رحابة، بحاجة لمعانى الولاء للوطن والحب والتشاركية ، بحاجة ان نتغلب على تاريخ الحروب لنذهب سويا لفضاء اكثر امنا واستقرار.
اوباما ينظر باتجاه المستقبل ونحن معاركنا كلها فى الماضى ولاتورثنا حروبنا وصراعاتنا اية حكمة حتى انك تشك اذا ما كان انتماؤنا لوطننا حقيقياً أم مجرد «كلام ساكت»
adil elbaz [elbaaz40@gmail.com]
////////////